لقد لعبت الابتكارات المجتمعية دورا فعالا في خدمة ونهضة الامم، لأن المجتمع لديه الحافز والحاجة ليبدع وليبتكر

في العصر الماضي كان أمام الابتكارات المجتمعية طريقين لا ثالث لهما، إما أن تأخذ وقت كبير لتشتهر أو أن تندثر ولا يسمع عنها إلا من هو حول المبتكر. أما الان لعبة الشبكة العنكبوتية دورا فعالا لترى كثير من الابتكارات المجتمعية النور ، اي أصبحت فرصة المبتكرين كبيره لاختبار ابتكاراتهم والتأكد منها وتسويقها. لذلك سؤالي هل المبتكرين اليوم في حاجة لمؤسسات داعمة ومستثمرين بشكل أساسي لكي تري ابتكاراتهم النور؟

الطبيعي أن تكون الاجابة نعم، لأن الكل سوف يقول -وأنا شخصيا كنت أقول هذا سابقا- نريد أن نجد جهةً تدعمنا وتأخذ افكارنا للنور، نريد تمويل ونريد من يجرب أفكارنا ويطبقها. وأنا من وجهة نظري الان وفي ظل الثورة التكنولوجية التي نعيشها، أقول نحن لا نحتاج لأي جهة أو هيئة لننظم أو لنبدأ تطبيق أفكارنا أو لننجز مهام كبيرة ومعقدة مثل ابتكار أنظمة وبرمجيات جديدة.

للأسف إننا جميعنا -أفرادا و حكومات- مازلنا محتفظين بالنظرة التقليدية للمبتكر وللابتكار، فمازال البعض يعتقد أن الابتكار والابداع حكر على أناس معينين، أناس بأوصاف معينة و في ظروف خاصة جدا، مثلا يتخيل البعض أن المبتكرين يلبسون بالطو أبيض وشعرهم طويل وغير مهذب، ولا يتكلمون إلا الكلام العلمي فقط، أو أنهم نخبة من أساتذة الجامعات او أنهم أشخاص يقضون يومهم في المختبرات أو أشخاص يعملون في شركات دولية ويجلسون في غرفة فيها كل أنواع التكنولوجيا الحديثة ولها نوعية تأثيث وألوان مختلفة، وأحيانا كثيرة يأخذنا خيالنا لأن نتخيل أن المبتكرين هم أشخاص محظوظين ولهم طرقهم الخاصة، وقنواتهم التي يستطيعون عن طريقها اختراق الاسواق بابتكاراتهم، بل وأن المجتمع سلبي و يقبل كل ما يبتكره هذا الصنف من البشر فقط وبشكل مباشر!

وبسبب هذا الاعتقاد الخاطئ بين أفراد المجتمع، وبسبب النظرة التقليدية لبعض الحكومات العربية واستمرارها في تطبيق الاسلوب القديم، مثل دعم من لهم هذه الصفات أو أصحاب الوظائف الاكاديمية فقط - مع أن المجتمع مليء بالمبتكرين – لم يخرج ابتكار عربي قوي إلى الان، لذلك ان الاوان لكل مبتكر ولكل أفراد المجتمع ان يغيروا نظرتهم للمبتكر وللابتكار العربي حتى تتغير نظرة حكوماتهم لهم (إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ)

إن فرصة كل فرد يريد أن يكون مبدع ومبتكر كبيرة جدا في هذا العصر – عصر التكنولوجيا والفضاء المفتوح- إذا هو أولا آمن بنفسه وبفكرته، وركز على توجيه افكاره لحل مشاكل المجتمع او خدمته حتى يضمن السوق، وبعدها ينطلق عبر العالم الافتراضي يتعلم ويطور منتجه ويجربه عن طريق كل الوسائل المتاحة عبر الانترنت. لقد أصبحنا في عصر التجارة والسوق الالكتروني. وهناك أمثلة كثيرة لابتكارات لم يكن اصحابها يعلمون تحديدا كيف سوف تستخدم بالشكل الاقتصادي الفعال، مثال ذلك: عندما ابتكرت شركات المحمول الرسائل النصية قدمتها كتطوير بسيط في عمل التلفون المحمول، لكن مجموعة من الشباب هم من عملوا على ابتكار استخدمها بشكل اقتصادي فعال، ومثل ويكيبيديا تطورت خلال وقت كبير عن طريق المستخدمين. الان ممكن أن تبتكر في أي مجال تريده، بغض النظر عن المستوى التعليمي الذي حصلت عليه. فيمكنك أن تجرب في كل المجالات إلى أن تجد موهبتك الحقيقية، فعلى سبيل المثال علم الفلك كان قبل 30 عاما كان حكرا على علماء الفلك المحترفون، وكانوا يقومون ببحوثهم باستخدام التلسكوبات الكبيرة مثل تلسكوب "جودرن بانك" الموجود في شمال انجلترا، الان ومع الثورة التكنولوجية يمكن لأناس عاديين ان يستخدموا التلسكوبات الرقمية (وهي مصادر مفتوحة) مع بعض المجسات الخفيفة ليقوموا بما كان يفعله التلسكوب العملاق "جوردن بانك" وعلماء الفلك في الماضي!

لذلك إن كان عندك فكره مبتكرة وأردت أن تجد لها داعم أو راعي ،اقنع نفسك أولا أن تكون راعي لها، اقنع نفسك أن تستثمر مالك وجهدك والأهم ووقت فراغك في التعلم وفي البحث عن التقنيات الحديثة لتجد الأدوات الأرخص والأفضل لتكون داعمة لابتكارك، استثمر في نفسك وفي فكرتك حتى يستثمر فيها غيرك. فأنت في العصر المناسب للابتكار!



ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات غدقا - د. غادة عامر

تدوينات ذات صلة