في مشاهد وصور مختصرة لرحلة الحياة، وما قد يعتريك فيها من عثرات وطفرات، والهدف من وجودك فيها، ومعرفة أُسُسها وكيفية التعامل معها، بحكمة وذكاء،
كن على استعداد فقد بدأت الرحلة
كن على أهبة فأنت في بداية رحلتك، فهل أنت مستعد لها؟ سننطلق بك حالًا والآن، سننطلق بك في عالمك الجديد، إنها بدايتك لتكتشفها بنفسك وتصبرَ أغوارها وتغترف من دُرَرِهَا وتعرِف أسرارها، فأنت ربَّانُ السفينة،
وأنت من ركابها، وأنت القائد والمَقُود، وأنت الرئيس والمرؤوس، فستكون معنا في رحلةٍ رائعةٍ ممتعة، رغم ما قد يعتريك فيها من التعثرات، اطمئن ستجد فيها من يوجهك، من يرشك، ومن يدلك ويأخذ بيدك.
على خط الرحلة
على خط هذه الرحلة كن صبورًا ولا تستعجل، ولا تسأل كثيرًا، فقط أنظر وتعلم، ستعرف وتفهم كل شيء بأوانه، أعلم أنك متشوق لها، فدعني أخبرك عنها قليلًا، نعم سنطوف بك في عوالم وسترى فيها مآثر ومعالم،
وستُصادِفك عجائب وغرائب، وسترى فيها وقائع وحقائق، مفاجآت...وعادات، تقاليد وثقافات، سترى ما يعجبك ويسر ناظرك، وسترى ما يؤثر فيك ويكدِّرُ خاطرك، ففيها الأفراح والأتراح وفيها السعادة المفرطة، كما
فيها الأحزان المهلكة، هي رحلة فريدة عجيبة غريبة، ليست كأيِّ رحلة، ففيها ما يشُدُّ عزمك ويُلهمك ويُحمِّسك، وفيها ما يثني عزمك ويُبطِّئُك، ومرًةً تقرِّبُك ومرَّةً تبعدك،
بداية الرحلة
نعم أنت في بداية رحلتك، هكذا يقال لكل مولودٍ أطلقته أنَّاةُ وزفراتُ أمٍّ ولود، ليخرج لهذا العالم كمخلوقٍ جديدٍ ضمن رحلةٍ جديدةٍ فريدة، نعم هي رحلتك الجديدة وعالمك الموعود، الذي ستَخُطُّ فيه أثرك وستضع فيه
بصمتك، عالمُك الذي أقررت وقبِلت به منذ عهدك الأبدي، حينما قال الله عز وجل: «ألست بربكم»، قلت:«بلى» قلت بلى لتسطر عهدًا جديدًا وميثاقًا غليظًا على قيامِ هذه البشريةِ على وجه هذه البسيطة، نعم «إنّه
الإستخلاف» «إنّها الأمانة» فأي استخلافٍ هذا وأي أمانة؟ الاستخلاف شرف وتكليف والأمانة حزم وعزم،
فرحلتك هذه ليست سوداء وليست بيضاء بل هي مزيج بين البياض والسواد، وأنت من يقرر أ يَجعلها ليل أسود حالك أم نهار أبيض أبلج لامع، فكن جميلًا ترى الجمال وكن معطاءً ترى العطاء والحنان،
وكما أنّ لك في هذه الرحلة حقوق فاعلم أنه عليك واجبات، فعليك واجب العبادة والسمع والطاعة لله عز وجل والإحسان لعباده والتخلق بصفاته، ولك حق الحرية والكرامة والثوابِ على الحسنات والمغفرةِ على الزَّلاتِ
حين العودةِ والإنابة،
أثناء الرحلة
أثناء رحلتك هذه ستعرف ما الأرض وما السماء، وما الليل والضياء، ستعرف معنى الماء والهواء، معنى البشر والشجر والحجر، فكل هذه ظواهر من ورائها حقائق أن لها خالق، فلا تغرَّنك هذه الظواهر، فما هي إلا
مسالِكٌ للحقائق، كما ستعرف معنى الحب والجمال، والمال والجاه والسلطان، فهذه أيضًا ظواهر من ورائها حقيقة، أنها إلى زوال، لاريب ولا بأس أن تعيش هذه الظواهر وتستمتع بها، لكن لا تُعرِض عن حقائقها،
وكن متفهمًا لطبيعتك الإنسانية، فلا بدّ لك من بروزٍ وطفرات وكأنك الهمدنيُّ في زمانه، ولا بدّ لك من زلّات وكأنك الوضيع في أركانه، هكذا ستتقلب عليك الأمور من حال إلى حال، ومن مآلٍ إلى مآل، ستتوه كثيرًا وستبحث
عن الحقيقة مليًّا، نعم ستضيع وسط وأمام هذا الكم الهائل والمتراكم، من المعلومات والثقافات والشهوات والرغبات، لكن ستعود، من المؤكد أنك ستعود، ولكن كيف ستكون هذه العودة،
العودة من الرحلة
يا ترى ما الذي شكل هذه العودة؟ وكيف عدت منها؟ هل عدت قوي البنان شديد الأركان أم عدت هزيلًا ضعيفًا متهالكًا لست في الحسبان، كيف كانت رحلتك؟ هل صمدت في وجه الرياح العاتية؟ أم هل قاومت صعود
الجبال الرواسي؟ هل تعلمت؟ هل فهمت؟ هل استمتعت؟ ماذا عملت؟ وأخيرًا وليس آخرًا، فأهلًا وسهلًا ومرحبًا بك في رحلة الحياة، فهي منحة وهبة ربانية، فاستغلها جيدًا، عش متأمِّلًا، متعلّمًا، متفهمًا، متفائلًا، فكن
على استعداد فقد بدأت رحلتك.
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات
رائع جدا بارك الله فيك و في قلمك و في كلماتك
شكرا لكم جميعا أحبائي على تعليقاتكم المشجعة والمحفزة وأحمد الله أن كلماتي وصلت قلوبكم فهي من القلب إلى القلب.
رائعة رائعة رائعة! عظيمه هذه الكلمات التي تنسدل الى الروح وتوهبها قدرة التأمل بصنع الله وخلقه ♡