قصة حقيقية تحاكي معاناة المصابين باضطراب الأكل وكيف البيئة لعبت دور في ذلك.

عندما كنت في الثالثة عشر من عمري أردت أن أكون صحية أكثر، أخبرت أمي أني أريد التوقف عن تناول الحلوى، أردت أن أخسر بعض الكيلو غرامات، ولكن بعد أيام فقدت الرغبة بتناول كل ما يتعلق بالسكريات، وأصبحت أمشي أميال بعد كل وجبة لأحرق ما تناولته، أي وضعت قواعد دقيقة ومتشددة لنفسي وبدأت بالضغط على نفسي لأخسر المزيد من الوزن. جسدي أشار إلى أن خسارة هذه الكمية من الوزن سيتدهور، فغالباً كنت أشعر بالبرد ولدي القليل من الطاقة ، وتركيزي متذبذب وأحسست بعدم الرغبة للتحدث مع زملائي وبدأت أكذب بشأن الوجبات التي من المفترض تناولتها ولكني لم أفعل.


اعتقدت أن خسارة الوزن أكثر بقليل من المحدد سيشعرني بالمزيد من السعادة والشعور بأنني أجمل ، وعزز ذلك الناس من حولي فأعجبهم فقدان الوزن وحصلت على الإطراء وانعكس ذلك على شعوري بالثقة؛ الثقة بالنفس هي شيء لم أمتلكه في حياتي في تلك الفترة و وجدث كثير من الأشياء التي من الصعب التعامل معها مثل طلاق والدي، فحاربت وشعرت أن علي أن أختار من بينهم أحد وأنا حقيقة لا أريد هذا الشعور. صعُب الأمر أن أتكلم عن مشاعري وضغوطاتي في ذلك الوقت لأحد ، فازداد التوتر والحزن والغضب وغالباً عدم شعوري بالأمان، على الرغم من تفاعلي واهتمامي بالجميع وسعادتهم معي، لكني نسيت نفسي ولم أتعامل مع مشاعري الحقيقية، لم أعالج شعوري بالفشل وهذا كان مؤذٍ لي. شخصيتي لعبت دوراً بتطور اضطراب الأكل، فمنذ طفولتي كنت حساسة جدا وأريد فعل كل ما هو صواب و أقسو على نفسي كثيراً لاسيما شعوري المستمر بعدم الأمان.


وكذلك عندما كنت في السابعة عشر من عمري عانيت من الشره العصبي ( bulimia ) كنت أتناول الكثير من الطعام بمدة زمنية قصيرة وأفقد السيطرة على نفسي بالكمية التي أتناولها، وبعد انتهائي من الأكل أشعر بأن معدتي ستنفجر، من ثم بالسوء لأنني أريد أن أحرق كل تلك السعرات الحرارية بأسرع وقت ممكن أيضاً ، وهذا ينعكس نتائجه عليّ بتجاهل الوجبات الأساسية وقيامي بالتمارين الرياضية بكثافة لأعوض ما أكلته، وهنا تبدأ شعلة الجوع مرة أخرى، و العودة للشره العصبي (bulimia ).


أردت إنهاء هذه الدوامة المتكونة من الارتفاع والهبوط وكان هذا صعباً بالنسبة لي لوحدي فأنا أحتاج إلى مساعدة طارئة. استعنت بأخصائي نفسي وتغلبت على اضطرابي المتعلق بالأكل ، وتيقنت حينها أنه اضطراب معقد في الحقيقة فهو ليس تناول كمية كبيرة من الطعام ولكن هو طريقة غير ملائمة للتعامل مع المشاعر والفشل ، والأشخاص التي لديها هذا الاضطراب وتشعر بعدم التحكم بالحياة .. إن هذه الفكرة تصنع مشاعر متعلقة بالقلق..!

ومن أجل التعامل مع القلق تتوقف عن الأكل..! أو تأكل المزيد في مدة قصيرة..!

وربما يفعلوها أو لا؟! أن يتقيؤوا بعدها..!

فالتحكم بأكلك يشعرك بالقوة وبالتالي تراه كحلّ.

على أية حال ! حقيقة هذا شيء غير صحي تماما سلوك الأكل وسيؤدي لنتائج غير جيدة. بحثت عن الراحة والسكون وعن طريقة للسيطرة على المواقف والأحداث وتجاهل مشاعر اليأس والحزن، وكانت خسارتي للوزن هي الطريق، لأنها كانت شيئاً جيداً لا سيما مدح الناس لي الذي استعاد ثقتي بنفسي. كان يدور برأسي طوال الوقت أنه اذا امتنعت عن الطعام وفقدت الوزن لن أشعر بالحزن والغضب بعد الآن ؛ ربما نستطيع القول أدمنت على الشعور بفقدان الوزن ولا أود التوقف عنه أبداً، لذا خلال اليوم الفكرة الوحيدة التي كانت تترد بذهني هي كيف أخسر المزيد من الوزن بأكثر سرعة محتملة ،لقد أصبح جزءاً من حياتي والطريقة التي أتعامل بها مع مشاعري وسلوكي ولم انتبه لذلك إلا مؤخرا.

المناسب مع فقدان الوزن الهائل أخيراَ أصبت بفقدان الشهية العصبي( anorexia) وتم دخولي للمستشفى ،لقد كنت جدياَ نحيفة، بل نحيفة جداَ..

خلال المشروبات الطبيعية والقليل من الطعام بدأت باكتساب الوزن ببطء وتلقيت المساعدة من المعالج النفسي، فتعاملت مع مشاعري وسلوكياتي .لأن الحياة بدون اضطراب الأكل هي حياة جميلة حقاَ.



حلقة أمل : نظمية سعد


ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

تدوينة رائعة اثرت معرفتي عن الموضوع المذكور بوركت جهودكم

إقرأ المزيد من تدوينات حلقة أمل circle of hope

تدوينات ذات صلة