هُنا حيثُ يَستغيثُ الأقصى وتُجيبُ غَزّة، حيثُ الدّم عُربون صِدق ومَحبّة !
[01]
[ القُدسُ مَسرى الأرض مِعراج السّماء! ]
في القُدس انتِفاضةُ حَق لا لَبسَ فيها..
في القُدسِ باطِلٌ مَحض وحَقٌ خالِص والوقوفُ عَلى الصّراطِ بَينَهُما جَريمَة!
في القُدس الصّومُ رُغمَ الدّم، والرّباطُ رُغم العَجز، والجِهـادُ رُغمَ العُذر!
[ القُدسُ مَسرى الأرض مِعراج السّماء! ]
في القُدس يُؤثرون الإسعافَ عَلى أنفُسهِم رُغمَ خَصاصَة الاختِناق.
ويَتصَدّر "البَصَل" فيكونَ أصدَق المُناصِرين لمُجابَهَة الغاز والنّار!
في القُدس تقاومُ الأكُفّ برميِ الحِجارة، وتُقاوم العَدسات بنقلِ الصّورة لتُقيمَ الحُجّة!
وتُقاومُ الأرجُل بالكَرّ والفَر، والرّئِتان تَسعَى للجَنّة فيهِ قَبل القَلب!
في القُدس الحَياةُ رباطٌ وجِهاد.
أقلّها لتُجاهِد العَينُ بالنّظر، اللّسان بالدّعاء، واليَد بالعَطاء، والقَلب بالغصّة!
[02]
[ القُدسُ مَسرى الأرض مِعراج السّماء! ]
فإذا عَلا صَوتُ الرّصاص صوتَ استِغاثات المَآذِن فَما بقيَ لَنا!
وإذا سالَ الدّمُ عَلى عُكّاز مُعتَكِف فأي أورِدَة تَحمِلُ فينا الدّم!
وحيثُ يتخِذ الرّصاص الخاشِم مِن جَسد المَقدسي قِبلَة؛ فأي ردّ يكفِي مِن قِبلَة المُسلمين لتَسكُن!
للفاقِدينَ عُيونَهُم اليَوم في سَبيلِ طُهر مُقدّساتِنا أيّ الدّمع يكفيهِم لنُبصر!
إذا دُنّس المَسجِد فَعلامَ نَتَغنّ بكَرامَة الأعرابِ وشَجاعتهِم!
إذا صارَت مآذِن الأقصى إعلانات للحَشدِ والنّفير فكَم سَتحتَمِلُ جُدران مَساجِدنا نِفاقَ عَزائِمنا!
[ القُدسُ مَسرى الأرض مِعراج السّماء! ]
أيّ عُذرٍ للحَديد المَكنوز لساحات العَرض عَن الغياب في ساحاتِ الوَغى!
وأيّ حُجّة للعُقولِ المَفتونَة بِحماماتِ السّلام عَن حِمَمَ النّار والطّلقات!
وأيّ وِصايَةٍ ومُعاهَدَةٍ تُداسُ بأقدامِ الجُند لا تَتحرَّك لَها مَنصّات الإطلاق!
وأيّ دينٍ بقيَ للدُعاة والاجتِهادُ هُنا عَن " جَواز الإفطار عَلى طَريق الوصول للقُدس والأقصى" !
[03]
[ القُدسُ مَسرى الأرض مِعراج السّماء! ]
تَتعالى فيه راياتُ فَرح المُرابِطين.. وصَرخاتُ هلَع المارقين..
مَشهدان متناقضان تتلخّص فيهما حِكايَة الأرض؛ فصاحِب الوَطن ثابِتٌ يقدّم الروح رخيصَةً في سَبيل طُهرها..
والمارِق الغريبِ عن هذه الأرض يستأثر الهَرب، ويَحرصُ عَلى حَياة!
صاحِب الأرض يقدّم نفسَه قُدوة بالمُقـاومَة والرّباط، يتقدّم الصّفوف بصدرٍ عارٍ إلا مِن العزّة، ويدين فارغتين إلا من غُبار الجِهـاد؛ ثُم يستَصرِخ كُل من بقيَ في قلبِه مقدار ذرّة مِن عِز: ليكُن لكَ نُقطَة في بحر النّصرة والفَخر!
والمارِق يستَقوي بجيشٍ مُدّجج، وتفرّقه صافرات إنذار!
[04]
[ القُدسُ مَسرى الأرض مِعراج السّماء! ]
يتحرّى في سَماء الأرض أهل الاختِصاص قَمر شوّال، فيتعذّر رؤيته لنُتمّ شَهرَ رمضان 30 يومًا!
وفي ذاتِ اللّحظَة نُقلّب أبصارَنا نحوَ السّماء، نُبصرُ قمرَ العزّة بعيونِنا المُجرّدة، قمرٌ أشرق في تمامِ السّادسَة ولَم يَغِب نورُه، كانَ في موعِد الكرامَة المُقدّس، يَخرُج مِن قبّةِ عِزّه صواريخ كأنّها طَيرُ أبابيل، وسَماؤه انعكاس قبّة الصّخرة والمسجد القبليّ المحاط بأسوارٍ مِن شباب القُدس وبناتِه المُرابطين.
ونتحرّى نُجومًا طالَما تقدّموا الصّفوف للنّاس، ولَمعوا كَقدوَة على أرض الرّخاء!
بعضُهم تمّم الله نوره؛ فرصدناه عيانًا في صَف المُقـاومَة، ينتَصر للمَسجد الأقصى بما أمكنه مِن حَشدٍ وكَلمات، وقدّم ما ملكَت يمينُه مِن دعمٍ ودَعوات، قـاوَم ولَم يخَف في الله لومَة لائِم؛ فلَه مِن شعب التّحرّي كُل الحُب والدّعاء ما بقيَ على طريق الحَق وصِراط العَدالَة.
وآخرين انتابَهُم الخَجل، فتخيّروا من الحُروف أوسطها، يعوّلون أن نفهَم بواطِنهم إذ لم تُظهر ظواهرهم الجُبن والميل إلى الباطِل؛ فهؤلاء إلى الله مردّهم وهو حَسبُهم. ولهم علينا أمانَة النّصح والتّذكير أن السكوت عن الحَق لونٌ مِن ألوان الباطِل، وبهذا نكتَفي!
وفي ذاتِ السّماء تتساقَط بعض النّجوم كسفًا، ينسَلّ منها عصبُ العزّة والكَرامَة فتَهوي إلى الأرض لأن التّراب استحقاقُها، قومٌ اشتروا الآخرة بدنيا غيرِهم لتكون دُنياهُم غايَة!
أولئكَ الذين عادلوا بينَ صفّيّ الصّراع، وخاطبوا الظّالِم والمَظلوم مِن مسافَة واحِدة، تناسَوا عباءة الدّين والعُروبَة، تناسَوا مَجازِر الماضي ومحاولات تدنيس الأقصى المُبارَك؛ فلهم مِن التّاريخ اللّعنات، ومِن الدّنيا الخزيُ والعار ولَو بعدَ حين!
كُل عامٍ وهِلال الأمّة ترسمه صَواريخ العِز، ومَصابيحُه مُرابطو القُدس، وكُتّابُه أهلُ غزّة بصُمودِهم ورباطهم!
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات