فن استشعار البساطة و تعظيم الراحة على متعة الشراء كنمط حياة

و في الناس من يرضى بميسور عيشه

فمركوبه رجلاه و الثوب جلده

أما بعد،

فلسنا ندري أي زهد ذاك الذي وصفه المتنبي و قد انسلخ أصحابه من كل رغد ، لكن جلي أن ظهر في السنوات الاخيرة أحفاد لهؤلاء رأوا في بسيط العيش و القلة التي لا تقبل الزيادة مرتعا لهم و سبيلا للعيش فأسموا تيارهم بالمينيماليزم و يرادفه بالعربية مصطلح التخفيف أو التقليل.

كان الفن و الابداع مهد المينيماليزم، حيث انبنت إحدى التوجهات التشكيلية على استخدام أقل الممكن من أدوات، رغبة في إضفاء المزيد من الجمال على اللوحة و تبع ذلك توجه مشابه في مجال الديكور و العمارة بالولايات المتحدة الامريكية لتنتقل بعد ذلك هذه الرؤية إلى فن الحياة و نمطها عند الكثيرين.


ينبني المينيماليزم على قاعدة جوهرية واحدة هي " اقتناء المزيد من الأشياء لا يجلب السعادة لكن التخلي عن كل ما يزيد عن حاجتنا يفعل " فتجد الواحد منهم يسكن بيتا كبيرا ذو أثات قليل لا يتجاوز ما يستعمله بشكل دائم و يملك من الملابس مايكفيه فقط ، تكون غالب الاحيان نسخا عن بعضها .

اتباع هذا النمط من العيش لا يتأتى إلا باتباع بعض الخطوات، من أهمها :

-اقتناء الأشياء تبعا لأهميتها بعد تحديد دور محدد لها يسهل علينا الحياة اليومية و في المقابل التوقف عن شراء كل ما هو خارج عن هاته القاعدة

-تحديد مهام اليوم حسب أهميتها و بشكل أعم وضع أقل عدد من الأهداف ليتسنى تحقيقها بالشكل الأمثل

-تبسيط المحيط الاجتماعي و التقليل من العلاقات الإنسانية خاصة السامة منها

-تبسيط الملبس بتقليل عدد الألوان و أشكال الملابس، قد لا يصل إلى مستوى زوكربيرغ الذي يقتصر على ملبس واحد طوال حياته العملية لكن العبرة بتقليص مدة التفكير في ملبس اليوم و الغد.

قد تبدو هذه الرؤيا دون جدوى لكن مفهومها يظهر عندما تجد عدة دقائق وفرت و تراكمت لتكون ساعات مع مرور الأيام

- ضبط استعمال الهاتف و وسائل التواصل الاجتماعي بتقليص وقتها بحيث لا تمنع الشخص من القيام باشياء أهم

- النوم حسب احتياج الجسم حيث أن العبرة ليست بالمدة بل بجودة النوم


عندما تسمع مبادئ هذا النمط لأول مرة يخيل إليك أن صاحبه سيعيش في حاجة و حرمان لذا فعادة ما يرتبط في الاذهان بالفقر و العوز إلا أن أكبر رواده سائرهم ذوو مناصب و مشاريع كبيرة لكنهم يتبنونه نمطا للحياة و كثير ما يرتبط عندهم بالراحة النفسية العلاقات الاجتماعية القوية و الرضى عن الذات الذي يتجلى في ابتسامة تعلو المحيا غالب الأحيان.


بلغة أعم و أوضح ، ففن المينيماليزم هو فن استشعار البساطة و تعظيم الراحة على متعة الشراء، قد لا يستطيع الكل تتبعه بحذافيره لكن الاستزادة منه و لو بعادة واحدة ثمينة قد تغير الكثير بين ثنايا أوقات اليوم.

هذا النمط، و إن كان أصله ماديا بحتا ، يمكن أن يعم جميع جوانب الحياة حتى الروحي و النفسي و يلخصه بدقة متناهية علي ابن ابي طالب حين قال "اعتزل ما يؤذيك". بتطبيق هذا المبدأ ، تكون قد قللت من المشاعر السلبية حولك ، من العلاقات السامة ، و من العادات السيئة لتبني لنفسك صرحا من الراحة و الطمأنينة و ذلك كل مايطلب من هذه الحياة.

إقرأ المزيد من تدوينات زهرة امزوك

تدوينات ذات صلة