قصة قصيرة حقيقية من الأردن تحاكي محاربة طالب الطب للاكتئاب
تمر الأيام بنا سريعا وها انا اليوم أخيراً أحقق حلمي وأدخل إلى كلية الطب التي لطالما كنت؛ أتضور جوعا اللقاء بها والى دراسة الطب. كان الفصل الأول من أجمل ما يكون؛ كالخاطب الذي يغازل محبوبته كنت اتغزل بجدران الكلية، وأحب جميع الطلاب والدكاترة. كالفراشة التي لا تقع إلا على الورد وتحلق في حقول العلم لأنجز دراستي وأحصل على علاماتي العالية. إلا أن فرحتي لم تكتمل ،
مع بداية الفصل الثاني كأنه شيء لم يكن؛ كأنه وحي خيال أصبحت كثير النوم، كثير الطعام ، أستاذ الحزن والقلق على مستقبلي وكليتي، وكنت كما قال الكاتب المفضل ابو الأدب الروسي دوستويفسكي:" إن المرء حين يعاني حزنًا كبيرًا حين يكابد كربًا هائلًا لا يشتهي إلا أن ينام! " وليس لي اليوم كرب أكبر من نقص علاماتي، وزيادة وزني الذي أرهقني والكثير من الخيبة لكل من يحبني... ويريد مني المزيد وأولهم ابي قدوتي وطبيبي الأول. بتُ اتسائل ما الذي حدث؟ ما أصابني؟ قلتُ في نفسي أنه لا يوجد حل إلا في بحور العلم وينابيع النفس البشرية فكانت أولى قراراتي الصادمة للأهل أن أترك الدراسة فترة قصيرة اتعالج فيها واهتم بنفسي لتعود أفضل. تبين لي أنني أعاني من اكتئاب حاد ، لا أدري من أين وكيف أتى؟! هل جربت أن تكون روحك باردة والدفئ من حولك ؟! أيقنت أنه ربما على الانسان أن ينطفئ قليلا، ليعد متوجها كالسابق بل وأفضل. وبدأ التحدي،
بدأت أواجه هذا المجتمع المعيق؛ ذهبت إلى دكتور نفسي لأتلقى العلاج ... لم أهتم في السنتين اللتين سيضيعوا من عمري ودراستي، لم ولن أهتم للكلام المسموم من حولي، إنه قراري أنا وحدي ، وصحتي النفسية أهم من كل ما يدعونه أنني "مجنون" .
ضياع سنتين في سبيل العلاج اجل واعظم وأولى من ضياع عمري بأكمله في السعادة التي تغمر قلبي لأول مرة اختار القرار المناسب المخالف للجميع من الآن ليس بعد صحتي الجسدي والنفسية أحد هما أول ما يهمني. أصبحت أشرب الأعشاب التي لم اعتاد عليها يوما ولا أكل إلا الطعام الصحيّ، ومارست الرياضة كثيرا ...
جلسة بعد جلسة وبدأ وزني يعود تدريجيا وبدأ النور يتسرب إلي من ثقوب الأمل الصغيرة ، خسرت ما يقرب عشرين كيلو وإنها من أجمل الخسارات ذلك الوزن الذي اكتسبته عندما داهمني الاكتئاب وكاد ان يقتلني لو لم أهتدي إلى الطريق الصحيح واحب العلاج والآن كل ما اشتهي إنتهاء سنة العلاج الفعال والعودة إلى الكلية كطالب جديد وبهمة الحديد.
التعليقات