بعد أسئلة روتينية عن الحال ،قصة الشعر ، الصحة ، العمل والحياة الخ .. انعطف بهما الحديث نحو الموضوع (الفيل في الغرفة )


كانت عقولهما تشبه اليينغ واليانغ ، واحد يينغ وواحد يانغ، أرأيت قط شعار يينغ ويانغ ؟ طبعا فعلت ذاك الذوبان الحكيم بين الأبيض والأسود ، لم يكن ذاخل عقليهما أي شيء من عقل الآخر ، متضادان حد الأفق ..

يلتقيان كل أسبوع في نفس اليوم ، ليتناقشا بخصوص أشياء جديدة تصب في نفس إيمانهما الأول ، واحد متفائل بأسبابه والثاني متشائم بأسبابه ..

قال المتشائم مستفتحا :

-لم تنهظ لم تمشي ، لم تتعرق ، لم تبكي ، لم تحب ، لم تنسى ، لم تمثل ، لم ولم .. ، لم ترقص عالما بأن الحياة ستحطم رجليك حتما "على ذكر كلمة الرقص" راقصوا نقر نحن ، نحاول أن نماشي برقصنا سيمفونية بيتهوفن الخامسة ، الأمر لن يحصل قط ، وحتى إن فعل ، سيتحول الأمر بأكمله إلى سيرك ازعاج لا معنى له .

أجاب المتفائل :

-إن مرضك يا رجل أنك تشغل نفسك ب "لم "، وتنسى بتاتا ما تعود عليه ، يتوسع قرفك الوجودي الناتج عن رائحة أسماك خيالية على حساب مساحة استمتاعك بالحياة ! الحقيقية الوحيدة التامة والملموسة ، أننا نتنفس ، نتذكر ،نُتذكر ، نعيش الى الأبد في الحاضر كما يعيش الحاضر نفسه الى الأبد فينا ، نحن طريقة الكون في التعبير عن تعقيداته ، عن عظمته واتساعه ، نجوم وكواكب وشهب ومجرات تناطح مجرات ، كلها اتسعت ، انفرجت ، رمت كواكب هناك وأخرى هناك ، فقط لتصل الى نتيجتك انت .

رد المتشائم :

أنت عن نفسك لست سوى متحدث تحفيزي ، ترغم نفسك على قول وكتابة أشياء لا معنى لها فقط لتحصل قوتك اليومي ، وأقصد بالقوت ، تلك اللذة الأنانية التي تساعدك على النوم ليلا ، متذكرا بأنك اليوم قد كنت ربما السبب في تغيير حياة شخص ما ، بأنك متميز ، يا للهول ، أنت تقرفني أكثر مما يقرفني وجودي الشخصي ، لا عجب أن علامة حمل أمك بك كانت كثرة التقيؤ .

رد المتفائل :

-أنت أيضا لا تؤمن بما تقوله ، بل وفي الواقع أنت لا تقول شيئا ! كل مسلماتك مبنية على رمال متحركة ، طيب .. لنسلم بأن الوجود شيء عاقم ، وبأنني أنا وأنت "ذبابتا مايو في نفق ، النور في آخره شمعة " ترى أنا أيضا أستطيع أن أبدو حكيما وعميقا ، لنسلم بكل هذا يا سيد ، وركز .. لم الرد الشعوري الأول تجاه كل هذه الأشياء التي ربما تكون حقيقة ، يجب أن يكون هلعا وخوفا ، لم لا نحاول ما أمكن أن نخلق من الاهذف هذفا ، وأن نطيل أيدينا نحو المجهول كالشجعان ، ما أنت فيه بكل بساطة ، فلسفة جبناء ، أنت ربما تخاف أن تحب ، لأنك قرأت نصا عن خطر الوقوع في الحب ، قبل أن تقرأ نصا عن حلاوته ، تخاف أن يسعدك أمر ما فلا يعود لبؤسك عذر ، آه أنا أراك .

رد المتشائم منهيا نقاش اليوم :

-المطر شيطان يغسل ثيابه في السحاب ، الزلزال صراخ عاشق في قبره تزوجت حبيبته بعد موته ، الحياة مجزرة ونحن الأغنام السائرون من العدم نحوها لننحر ، أما عن فلسفتي فحق ناذر لا عذر خائر ، إني جربت الحب يا طفل المشاعر ، وما أهلكه مني ليس سوى علمي بأن سعادتي عندما أرى حبيبي ، ليست سوى دوبامين في دماغي ، نفس الدوبامين الذي يفرز في رأس القتلة المتسللين عندما يرتكبون جريمة .

أنهى المتفائل :

-إذا .. تؤمن بأن ما يفعله القتلة المتسللون شيء خاطئ ؟..

تسالما وافترقا .


ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات عبد البارئ العمراني

تدوينات ذات صلة