طفلاً يأتي للحياة كنجمة تضيئ السماء فتهمل حتى يصبح كالصخر بلا ضوء او حياة


ماذا لو أجرينا اختبارًا لطفلين أحدهما قابعٌ على الأجهزة الإلكترونية منذ طفولته وأُهمل من قبل أهله الذين يرون أن التربية مأكل ومشرب وترفيه وتعليم بالمدرسة فقط، وطفل آخر تربّى على يد والديه تربية متزنة على أكمل وجه راعوا فيها مشاعره لكي لا يفقد رفاهية أبناء جيله الذين يستخدمون الأجهزة الإلكترونية والألعاب ، مع تقنين ما يُشاهد بما يتناسب مع عمره ، برأيكم ماذا سيكون حال هذين الطفلين مستقبلًا ؟


الأول سيتعلم بأن بطل القصة من يسرق وينهب ويقتل كما يراه في الألعاب، وأن عصيان الأهل فعل ممتع كما يظن ،والحياة في نظره ليس لها معنى جوهري وطموح يسعى لتحقيقه ، ومن المؤكد سيعاني من ضعف بصر وكسل وسمنة أو نحافة مفرطة ومشاكل بالظهر واكتئاب وقلة ثقة بالنفس وسيأخذ نصيبه من الحرمان العاطفي والانطواء الاجتماعي،وسلبيات لا تعد ولا تحصى.


سيرى من الهاتف متنفس ومأمن له نفسياً يلقي ما بجعبته المكتومة ،وستصبح شخصيته مبنية على ما يراه وما يتكرر عليه من رسائل سواء مقبولة أو مرفوضة بمحيطه، وللأسف سيكون من الصعب أن تعاد تربيته ؛ لأن باب التربية تم إغلاقه ،فيبدأ الأهل بمواجهة ما تم صنعه من قبلهم،


ولكن الطفل الأخر سيحظى بعائلة صحية وآمنة نفسياً وسيكون متزن ومدرك بأهمية ما يملك ،سيجني أخلاقًا حميدةً تبني شخصية قوية واعية بسبب ما تعلمه من أهله، سيعيش طفولته بجميع مراحلها حتى يفيض له ذكريات طفولية مذهلة بكل ما تحمله الكلمة من معنى ،


وهذا ما أراه الآن من أطفال تم حكر ما يملكون من مهارات جياشة وخيال فائق وما وهبوا من مواهب في شاشة صغيرة ، ومن المؤسف حقاً حرق طفولة الطفل من قبل إهمال الأهل دون وعيٍ منهم عن أهمية تربية الطفل وإدراك ذكاءه ونشاطه بالخمول ومشاهدة التلفاز بالساعات ، وهذه بحد ذاتها كارثة مرهقة لعقل الطفل وتخديره بالكامل


،فطفلك كالنبتة الصغيرة إن لم تهتم به وتؤثر عليه أكثر من تأثير الإلكترونيات وتقوم على تنشئته تحت مظلة التربية الصحيحة المتزنة ، من المؤكد سيصبح كالشجرة المستقيمة عندما يكبر، فالإفراط بالإهمال ومناولة الطفل الآيباد على الدوام كالذي يفرط بجرعات الدواء ، فالزيادة عن الحد تنقلب على صاحبها ، حاول قدر المستطاع ألا تمنع أطفالك عن الآيباد ومشاهدة التلفاز ؛ ولكن لاتدعهم يفرطون بها فتتحكم بسلوكياتهم وأفكارهم وبناء شخصياتهم وتهمل أهم مرحلة من عمرهم وهي الطفولة ، وما أجمل أن يتمتع الطفل بطفولته ويأخذ نصيبه في هذه المرحلة.


في الختام أحب أن أختم بمقولة الفيلسوف أرسطو :



"جذور التربية مُرة ولكن ثمارها حلوة"


إذن الاختيار الصائب والخطط المدروسة عند الأسرة حتى وإن كانت مزعجة هي من تقرر كيف تكون طفولة أطفالها.

زينب تكتب

ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

👌👏👏👏🌹☺️🎩

إقرأ المزيد من تدوينات زينب تكتب

تدوينات ذات صلة