تخبرني والدتي دائما أن التربية والاعتناء بالطفل ليس بالأمر الهين، وأن صلاح الوالدين سر من أسرار النجاح فيها.

تخبرني والدتي دائما أن التربية والاعتناء بالطفل ليس بالأمر الهين، وأن صلاح الوالدين سر من أسرار النجاح فيها، كما علينا أن نتذكر دائما أن الله عندما يمنحنا طفل، فهو يعطينا أمانة مسؤولين عنها، لكن في النهاية نحن نتحاسب على جهدنا وليس على النتيجة؛ لأن الهدف من التربية وغيرها من الأشياء هو السعي.

ماقد لا يفهمه الكثير من الأباء والأمهات، أن السنوات الست الأولى من عمر الطفل لا تؤثر فقط سلبا أو إيجابا على حالته النفسية بل والعقلية أيضا، فالسنوات الأولى لحياة الطفل هي ما تصنعه وتمنحه فكرة شاملة عن محيطه كما لها تأثير كبير في تأسيس شخصيته وتنمية مواهبه وزرع القيم الصالحة…وهذا ما يجعل من الضروري خلال هذه المرحلة الاعتناء والاهتمام به وإعطائه الكثير من الحب والحنان.

لا تنس أن تحتضنه بقوة، أن تعبر عن إحساسك وحبك له وتقبله دائما، كما يتوجب أن يحصل على احتياجاته الأساسية، وتخصيص بعض من الوقت له وقد يستدعي الأمر أحيانا حضور بعض الدورات وقراءة بعض كتب علم النفس والتربية، والتمرن على حكاية القصص، والتحول أحيانا إلى إحدى الشخصيات الكرتونية وغيرها من الأشياء.

منذ الأشهر الأولى تحدثوا معهم بشكل طبيعي باستخدام كلمات بسيطة عادية لكن دون محاولة تقليد كلامهم، هذا ما يرفع من قدراتهم اللغوية بشكل سريع؛ لأنه خلال هذه الفترة تحدث عملية تخزين لكل ما يدور حولهم…فهو يتعلم منا طريقة الكلام ومخارج الحروف، فلابد أن نكون حريصين على لفظها بالطريقة الصحيحة.

يحدث أحيانا أن نشتري لعبة للطفل، وقد لا تمضي إلا بضع دقائق فنلاحظ أنه تركها وذهب ليلعب بالباب أو بجهاز التحكم بالتلفاز ويجرب الضغط على كل زر وهو متحمس، ويتحرك بسرعة هنا وهنا، يخرب أي شي حوله.

قد نشعر بالتذمر، لكن هذا شيء عادي فهو بشكل أساس يميل إلى الاكتشاف وتنمية قدراته النفسية والجسدية ويحاول الوصول للأشياء التي كان يراها غريبة وبعيدة عنه، وبالتالي يحتاج إلى لمس الأشياء وهزها ورميها، والأهم من ذلك كله؛ رؤية وجوهكم وسماع أصواتكم.

مهما كان عمر ابنك فإن أكثر ما يمكن أن يقوي شخصيته هو الإحساس بالمسؤولية، وأنه ليس مجرد طفل لا يفهم شيئا، كلما جعلناه يشعر أننا نقدر وجوده ونحترم كيانه ورأيه، كلما ازدادت سعادته وأصبحت تصرفاته أكثر وعيا وعلاقاته أقوى.

أدرك تماما أن الوالدين يعانون كثيرا من ضغوط الحياة والعمل، وهذا ما قد يجعل البعض لا يفكرون في الإنجاب، وفي حالة رزقوا بمولود قد يكون الحل الوحيد أمامهم إما جلب مربية، أو إلهاء الطفل بالتلفاز أو غيره من الأجهزة الإلكترونية كأفضل وسيلة لشغل الطفل والترفيه عنه.

لكن هل الحل هو بقاء كلاهما أو أحدهما في المنزل؟

لا طبعا، هذا ليس حلا ولا عاملا كاف لتربية الطفل في بيئة أسرية سليمة قائمة على مرتكزات قوية، بل أهم شيء لتنشئة جيدة مدى وعي ونضج الوالدين ومعرفتهم لقواعد التربية السليمة سواء كانت الأم ربة بيت أو عاملة، وكذلك بتفاهم الأبوين واحترامهما.

هناك فرق ظاهر بين صغير يجد يدا بجانبه تمسك به في كل مرحلة وتوجهه، يدا يستند عليها كلما مال، وبين صغير آخر يجد تلك اليد مشغولة.

حاول أن تكون بجانبهم قدر المستطاع ولو لوقت قليل؛ لأن المهم الكيف وليس الكم! وبالتالي كن مبدعا معهم ومختلفا فهذا سيجذبهم إليك أكثر وسيقربهم منك، اخترع قصصا وحكايات من الخيال والسحر. ابحث دائما عن فعاليات جديدة وعن أماكن مختلفة تذهبون إليها وعن أفكار جنونية مثيرة للتفكير ومحفزة للمهارات لتقومون بتنفيذها سويا.

مع التكنولوجيا الحديثة وباعتبارنا مجتمعا منفتحا جدا؛فالجيل الجديد من الأطفال يحتاج منا أن نكون أكثر وعيا ومختلفين في التعامل، متسلحين بأدوات وأساليب جديدة غير مملة.

ليس مهما أن تذهبوا مع أطفالكم إلى الحديقة وتجلسون على كرسي تراقبون لعبهم، المهم حقا أن تشاركوهم في اللعب والمرح والجنون، وأن تكونوا جزءا من ذاكرتهم التي ترافقهم طوال حياتهم.

محاولة استغلال ذلك الوقت الذي نقضيه معهم بطريقة جيدة، بحيث يكون غنيا بالأنشطة المفيدة التي تكسبهم مهارات التعلم والتركيز مع عدم إهمال أهمية دور التفاعل مع الناس؛ لأن قدرة الطفل على التعلم انطلاقا من التجارب الملموسة تفوق بكثير قدرته على التعلم من خلال المشاهدة فقط، لذا تجدر الإشارة أن العديد من الأبحاث الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال تحذر من مشاهدة الأطفال للتلفاز قبل بلوغ سنتين، والأطفال ما بين 2-5 سنوات ساعة واحدة إلى ساعتين، لكن ليس بشكل يومي، أما بالنسبة للأطفال ما فوق 6 سنوات يسمح لهم بقضاء وقت أمام التلفاز أو أحد الوسائل الإلكترونية مع الحفاظ على القواعد واحترامها من تحديد الوقت، والتأكد من أن البرامج لا تتعارض مع عمره، والبقاء بجانبه خلال مشاهدته للتلفاز ومراقبة ردود أفعاله إزاء كل ما يشاهده.

أثبتت الدراسات والأبحاث أن تعرض الطفل للتلفاز ووسائل التكنولوجيا مبكرا، يؤدي إلى تأخر في التفكير والكلام وفي نموهم العقلي؛ لأنه يعطل نشاط العقل، ويحدث تشتتا في الانتباه وتأخرا في التفكير واللغة وبعض سمات التوحد. لكون التفاعل مع التلفاز يكون من جانب واحد وبالتالي قد يحصل اضطراب نفسي وسلوكي.

تذكري ياعزيزتي أن الوقت مهما طال سيمر، ستمضي فترة حملك ولحظة المخاض والرضاعة وعذاب السهر وعدم النوم، والليالي الطويلة المتعبة التي تقضيها بجانب أطفالك، ستمضي الأوقات التي تجاهدين فيها لتدريبهم وتربيتهم للاعتماد على أنفسهم، وستتلاشى مخاوفك ومعاناتك وقلقك وتنتهي التحديات والمصاعب.

أعلم أنه من الصعب الانتقال من اللاأمومة إلى الأمومة، خاصة في أول مرة ستصبحين فيها أما دون تجربة مسبقة ودون معرفة كافية للوضع الذي أنت فيه، لكن مهما أتعبك هذا الحمل لا تنسي أن تستمتعي بكل هذه اللحظات والمراحل، دون تسمحي بضياعها منك بالتذمر والشكوى لأنه سيضيع لك من الخير الكثير.

صورتكم الجميلة ستبقى محفورة في أذهانهم صورة الأم الحنونة، والناضجة، والمجنونة، والمكافحة والمعطاءة.

والأب المبدع، والصديق المقرب، والمغامر، والسند الذي لا يميل.



ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات زينب الوسطي

تدوينات ذات صلة