الفرصه الثانبه ، نعمه فلا ترفصها. أحسن الإعداد قبل القرار ، فلا مجال أن تعود المياه في مجاريها بعدها.

في واقعة هزت أرجأ كاليفورنيا وما حولها لشده فظاعتها. انفجار مفاجئ للمحرك الأيمن لطائرة مدنيه كانت تحلق فوق طريق عام ممتد بين الأشجار. للأسف كان الطريق في هذا اليوم مزدحماً وكان في نفس الوقت موضع سقوط الطائره. سقطت الطائرة علي الطريق وبدأت الكارثة. الكثير من سيارات الإسعاف انتلقت بسرعه لمكان الحادث. وصل الخبر إلي جميع المستشفيات. إستقبلٌ لأعداد مرعبه من المصابين ومحاولات مستمره لإنقاذ القادمين من الحادث. اضطرت المستشفيات إلي نقل عدد كبير من المصابين بطائرات الاسعاف الي مستشفيات خارج كاليفورنيا. كان للمستشفى التي تعمل بها مريم نصيب من المصابين. كانت تحاول مريم جاهده أن تقدما دعماً نفسياً للمصابين الذين إحتلهم الهلع المفرط. كانت ليله مغموره في رعب غير مسبوق للجميع. أصوات متداخل.. أسرعوا أسرعوا! الي غرفه العمليات فوراً! نحتاج إلي....! الكل قدم ما يستطيع في هذا اليوم.


عثمان محمد حسن مصري خريج جامعه كاليفورنيا. درس فيها الطب الجراحي. تخرج بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف. حاصلاً علي المرتبة الأولى علي الجامعة. دخل الجامعة من خلال منحه دراسيه. اختير لها من بين الكثير من المرشحين. سأحرق لكم جزءًا، عثمان لديه أمراض نفسية. —لا ليس مجنوناً— مرضه يجعل من الشخص عصبياً بصوره غير مفهومة بسبب فرط القلق ووضع الاحتمالات. عثمان شخص محب للعلم. درس وأتقن الكثير من اللغات طوال فترة دراسته في الجامعه. درس وأتقن الألمانية والصينية والروسيه بالإضافة إلي العربية الفصحى. شخص هو الأول علي جامعه كاليفورنيا ومتقن لعده لغات هل من الممكن أن يكون مجنوناً؟ لم يأخذ عثمان —لتفوقه— فتره ليجد لنفسه مكاناً بين كبار الأطباء. رغم كونه الأصغر إلي أن الكبار لا يعتمدون السن، بل مستوى العلم. لعثمان قدره علي ملاحظه أدق التفاصيل التي قد يغفل عنها كبار الأطباء. يُطلب شخصياً للمشاركه في الكثير من العمليات الجراحية.


مريم الفتاه المجتهده الخلوق المحبه للعلم والخير تريد أن تجعل بصدق من هذا العالم الغارق في الدماء والفساد مكاناً أفضل. —علي الأقل أن يكون لأبناء هابيل مكاناً مع أبناء قابيل علي الأرض— تخرجت من كليه إداره الاعمال من الجامعه الامريكيه في القاهره. هي الأولي علي دفعتها. حصلت علي فرصة للسفر والعمل في أحد مستشفيات كاليفورنيا. رغم حداثة تخرجها. إلي أنها أصبحت نائباً لمدير المستشفى. رغم صغر سنها إلي أنها أثبتت مكانتها بين الكبار في المجال. لا يغيب عن لسانها ذكر أباها أستاذ هندسه الطيران. تذكر للجميع كيف كان الداعم - السند - الناصح لها طول طريقها. كيف كان لها أبا وأما في نفس الوقت. —أم مريم سلمت أمانه روحها عندما كانت مريم في سن الثامنة—


يتجه عثمان لعمل عمليه جراحيه في المستشفى نفسها التي كان متوجداً فيها يوم الحادث. عقب دخوله المستشفى بدأ بتذكر مشاهد الحادثه الفظيعه التي جعلت منه أشبه بالجزار من كثره دماء المصابين التي أصابت ملابسه بينما كان يحاول إنقاذهم. حاول أن يتخطي هذه الذكريات وتوجه الي غرفه العمليات. بعد الانتهاء جلس في مقهى المستشفى يشرب قهوته ليجد أمامه مريم. ذهب ليشكرها عما فعلته من دعم نفسي للمصابين. وحدثها كم أن ما فعلته ساعدهم في التعافي. أخذهم الحديث طويلاً وتولت الكلمات. تحدثوا عن اهتماماتهم كنوع الموسيقى التي يفضلون عن ممارسه الرياضه .... الخ. —لا تتعجب ليس غريباً أن تكون متميزاً وتستمع إلي الموسيقى أو تشاهد الافلام والمسلسلات— كثرت مقابلاتهم لكثره تردد عثمان علي المستشفى لعمل العمليات الجراحية. كل منهم يتحدث عن كيف جري يومه. يدندنون سويه باغانيهم المفضلة. يتبادلان ما يعرفان عن الرياضة والتغذية.


تتوالى الايام ويتقدم عثمان للزواج من مريم. يطلب يدها من أبها استاذ الهندسه الجوية في جامعة كاليفورنيا. فتره الخطوبه معلوم أحداثها —الحديث عما هو معروف ملل— لكن الجديد فيها كان أول صدام لمريم مع المرض النفسي لدي عثمان. كانا ذاهبان للعشاء معاً. كان عثمان ينتظر مريم أمام المطعم لكنها تأخرت. معلوم أن الفتيات دائماً ما يأخذن وقتا حتي يجهزن للخروج. —لا أعيب علي الأمر— كان هاتف مريم في وضع الصامت لم تلحظ اتصالات عثمان المتكررة. بدأ رأس عثمان يلعب به أصابها كذا..! أصابها كذا..! يزداد قلقاً أكثر فأكثر. عند وصول مريم وانفجر عثمان وعلا صوته جداً أين كنتي كل هذا ؟ أين هاتفك ؟ لماذا لا تجيبين ؟ انتظرتك طويلا ! كاد رأسي وقلبي ينفجران من كثره القلق ! أنت لا تحترمين أحدا مما حولك !.. انتها العشاء علي هذه الصوره. يوم ويوم وهاتف مريم يرن رقم غير معروف لم ترد أتصل من جديد لم ترد أتصل من جديد ردت لتسمع صوت عثمان راجا أن لا تغلق الخط وتسمعه. "أنا آسف، لم اقصد ما فعلت، لا أفهم حتي الآن كيف لي أن أفعل هذا، أقسم أني لم اقصد ما قلت، أنا أحبك جداً ولن اسامح نفسي حتي تسامحيني، أنت لم ترتكبي خطأ واحداً، الأخطاء كلها أنا من ارتكبتها، ارجوكي سامحيني". مريم لم تستطع أن تعطي رداً واحداً غير أنها قالت لا استطيع الكلام الآن وأغلقت الخط. عثمان كان ممن يكرهون الذهاب الي الطبيب النفسي. لكن الأمر هذه المره جاد ولا مفر. هي وتين قلبه. ذهب إلي الطبيب وقص عليه ما حدث وعن نظرته عن الطب النفسي. كان رد الطبيب "النفس جزء من الإنسان والمرض النفسي كالعضو لكل منهم علاج" مر شهران وعثمان مازال يتردد علي الطبيب النفسي. كان دائماً ما يرسل اوراق العلاج لمريم. كانت مريم ترا رسائله ولا تبدي أي رد. كانت تراه في المستشفى وتحيد عنه. في يوم من الايام يرن هاتف مريم أنه رقم عثمان...


وجد عثمان يوماً ممَّددا علي الرصيف. أسرع إليه أحد جيرانه ليساعده. فوجئ الجار أن عثمان كان نائماً. تعجب كيف يغلبه النوم في هذا المكان. ساعده حتي وصلوا الي عتبه بيت عثمان.

سأله الجار: كيف غلبك النوم في هذا المكان؟

قال: أنا في دائرة بين الاعتناء بزوجي حيث أنها في الأيام الأخيرة من حملها والعمل. لا أجد وقتاً إلا لغفوه بضع دقائق.

ضحك الجار ضحكه ساخره قائل تعتني بزوجك !

لم يهتم عثمان بهذا السخيف. —كيف لا أكون سنداً لزوجي إذا غلبها التعب—


— بعد خمسه أيام —


في إحدى الحارات القديمة في ليله شديدة المطره شديدة البرودة. بينما تدقق الاحداث في منزل متزوجين لا ينقطع الضوء الصادر منه. فجأة صدا صوت الصراخ من بيتهم. صوت صراخ أيقظ جيران هذا البيت. لا تذهب بمخيلتك بعيداً إنها مريم زوج عثمان أتاها طلق الحمل. أسرع عثمان ليحضر الطبيبه. غاص المكان غيمه من القلق الشديد. بعد فترة وفترة وفترة من الانتظار. ظهر صوت بكاء ناعم أعاد للمكان سكونه. دخل عثمان لزوجه يطمئن عليها ويستلم أبنته التي أسمها نور كما تمنت أمها. والتي أصبحت أيضا نور حياتهم الأبدي. أذن وأقام في أذني الطفلة. مجيء نور هي مرحله جديده في حياه الزوجين.


-حياتك منفرداً مرحلة لها قواعدها. مهما كان قرارك فالأثر راجع عليك وحدك. "لك كامل الحرية فيها".

-وجود شريك/ه في الحياة تعني مرحلة جديدة وقواعد جديده. لا يحق لك أو لها جمله "أنا حر/ه" كل فعل يقوم به أحدكم يأثر علي آخر بصوره مباشره. لذلك لا يحق لكل منكما اتخاذ أي قرار بصوره منفرده.

-وجود إبن/ه مرحله جديده وقواعد جديده. بينكم طفل لا ذنب له في أي شيء. أي عناد أو جدال بينكم سوف يأثر تماماً عليه.

-"إبنكم لم يختر أي منكم فكونوا قدره الحسن"

-"خير ما تقدمه لاب(نِ/نَتُ)ك أن لا تكونوا سبباً في ذهابه/ا الي طبيب نفسي أو سبباً في الانتحاره"


ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات أحمد الغازي

تدوينات ذات صلة