" متى بدأت العلاج ؟ " . جاء السؤال من السيد الجالس أمامي في حجرة انتظار العلاج الاشعاعي. وكانت زوجتي جالسة بقربي رمقته بنظرة استنكارية.
كان راسي مغطى بقبعة صيفيه ، قد ظهرت على وجهي ملامح الانهاك والتعب بفعل توالي حصص العلاج الإشعاعي ،رغم ذلك كنت مقتنعا في اعماقي أنني شفيت من مرض السرطان ،وهذا ما كانت تؤكده أنشطتي الجمعوية وعيوني ببريقها اللامع.
وصلت لمنتصف عدد الحصص الاشعاعية ،وأصبح الموضوع روتين يومي ،حتى أنني بدأت في الاستمتاع باليوم من خلال إجبار نفسي على الاستماع لقصص المرضى أتناء انتظار الطبيب.
لم تكن المرة الأولى أو الوحيدة التي أسأل فيها هذا السؤال بالذات ،فقد سألوني زملائي في العمل ،أصدقائي على الفيسبوك وبعض الغرباء ،كما كان بعضهم يروي تجارب لم يعشها بل سمعها من أصدقاء او أقارب له ،ويقترح علي طرق العلاج بعيدة عن المنطق قريبة من الخرافة.
استطيع الجزم أن السيد الجالس أمامي بدأ على التو رحلته ،وسيتحتم عليه السفر في متاهة عملية العلاج التي تلي تشخيص حالة السرطان ،بالنسبة لي كانت الرحلة تتضمن العلاج الإشعاعي ثم إجراء فحوصات ،ثم القيام بجراحة لاستئصال العضو المصاب ،ثم العلاج الكيميائي ،وقد نظرت إلى العلاجات على أنها قائمة مرجعية ،وقد غيرت زيارتي الأولى لطبيب الأورام نظرتي لحالتي.
ظللت جالسا في الكرسي نفسه ذلك اليوم ، وكنت قلقا بشأن فقدان شعري.
عاد مجددا لسؤالي "متى بدأت العلاج ؟ "
اعترفت له قائلا منذ شهرين. ثم توالت علي مجموعة من الأسئلة الاستفزازية ،فأجبته بكل ثقة على أن حالتي قابلة للعلاج حسب الطاقم الطبي المتخصص في الأورام ، ثم أخبرته بخوفي خلال أول يوم للعلاج ،وتكلمت معه أيضا عن تجربتي وأملت أن يساعده ذلك على التعامل مع حربه على هدا الداء.
بينما شاهدته يغادر مع الممرضة لقاعة العلاج ،أملت أن يجد طريقة لاستيعاب الرحلة.
و الان بعد اجتياز مراحل العلاج فأنني سعيد لتعلمي أن كل يوم هو هدية من الله ونعمة ،يجب ان اقدرها أكنت مريضا أو لا ،وكذالك ان ما يختلج الأعماق هو دواء لمن امن بالشفاء.
محمد عزيز الضميري
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات