الغربة موت والوحدة موت ونحن المجني عليهم والجاني هي الوحدة .. الوحدة القاتلة !

الوحدة ليست محوسة بل معنوية الوحدة المؤلمة هي ان يكون هنالك العديد من الناس حولك وتشعر بالوحدة تشعر انك ضائع ، انك غير مرئي بالنسبة لهم ،انك ترتدي قناع او حجاب فهم لا يرونك لا يهتمون لأمرك لا يسمعونك لا يبادلونك الأفكار ، اليست هذه الوحدة الحقيقة هذا الشعور بشع فلقد اعتدنا على عدم وجود اشخاص في حياتنا ،لكن لم نعتاد على ان لا وجود لنا في حياتهم . والوحدة هي إحساس ما يحتلك ،يمنعك من الضحك ،والإحساس بالإطمئنان والمحبة من قبل الأخرين ، إن كنت تمتلك صديق واحد ينصت لك ويفهم مشاعرك ، ولا يلقي اللوم عليك في كل مرة فلقد امتلكت الكون بما فيه وتغلبت على الوحدة ،على هذا الخوف الذي بداخلك الذي يمنعك من ممارسة حياتك بشكل طبيعي ، فمثلا حين يموت أحد اقربائك فلقد فقط شخص واحد لكن عندما تفقد التفاهم وإهتمام الأخرين تنتهي حياتك ويموت قلبك ويفقد القدرة على النبض من جديد ثم ينطفئ ولا يمكنه الإشراق يموت فيك شعور انك مرغوب بين الناس ، أنتم لم تسلبوا المال ، أو المنصب ، أو العمل لقد سلبتم أهم شيء لدى أي إنسان لقد سلبتم الطمأنينة التي هي جزء لكل إنسان فالإنسان بدون طمأنينته لا يملك شيء ويعيش في رعب مستمر ويقضي طوال حياته يشعر انه منبوذ من الجميع بأنه فقد كل شيء كل البشر كل الحب . الوحدة هي الوحش الذي يخيف كل منا في ليالي السفر او سنين الغربة هي الكابوس الذي يتردد في ذهنك انك لن تعود لأهلك لن ترى إبتسامة والدتك أو جدتك وجميع من تحب تموت في كل لحظة تتذكر فيها أنك غريب ، أنك بعيد عن بعيد عن أحبابك سوف تنسى كيف كانت الناس تحبك لمسة والدتك وحضنها الدافئ هذا هو السهم الذي اطلق على قلبك ،هو السم الذي سيقضي عليك يوما ما لأنه أفقدك الأمان والود من قبل من يحبونك ، لا تستطيع النوم لأنك تظل تعد الأيام والشهور والسنين المتبقية على عودتك ليس عودتك من بل عودتك لحقيقتك لنفسك التي تركتها وتركت قلبك المليء بالمشاعر والأمل الذي سقط منك اثناء سيرك في رحلتك ، إلى البوم الصور التي تحوي القصة تحوي ذكرياتك أيامك التي قضيتها في بيت العائلة الليالي التي سهرتها تذاكر دروسك تشتاق ، إلى روائح كل شيء فقدته تشتاق إلى كل جزء من منزلك إلى سريرك وملابسك وجلستك المحببة إلى وجبتك المفضلة التي تصنعه أمك إلى مقولات والدك الشهيرة اللى كل هذا الدفئ الذي كان يملئ قلبك وفجأة خسرته كله ولم يتبقى منه شيء حتى الذكريات لم تعد باقية في الذاكرة ، لم تعد تجد أحد بجانبك لا جسديا ولا معنويا كل شيء جميل تحول الى سراب لخيال لأوهام لحزن لضياع لفراغ . والوحدة الاكثر الم حين تعود وتجد ما تركته وما عاش في ذهنك وما ظننت انه سوف يجده ما كان يعينك على وحدتك وغربتك ما كنت تتمنى العودة لأجله . أن تصبح وحيد وسط من تحبهم أن يختفي الجمال مما رأيته جميل من قبل سفرك قبل وحدتك قبل موتك وأنت على قيد الحياة حينها تشعر أن الحياة أنتهت وأنك تود فراقها كما قال روبن ويليامز :

كنت أظن أن أسوأ شيء في الحياة هو أن تكون (وحيدا ) ، ولكن في الحقيقة .. إن أسوأ شيء في الحياة هو أن ينتهي بك المطاف مع أشخاص تشعر معهم بالوحدة .

أنت لم تعد ترى الجمال فقط أصبحت ترى السوء والبشاعة في كل مكان في قنينة العطر تشتم رائحة كريهة في حديقة الزهور ترى ترى اشواك كما قال العندليب ( حتى في أحضان الحبايب شوك ) أصبحت تشعر بوغزات الشوك في قلبك ولا تجد الأمان والحنان في أحضان من تحب كما كنت تشعر لقد مات الجميع في قلبك ( الموت موجع يا وعد ولكن الأكثر وجع هم أولئك الذين يموتون فينا وهم أحياء ما أبشع أن يصبح قلب المرء قبرا لشخص ما زال يمشي على الأرض ) من رواية ليطمئن قلبي للكاتب أدهم الشرقاوي ، حينها تشعر باليتم الحقيقي . تشعر انك غادرت قبل أن تعود مت قبل أن تحيا الحياة التي طالما إشتاق إليها وتسأل نفسك أتغير الناس ام أنا من تغيرت وتظل هكذا في صراع مستمر ودوامة لا تنتهي تبا للوحدة القاتلة ، وأختم بجزء من قصيدة لفاروق جويدة :

العطر عطرك والمكان هو المكان

لكنني ..

ما عدت أشعر في ربوعك بالأمان

شيء تكسر بيننا ..

لا أنت أنت ولا الزمان هو الزمان ..

ندى سمير

ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

اشكرك يسعدني رأيك ❤❤

إقرأ المزيد من تدوينات ندى سمير

تدوينات ذات صلة