تلخيص كتاب صراع الأخوة- كيف تتحدث فيصغي إليك الصغار ؟
كيف تتحدث فيصغي إليك الصغار وتصغي إليهم عندما يتحدثون؟
منذ اللحظة التي تلقيتُ فيها خبر مجيء طفل جديد إلى أسرتي الصغيرة، وبدأتْ ردود الأفعال تتكرر حول فكرة الغيرة التي ستأخذ حيزًا كبيرًا بعلاقة ابنتي تاليا والمولود الجديد، فحاولتُ جاهدةً أن أبذل قصارة جهدي كي أخلق بيئة أخوية شبه خالية من هذه المشكلة وتوقعت أنني “سأسيطر على الموضوع بمجرد استعدادي”. وما إن أبصرت عينا يوسف النور، وعلى خلاف ما سمعته من تجارب وقصص، كانت تاليا العنصر الحنون جدًا، المتعاون، ولم يظهر منها أي تصرف تجاه يوسف يستدعي التوقف، إلى أن أصبح يوسف طفل مبتكر لديه كيان، يبتكر حركاته المضحكة، أصواته المسلية، ويخطو على قدميه معلنًا مرحلة جديدة من عمره- تحديداً بعد عمر 18 شهراً-، الأمر الذي لم يعجب تاليا كثيرًا وأصبح يسبب أزمة غيرة لديها، أرادت لو أن الإهتمام لها وحدها، والألعاب لا يتقاسمها أحد معها، وتنادي فيُستجاب لها فورًا، فهي محقة اعتادت على ماما التي تصب كل اهتمامها ووقتها لتاليا. من هنا أصبحت أبحث عن مرجع يرشدني؛ كي أسلك منهجًا تربيويًا صحيح بتوجيه مثل هذه المشكلة لدى أبنائي، فبدأت بقراءة كتاب
?Siblings Without Rivalry – How to talk so kids will listen & listen so kids will talk
صراع الأخوة- كيف تتحدث فيصغي إليك الصغار وتصغي إليهم عندما يتحدثون؟ الذي ساعدني على التعامل مع الموقف وطرح لي اساليب مختلفة حول عراك الأخوة. فرغبت بأن أشارككم أفكار الكتاب التي تعتبر بمثابة دليل للأم لكي تدير مشكلة الغيرة عند أبنائها.
لماذا أنصح بهذا الكتاب؟
طرح الكتاب فكرة المخزون التربوي العالق في ذاكرتنا نحن الآباء الجدد من أساليب تربية مارسها علينا آبائنا في السابق، ولا أنكر أن هذا الطرح أخذني لذكريات من الطفولة وحتى مقارنات عن أصدقاء وعلاقاتهم بإخوتهم –اليوم- بسبب طريقة تعامل أهلهم معهم! وهذا ما شدني لقراءة الكتاب، فآخر ما أتمناه هو أذية علاقة أولادي ببعضهم للجهل به. وتجد الكاتب بدأ الكتاب بشرح مفهوم الغيرة لدى الأطفال بفكرة يستوعبها الكبار، فقام بذكر تشبيه “الزوجة الثانية” ووضع كلاً من الأبوين تحت تجربة التخيل وقارن وجود الأخ الجديد بوجود شريك جديد يقاسمك كل شيء، ملابسك، بيتك، سيارتك، يقاسمك الحب، والاهتمام، والمشاعر والكثير من الأشياء التي كنتَ متفرّدًا فيها يومًا ما. تخيل عزيزي الرجل، وجود شريك لك بزوجتك وأنت عزيزتي المرأة تخيلي وجود شريكة لك بزوجك، لذا فعلينا أن نعزز الروابط التي تجمع بين أبنائنا كي لا تصبح علاقتهم رابطة دموية لا أكثر، ومما لا شك فيه أنّ ما ينشأ عليه الطفل صغيرًا هو الذي يصنع فارقًا في أسلوب تعامله مع الآخرين كبيرًا.
السر في قبول المشاعر.
بالوقت الذي بدأت فيه تاليا تشعر بالغيرة، أرشدني الكتاب بألا استنكر مثل هذه المشاعر بل أقوم بتوجيهها من خلال الخطاب الإيجابي الذي يحمل ألفاظًأ قادرة على تغيير منظور تاليا نحو الأشياء عن طريق مداعبة دماغها بحيث لا تبدو فيها مغافلة لذكائها وانما معاملتها على أنها كيان منفصل مع ضرورة الابتعاد عن قضية المقارنة التي دائمًا ما تُخلّف عواقبًا وخيمةً. وهذا يعني، حين تطلب مني “ألا أحمل أو أُقبل أخاها” أن أقبل هذا الشعور وأرد عليها “يبدو أنك تحبين أن تكون ماما لك وحدك، سأضع أخاك جابناً وسأكون معك بعد قليل”…مثل هذه الحوارات التي تظهر قبول مشاعر الطفل ونفس الوقت تعطي حلولاً للطفل.
العدل أم السواسية بين الأخوة؟
أكثر ما يرهقنا نحن الأمهات، العدل بين الأبناء! تجدني أرهقت نفسي في السنتين الماضيين بمحاولة العدل، بذهني كنت أفكر أنني سأفور ما وفرت لتاليا لأخيها الصغير، نفس الاهتمام ونفس العطاء …سأقوم بإرضاعهما نفس المدة وأشتري لهم بنفس القدر والقيمة….. حتى قرأت بهذا الكتاب بأنه ليس شرطًا أن يكون هذا التصرف هو الأفضل؛ لأن كل طفل على مختلف المراحل العمرية يحتاج رعاية خاصة، فيوسف كان رضيعًا معتمدًا كليًا علىّ بقضية الطعام واللباس والإهتمام، بينما تاليا في مرحلة عمرية أكبر تحتاج لرعاية نفسية تربوية تعليمية. فعلى الأم تحديدًا أن تدير وقتها حسب احتياج أطفالها مع تقديم شرح واعٍ بإعطاء الأولويات لكل منهم، مثلاً حين يحاول أحد الأطفال طلب الاهتمام ممكن أن تقول الأم “سأكون معك بعد دقائق حين أنتهي من أخوك الآن، وبعدها سيكون كل اهتمامي لك أنت فقط”، وحين التسوق لأحدهم شيئاً، بإمكان الأم أن تشرح “اختك تحتاج لتنورة جديدة، في المرة القادمة سنتسوق لك أنت فقط” وقيسي عليها باقي الأمثلة…
“أريد هذه الدمية؟”
أكاد أقسم أن هذه الجملة قيلت في كل بيت فيه أطفال… والحل السحري كما يشرحه الكتاب، “سأضع هذه اللعبة في مكان آمن حتى نصل لحلٍ نتشارك فيه اللعبة” أو أن نقترح على الأطفال طرقاَ للمشاركة ولا ننسى تذكير “صاحب اللعبة، كم هو كريم ويُحب أخاه ويستمتع باللعب معه، ونمدح مهارات المشاركة والتسلية والمرح في المشاركة. من المهم هنا، أن نحفظ حقوق الملكية ولا نفرض على صاحب اللعبة مشاركة اللعبة لنفس اللحظة ونمنحه فرصة التفكير بقراره ولا نشعره بالإزعاج أو الإلحاح بالمشاركة. تذكروا فتح مجال للحوار بين الإخوة حتى يتوصلوا إلى حل يتفق عليه الطرفين مع توجيه الموقف بحيث لا يكون الأسلوب من داعي العقاب – حين استقصاء اللعبة -. فمثل هذا التصرف يعزز مهارة حل المشكلات، فيصبح الطفل شخصية مُواجِهة، قوية، تعتمد على الحوار، وحل المشكلة، غير اتكالية.
الأبناء يتعلمون والآباء أيضًا
في النهاية ما أود قوله بأن الأبناء هم نفسنا الفتية التي تستحق منا أن نراجع أفكارنا لأجلها، ألا نكرر أخطاء آبائنا، أن نقرأ، أن نفهم، أن نكون على دراية وجاهزية كبيرة لمنحهم المنهج الأصح لسلكه، وأن نمهد لهم طريقًا أكثر منطقيةً ووضوحًا ونمنحهم رابطة أخوية قوية تستمر حتى بعد غيابنا من حياتهم-
أتمنى طول العمر للجميع.
كتب هذا المقال بقلم إيمان الخطيب
من مدونه أمهات
للمزيد أنصحكم بزياره موقع
https://ummahat.net/
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات