هل يمكن أن يتحول النقص فينا أو خسارتنا لإحدى النعم .. إلى خير يعم بلدا كاملا ؟؟

موضوعنا اليوم عن شخص قام بحركة غريبة وخطيرة، لكن نجم عنها إنقاذ بلد بأكمله وأجيال متلاحقة من براثن الضياع ..

...

ظاهرة أطفال الشوارع سواء متسولين أو باعة جوالين أصبحت سمة عامة لمعظم البلدان العربية ودائما تظهر حملات دعم على السوشال ميديا لأحد هؤلاء الأطفال وتتغير حياة الطفل بعد مبادرة صغيرة ونشر صورته أو فيديو عن وتنهال عليه التبرعات لتحسين وضعه ..

هذا الموضوع ليس بالجديد وإنما حدث بطريقة غريبة وبمغامرة كبيرة في زمن ماقبل السوشال ميديا وكان الإعلام بشكل عام في بداياته .

القصة أنه في أحد أيام عام 1922 فوجئ أهالي مدينة بيروت باختفاء جميع الأطفال المشردين والمتسولين والباعة من شوارع بيروت وضواحيها وأهالي الأطفال صعقوا لاختفاء هذا العدد الكبير في يوم واحد. في اليوم التالي تبين أن خاطف الأطفال هو سياسي من أصل سوري يعيش مع عائلته في بيروت، قام بهذه الحيلة ليحضر أهالي الأطفال إليه وأنّبهم على إهمالهم وقال لهم "هؤلاء أطفالي وليسوا أطفالكم"واقترح عليهم حلا مناسبا، بأن يعطيهم كل أسبوع مبلغا يساوي مايحصله أطفالهم، بمقابل أن يلتحق الأطفال بالمدرسة العاملية التي أسسها مع بعض من زملائه .




هذه المبادرة قام بها السيد رشيد بيضون وشكلت انتفاضة على النظام الإقطاعي الذي كان سائدا، والذي كان يقدم مصالح ورغبات الإقطاعيين عن كل الناس ويعتبر التعليم حصريا لفئة الإقطاعيين ويبررها بأن "البيك" بيتعلم لأجل بقية الشعب.

وفي السنوات اللاحقة حقق السيد بيضون حلمه بتأسيس الكلية العاملية، وبعدها تم افتتاح 44 مدرسة في الجنوب والبقاع وجبل لبنان.أما السبب الذي اعتبره الناس دافعا لهذا الاختطاف الخيّر؛ أن السيد بيضون لم رزق بأطفال فاعتبر الأطفال المحتاجين هم أطفاله وتولى رعايتهم وتعليمهم .وبرغم إنه كان شاعرا ونائبا في البرلمان ووزيرا في 6 حكومات متلاحقة في لبنان إلا أن شهرته كانت بسبب هذه الحادثة وإنجازاتِهِ الشخصية اللاحقة بتأسيس الجمعية الخيرية العاملية والكلية والمدارس ..

لُقب رشيد بيضون بالمستنير على قلة العلم .. لأنه عاش عمره داعما للتعليم والتنوير رغم أنه لم يكمل تعليمه العالي بسبب ظروف سيئة في صغره، لكنه كان سببا بنشر العلم وإرسال البعثات التعليمية من كليته التي أسسها إلى مختلف دول العالم .

وقبل وفاته في أيلول سبتمبر 1971 اختار أن يدفن في باحة الكلية العاملية التي أسسها وعاش عمره يرعاها بمنطقة رأس النبع بالعاصمة بيروت .

السيد رشيد بيضون حول النقص في حياته وعدم إنجابه للأطفال إلى نعمة شملت آلاف الأطفال من عام 1922 حتى يومنا الحالي ..


ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات إيناس محمد

تدوينات ذات صلة