هل علينا التحدث للرضيع وهل التحدث وحده يكفي أم هنالك أمور أخرى نفعلها؟

عندما بلغت طفلتي تسعة أشهر كاملة،

وصارت تُصدر أصواتا جميلة من الآه والأوه ودادادا طبعا إذا كان لديكِ طفل رضيع أو في محيطك صديقة أو أخ لديه طفل رضيع ستسمعي هذه الأصوات وستجدي نفسك تقلدينه تلقائيا بدون قصد منك،

فيسعد هو ويصدر مزيدا منها. هذا سيناريو معهود متعارف لدى كل من رأى رضيعا، بل محبب لدى الكبار جميعا مهما بلغوا من العمر، لكن ماذا عن الفترة التي تسبق هذه؟وهل علينا التحدث للرضيع وهل التحدث وحده يكفي أم هنالك أمور أخرى نفعلها؟



منذ متى نتحدث للطفل الرضيع ؟ فلنبدأ الأمر من أوله؛ ماذا عن الأشهر الأولى حين لا يصدر الطفل الرضيع هذه الأصوات بل يبدو كأنه في عالم آخر خاص به.عندما كنت أحدث إبنتي الرضيعة في شهرها الأول تباينت ردود أفعال الناس حولنا بين استنكار أو تعجب وأحيانا أخرى لوم_أني أرهق نفسي بدون داعي_ فهي لا تعي ما أقول ولن تعرف أن هذه شجرة كما أخبرها، أو أن هذه وردة لونها جميل..

كنت أجد أنه من الطبيعي أن أشاركها ما أراه؛ ما دامت لا تراه كلية بعد، وأن احدثها عن ماهية الأصوات التي تترامى لسمعها؛ فهي ليست جماد، فهي روح حية تؤنسني وأؤنسها. وهذا لم يمنعني من التساؤل إذا كان هذا مفيداً ام لا، هل سيكون له وقع إيجابي عليها وعلى كل طفل رضيع؟


أهمية الحديث للرضيع

فبعد البحث والتحري وجدت العديد من الدراسات التي تؤكد أن التحدث للرضيع منذ اليوم الأول يُنصح به وبشدة لما وجدوه من نتائج قوية تفيد بأنه يثري الخزين اللغوي للطفل على المدى البعيد،

وأنه يساهم بقوة في التطور الدماغي للرضيع، بل والأكثر من هذا يضمن سلامة صحته النفسية.دعوني أوضح أكثر بلغة الأرقام؛ فقد أوضحت الأبحاث أنكِ إذا كنت من الأهل الذين يتحدثون لأطفالهم منذ الولادة فستكوني ساهمتبإسماع طفلك ثلاثين مليون كلمة عند بلوغه الثالثة مما سيجعل مهاراته الإدراكية أكثر تطوراً عن أقرانه في نفس العمر لأهل لم يتحدثوا لهممنذ الولادة.إذا محادثتهم في المهد لها أبلغ الأثر في تطورهم، وتلبية احتياجهم لسماع صوتك والتعرف عليه.ليس ما يهمنا أثر الكلام على قوى الرضيع الذهنية فقط؛ بل أيضا أهمية الحديث للرضيع في قدرته على خلق علاقات محبة ومهاراتتواصل رائعة.قد لا يفهم الرضيع كل كلمة تقولينها لكنه سيستجيب بالطبع لنبرة صوتك التي تحمل كل الحب عند الغناء له.


كيف أتحدث للرضيع؟

يمكنك تطوير مهارات طفلك منذ اليوم الأول؛ فقط تحدثي معه ولا تكتفي بكلمات بسيطة بل استخدمي كلمات قوية ومليئة بالمعاني أحيانا،واقرأي له قصصا،وإروي له مغامرات مختلفة، ولا تنسي أن تُنوعي له في الأصوات فقد صرتِ نافذته على العالم وبالطبع ستكونين صوتهالمفضل دائما.و أعلم أن رعاية الأطفال والإهتمام بطعامهم ونظافتهم يستهلك وقتا كثيرا وجهدا أكبر، لذا أنصحك بألا تتعاملي مع الأمر كأنه واجب إضافيعليك مزاولته ،كل ما يتطلبه الأمر أن تتحدثي لنفسك بصوت عال، كثيرا ما نفعل هذا دون أن ننتبه، إجعليها عادتك الجديدة، فمثلاً ١.إشرحي لرضيعك خطوات تغيير الحفاض وأنت تغيرين له.٢.أخبريه إلى أين تتجهين وأنت تحمليه بالفعل.ستُدهشين من كم الكلمات المختلفة التي تتواجد في هذه الجمل البسيطة؛ لا يهم عن ماذا ستحدثيه، فقط حدثيه وأنظري لعينيه، وان كنت لازلت محتارة فيما قد تحدثيه فيه فيمكن اللجوء لقراءة القصص.



القراءة للرضيع

لا تقتصر الفوائد التي ذكرناها سابقا على التحدث للرضيع فقط بل هي نفسها فوائد القراءة للرضيع، فتُعد القراءة للرضيع نشاط حيوييُكسبه الكثير من المهارات بل قد يكون من أكثر الأوقات المحببة للرضيع ،فهو يسمع فيه أحب الأصوات له كصوت أمه أو أبيه. كما أن وقت القراءة يوفر حالة من الترابط بينك وبين الرضيع ويرتبط في ذهنه أنه يمكنه الاستمتاع بوقته معك بسبل مختلفة، كما تزدادأهمية القراءة لديه.بالطبع سيكون السؤال هو ماذا أقرأ للرضيع وكيف أختار القصص .


كيف أختار قصص الرضيع


هنالك مثل أجنبي يقول "أبقي الأمر غيي سهل" ، أحب هذا المثل وتطبيقه ها هنا، فلا يهم جودة القصة أو المحتوى اختاري ما يقع بينيديك واقرأيه له بصوتك هذا فقط يكفي كبداية لكما، ما يهم الرضيع على الحقيقة هو صوتك وأداءك الحماسي وكيف ترفعين صوتك أحياناثم تخفضينه فتنقلين له الانفعالات، فبهذا يمكنه أن يميز ما يعنيه تغير نبرة صوتك.ولا أنكر أن هنالك نصائح قد تحتاجين مراعاتها في اختيار القصص كلما كبر الصغير خاصة بعد أن يتم ستة أشهر من عمره وصار يرىجيداً ،فيمكنك مراعاة التالي في القصص:

١.اختاري قصص ذات طابع غنائي فالأطفال يميلون للإيقاع والكلمات ذات السجع تجذب اهتمامهم.

٢.قصص ذات ألوان جذابة ومتباينة .

٣.قصص عن الحيوانات أو بها حيوانات مختلفة، لتقلدي أصواتها وحركاتها فهذا بالطبع أمر يزيد حماسة الصغار .

٤.لا يجب عليك الالتزام بنص القصة يمكنك خلق قصة جديدة من الصور أو الاشارة للأشياء وتعريف بأسمائها.

5.لا يهم أن تكون هنالك قصة جديدة كل يوم ، فالأطفال يتعلمون بالتكرار ولا يملون من نفس القصة .


تُعد القراءة وسيلة أخرى للتحدث للرضيع وتُلبي احتياج الرضيع لسماع الكلمات وتخزينه في عقله مما يزيد من قدراته اللغوية.كما أن ما يميز نشاط القراءة للرضيع أنه لا يقتصر على الأم وحدها، بل يمكن للأب أن يقوم بهذا الدور مما يقوي الرابطة بين الرضيعوالأب، ويكون نشاطهم الدائم لشهور وسنوات قادمة.


و دعونا لا ننسى لا يهم ماذا نقرأ مع الرضيع بقدر ما يهم أن يكون وقتا سعيدا مليء بالحب والدفء، لذا فلنختار وقت القراءة بعناية ولانفعله لننتهي منه أو نكون في مزاج سيء ولنتذكر دائما أنه أمر نفعله سوياً للمرح. نعم أنت كأم أو أنت كأب ستجد أيضا في هذا الأمربعض المرح والسعادة حينما تكتشف مواهيك في تقليد الحيوانات أو محاكاة أصواتها كما ستسعد بردود فعل رضيعك أو ضحكاته التي تترامى إلى مسامعك.

أما عني أنا فدائما أذكر نفسي (طفلتي لن تتذكر هذه الفترة لكني سأذكرها وأتمنى أن أذكرها دائما برضى وأني فعلت ما يسعدهاويجعلها طفلة حية سعيدة تستشعر ما حولها حتى وإن كانت لا تفهم كل ما أحدثها به أو أقرأه لها).


ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

اليوم بدات قراءة "ابي اسمه ابراهيم" لتوأمي الذي لم يبلغ شهر كنت مترددة لم اشتري بعد قصص للأطفال سحبت هذا الكتاب من مكتبتي شعرت انه امثر كتبي ملائمة لهم رغم ترددي في انه غير مناسب لسنهم لكن مؤقتا حتى تسنح الفرصة لشراء قصص لهم، وبالصدفة البحتة وجدت مقالك امامي ليلاً قرأته وشعرت بسعادة عارمة انني بدات حتى لو كان الكتاب للكبار لا للأطفال
ممتنة للحدث الذي عرفني بك وبمقالاتك ❤

شكراً! تحمست لذلك سأبدأ بذلك مع ابني الصغير

إقرأ المزيد من تدوينات خبرات صغيرة

تدوينات ذات صلة