دائماً ما تعتمد الخبرة على عمر الإنسان، ولكن أنس جابر كسر القاعدة فهو بعمر صغير وصاحب خبرة كبيرة
أنس جابر، أردني حامل للجنسية الأمريكية، بدأ حياة الطفولة في الولايات المتحدة الأمريكية، ولحرص والدِه على تعليم أولاده اللغة العربية قرر العودة بهم إلى أراضي الوطن.
بدأ أنس حياة الدراسة إلى أن وصل إلى أبواب الجامعة، فاختار تخصص الهندسة الطبية الحيوية لميله وحبه للأحياء.
قدَّم طلب الالتحاق للجامعة الألمانية الأردنية وبدأ دراسته.
"إذا أردت النجاح عليك أن تتعمق في تخصصك"
خلال فترة الدراسة تعمًَق أنس في تخصص الهندسة الطبية وتشعباتها، فاكتشف العديد من الأبحاث في أميركا، ومنها التي تُهيء لصناعة أيدي صناعية وأنسجة، بالإضافة إلى تعرفه على الهندسة الطبية للقلب والعديد من المجالات المختلفة.
عَمِلَ أنس على البحث عن مكان يعطيه فرصة للبحث بشكل أوسع، فراسل العديد من الجهات خارج الأردن، فوجد "معهد جيرسي للتكنولوجيا" في أميركا وكان لديه جميع التخصصات المتعلقة بالهندسة الطبية.
قرر أن يُخطي خطوة لا يعلم مدى عواقبها نظراً لعدد الساعات التي اقتطعها في الجامعة الألمانية، وهل سيتم اعتمادهم في الخارج، ولكن قال: "إذا اعتمدوا الساعات بكون اشي منيح وإذا لأ بعتبرها خبرة وقدرت من خلالها أحدد هدفي"
إنتقل أنس إلى أميركا وذهب إلى الجامعة ولحسن حظه تم اعتماد الساعات باستثناء 13 ساعة وبهذا تبقى لديه عامين لاستكمال الجامعة.
"كنت أروح عند كل دكتور وأطلب منه العلم وأفهم لشو عم يسعى"
بدأت رحلة البحث من خلال التعرف على الهيئة التدريسية التي تعمل على البحوث والدراسات المتعلقة بالكيمياء وجسم الإنسان.
معظم الدكاترة يحاولون مساعدة الطلاب وفي نفس الوقت يقدمون العلم، أما عن الجزء الآخر فـ هوايتهم عمل الأبحاث والابتكار بشكل مستمر.
بدأت أسئلة الدكاترة تتداول حول أهمية الأبحاث بالنسبة لأنس، وهل هي مُجرد أبحاث لاستلام الشهادة أم هي أبحاث لتطوير الذات وتطوير المستقبل، وإذا كان الاهتمام كبيراً.. يتبنوك.
"بـ أميركا ما حدا بحكيلك تعال أُدرس، إذا ما درست بتروح عليك!"، فالعلم والدراسة بالنسبة لهم في غاية الأهمية.
في رحلة الدراسة لفته دكتور اهتم بأعماله بشكل كبير، فكان يعمل بجراحة الأعصاب في العمود الفقري ويقوم بعمل الأبحاث على أجهزة الاستشعار ويضع قطعة معدنية خام في جسم فأر لقراءة تحركات الجسم عن طريق إشارات، حيث يتم استخدام هذه الإشارات لصناعة يد اصطناعية مثلاً.
أول إنجازاته، أنه اخترع مع دكتوره جهاز التحكم بالأعصاب وقد حقق نجاح، حيث حصل على أفضل جهاز في الجامعة.
كانت بداية جميلة، فعندما يجتمع الطالب الطموح مع الأستاذ المبدع يسهل الصعب وتهون التحديات وهذا هو طريق النجاح، فعندما يختلط الإنسان بالشخصيات المبدعة والتي تسعى دائماً إلى التَّقدم من الصعب بقاءه إذا لم يسعى إلى أن يكُن مثلهم، هذا ما أوصل أنس للتغيير وخروجه عن المألوف.
في مرحلة الماجستير تعلَّم أنس أن يأخد في جميع الأسباب وأن يتعمَّق أكثر في دراسته وقدًّم نصيحة للطلاب: "استمر في دراستك وتخصص وتعمق أكثر، استكمل دراستك في نفس المجال فهذا سيساعدك على معرفة كل ما تحتاجه".
عندما تنتقل إلى مرحلة البحث عن العمل كُن متنوع وصاحب معرفة، فكلما كان لديك الرغبة في المعرفة قلَّ التوتر في العمل، فمثلاً إذا استشارك أحد الزملاء في عمله وكان لديك المعرفة القليلة سيساعدك هذا بشكل كبير على تقديم المساعدة وزيادة الخبرة لديك.
"الشهادة والإختراعات والإنجازات ما بتنوجد بيوم وليلة، لازم نتعب عليها ولها تقديرها فإن لم يكُن مادي سيُقدر بشهادة من العمل أو ترفعه في الوظيفة".
ومن أكثر الجمل المتداولة.. "إذا اخترعت، الشركة بتاخد الاختراع!"، فقال أنس معترضاّ عليها: "لتأخذ الشركة الإختراع فهي التي تهيئ أجواء البحث والتطبيق، إضافة إلى أن الشركة تُنسب الإختراع لصاحبه، مما يساعد في تطوير النفس والمهارات وزيادة الخبرة، فلا تسمح لأي شخص أن يحبط ما تسعى إليه مهما كان".
والأهم من هذا لا تكُن اتكالي، اذهب للعلم ولا تنتظر من العلم أن يأتي.
كيف يبدأ الإختراع؟
يتم البدء بالبحث عن المتطلبات التي تحتاجها المستشفيات والمرضى عن طريق طرح الأسئلة عليهم والاستفسار عن احتياجاتهم وأخذ إجاباتهم وتحويلها إلى أهداف يتم السعي إلى تحقيقها.
الاختراع يأتي عن طريق البحث بشكل كبير وقراءة المشاريع ومعرفة جميع الأجهزة الموجودة في السوق وتحديد الهدف لحل مشكلة متواجدة في المجتمع.
فمن الممكن بعد إجراء البحث بشكل واسع ربط أفكار متعددة واختراع جهاز يُحسن من جهاز متواجد في السوق وهذه احدى الطرق، أو أن يتم اختراع فكرة جديد لجهاز غير موجود في السوق بعد تحديد التكلفة المترتبة على هذا الاختراع وهل يناسب المجتمع أم لا.
وقد حقق أنس خمس براءات اختراع منذ مطلع هذا العام في الولايات المتحدة الأمريكية، منها برمجة يد اصطناعية مع ستة اتجاهات.
الصعوبات التي واجهها.. ومفتاح الحل لمقابلات العمل
بدأ العمل في شركة وكانوا يعملون على تصميم جهاز كبير للتشخيص المختبري، وعندما انتهوا منه تم فصل 300 مهندس وأنس كان أحدهم، فشعر بالأسف لما حصل وبدأ يُشكِّك بقدراته والتساؤل عن سبب فصله من العمل وهل ما حدث هو تقصير منه؟ وهل وجوده غير مُهم؟
استمر بالبحث عن عمل لـ 3 أشهر وكانت من أصعب أيام حياته، لم يفقد الأمل ولكن كل شيء يحدث لسبب، فـ خلال هذه الفترة اكتشف صعوبة إجراء مقابلات العمل وقال: "إذا وجدت مفتاح الحل لمشكلة المقابلات فأنت تستطيع إيجاد العمل الذي تريدُه في أي مكان".
المفتاح الذي أوجده أنس لإجراء المقابلات والتميز بها من بين عدد كبير من المتقدمين للعمل هو: "تحضير إشي ما حدا عنده إياه"، فمثلاً يمكن أن تُحضر بعض أعمالك وعرضها خلال المقابلة وبهذا فأنت تقوم باختيار الموضوع الذي تريد التحدث فيه ويقوموا بطرح الأسئلة التي تريدها، فتأخذ المقابلة منهم!
اذا لم يكن لديك أعمال ملموسة كــ الاختراعات والأجهزة، يمكن لمهندس معماري أن يقوم بتصميم فندق أو مدينة ألعاب خيالية وتعتبر أن مديرك في العمل طلب هذا وتقدمه خلال المقابلة على أنه عمل وجب عليك تصميمه وبهذا تبقى متميز دون الجميع.
أما من ناحية الصعوبات خلال العمل، فيوجد العديد من الضغوطات التي يتعرض لها كل شخص في العمل سواء كانت بالتعامل مع الناس وصعوبة التواصل معهم في بعض الأحيان ولكن عليك أن تحاول الوصول إليهم، أو في صعوبة التعامل مع المسؤولين في العمل حيث واجه أنس العديد من الضغوطات النفسية من مديره ولكن استطاع أن يجد الحل في التعامل معه عن طريق معرفته للضغوطات التي يتعرض لها مديره من المسؤولين الأعلى والإصرار على الإنجاز في أسرع وقت، فقرر أنس تقديم المساعدة والذهاب إلى العمل في أيام العُطل لإتمام العمل بشكل أسرع وأصبحت الأمور أفضل مما كانت عليه.
الخبرة الكبيرة.. تأتي من الهدف
دائماً ما تعتمد الخبرة على عمر الإنسان، فإذا كان عمره كبير فهو صاحب خبرة كبيرة وإذا كان عمره صغير فقد تكون خبرته قليلة ولكن أنس جابر كسر القاعدة فهو بعمر صغير وصاحب خبرة كبيرة حيث قال: "الخبرة تأتي من الهدف" بمعنى أن تقول أريد أن أصبح مثل هذا الشخص ولكن بسرعة!
"الاجتهاد والعمل بوصلَك، بس إذا بدك توصل بسرعة للإحتراف في مسارك المهني، تعلَّم من الأعلى منك"
حيث تأتي الخبرة من التقرب من أصحاب الخبرات والتحدث معهم ومعرفة طريقة تفكيرهم والتعامل معهم وطرح التساؤلات عليهم بشكل مستمر فمن هنا تستطيع أن تأخذ خبرتهم وتبني المسار المهني لديك فيصبح التفكير أفضل وأوعى.
الملهمون..
من أكثر الشخصيات الذي ألهمت أنس، كوبي براينت والجهد الذي بذله وسعيه الدؤوب في أن يكون هو الأفضل دائما، فكان يتدرب بشكل مستمر على لعب كرة السلة وسعى لأن يصبح مثل مايكل جوردن، ووصل إلى هدفه حيث أصبح من أفضل اللاعبين الخمسة في كرة السلة، وتمت المقارنة بين كوبي براينت ومايكل جوردن ومن هو الأفضل.
أيضا من المُلهمين؛ البروفيسور مسعود شاهين الذي عَمل مع أنس في الجامعة، وكان فقير من تركيا واستمر بالعلم دون توقف إلى أن وصل لما عليه الآن دون أن يكترث لأي ظرف أو وضع مادي، ونجح في تحقيق هدفه.
بقلم ساندي امسيح
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات
مبدع و ملهم 👏🏽👏🏽
عندما يجتمع الطالب الطموح مع الأستاذ المبدع يسهل الصعب وتهون التحديات... فعلا