هل تعتبر قراءة لغة الجسد فعلاً واحدة من أهم المهارات لتقييم شخص آخر!!

كيف نمشي، نجلس أو نقف، كلها حركات غير لفظية تشي بطبيعتنا، مزاجنا وصدقنا، هذا ما يسمى لغة الجسد، وهي عبارة عن لغة غير لفظية ترافق اللغة اللفظية عند تواصلنا مع الآخرين، هي لغة مليئة بالأسرار، اهتم بها الكثير من الخبراء وعلماء النفس، وقامت العديد من الأبحاث والدراسات لمحاولة فهمها، ومع ذلك فإن قراءتها ليست بالأمر الهيّن الذي يمكن تفسيره بسهولة، فلابدّ من تحليل هذه اللغة في ضوء الموقف الذي ظهرت فيه.


ومن مزايا لغة الجسد أنها تزيد من درجة معرفة الإنسان بنفسه وفهمها ومعرفته بقدراته هو وبالآخرين، مما يجعل مقابلاته ومعاملاته مع الناس أكثر إمتاعا، لأن هذا الفهم يقود حتما إلى تحسينه لحياته، طالما تغيرت طريقة التواصل مع الآخرين، ليشعر أكثر بالذكاء والصواب في التصرف أو السلوك وفقا للمواقف. كما أن هناك فرق في لغة الجسد بين العمل أو عند مقابلة لوظيفة والسلوك الاجتماعي.


لغة الجسد والدراسات:


  • وجد الباحث الرائد في مجال لغة الجسد البرت ميهرابيان في الخمسينيات من القرن الماضي، أن التأثير الكلي للرسالة في عملية التواصل يتحقق من خلال الشق غير اللفظي “لغة الجسد” بنسبة 55%، في حين أن الشق الصوتي متضمنا نبرة الصوت وتغير مقامه لغير أصوات بنسبة 38%، والشقق اللفظي “الكلمات” فقط 7%. ما يدل على أهمية كيف يبدو المرء عندما قال الكلام وليس الكلام في حد ذاته.
  • وجد ميهرابيان أن المكون اللفظي لحادثة وجها لوجه يمثل أقل من 35%، وأن أكثر من 65% من التواصل يتحقق بشكل غير لفظي.
  • وجدت دراسات أخرى أيضا أن الناس يُكوّنون 60-80% من رأيهم الأولي عن الشخص الجديد في أقل من 4 دقائق.
  • عند التفاوض وجها لوجه، يتم اتخاذ قراراتنا النهائية استنادًا على ما نراه أكثر مما نسمعه، عكس التفاوض مثلا عبر الهاتف، حيث يفوز بالعادة صاحب الحجة الأقوى.
  • كمستمع فإن النظر يشكل في الوضع الطبيعي 75% مع المتحدث، في حين 25% لإراحة المتحدث، بمعنى أننا لا ننظر إليه بنسبة 100% أثناء الحديث. أما المتحدث نفسه فإن النظر للمستمع له يكون فقط من 40-50% فقط في الوضع الطبيعي.


نحن نرسل باستمرار رسائل خفية، حتى لو لم نكن على علم بذلك دائمًا، فإن الاتصال عملية معقدة للغاية. خلال المحادثة، ينصب تركيزنا الرئيسي عادة على الكلمة المنطوقة أي اللغة، ليس من الواضح للكثيرين أن التواصل غير اللفظي -أي لغة جسدنا- تمثل حوالي 90 ٪ من هذه المحادثة. فمن خلال لغة جسدنا نرسل باستمرار الرسائل التي يتم تلقيها عادةً والرد عليها دون وعي من قبل شريك الاتصال.


غالبًا ما تنشأ الصعوبات في عمليات الاتصال لدينا لأن الكلمة المنطوقة لا تتطابق مع لغة جسدنا، مثال على ذلك هو الجملة: "الشمس تعميني" في الواقع، يعني شريك الاتصال الخاص بك: "الرجاء إغلاق الستار فالشمس تزعج بصري".

يصف هذا المثال جيدًا الفرق بين ما يقال وما هو المقصود. لفهم ما تعنيه حقًا للآخرين من الضروري أن تتمكن من تفسير هذه الرسائل المخفية بشكل صحيح، إذا صقلنا حواسنا ودربنا أنفسنا على فهم ما يقال وفهم المقصود، فهذه هي الخطوة الأولى لفهم ما يعنيه المتحدث حقاً.


ربما تتساءل الآن كيف يمكنك بالضبط معرفة الذي يريد أن يخبرك به محدثك، أو الموقف الذي تتخذه أنت من المحادثة، والاجابة غالبًا ما يتم تفسير الإشارات اللاواعية التي نرسلها باستمرار بشكل مختلف، اعتمادًا على الحالة المعنية أو مزاج المتلقي.

مثال على ذلك:

يمكن للشخص الذي يضع الايدي مكتوفة أمام صدره أن يعبر في تلك اللحظة عن رغبته في المزيد من المسافة، و أنه أكثر تحفظاً وترددًا في بدء محادثة، ولكن قد يكون كذلك أنه بارد الآن لأن النافذة مفتوحة، أو أنه مجرد عادة اعتاد عليها، على الرغم من تعدد التفسيرات المحتملة.


هل لديك فرصة للتأثير الإيجابي على مسار المحادثة من خلال قراءة أو إرسال إشارات غير لفظية؟

قطعا نعم! هناك دائمًا العديد من العلامات التي تشير إلى حالة ذهنية معينة، إذا كنت منتبهًا، يمكنك التدخل بطريقة مستهدفة، والتأثير بشكل إيجابي على المحادثة.

مثال على ذلك:

في بداية المحادثة، ستجد شريك المحادثة الخاص بك جالساً وذراعيه مثنيتان للخلف، هناك علامة على أنه إنسان منغلق .

من أجل نزع فتيل الموقف وكسر الجليد الأول، يمكنك الاقتراب منه بوعي، وتحيته بحرارة وسؤاله عن تقديم شيء له ككوب من الشاي، القهوة أو الماء على سبيل المثال. من خلال هذه العملية، يتم إجبار شريك المحادثة على فتح يديه، تنشأ الحركة تلقائياً والتي يمكن أن تكون بمثابة اشارة كسر للجليد، وبالتالي احراز تقدم في الحوار، جربوها!


لغة أجسادنا74004017313651550


هل تمتلك المرأة قدرة أعلى من الرجل في قراءة الإشارات والايماءات؟

أظهر بحث أجراه علماء النفس في جامعة هارفارد، أن النساء ينتبهن أكثر من الرجال بكثير للغة الجسد، وقد عرض على المشاركين في البحث أفلاما قصيرة، بدون إظهار الصوت لرجل وامرأة يتحدثان، وطلبوا منهم تفسير ما كان يدور بينهما بقراءة تعبيراتهما.

وأظهرت نتيجة البحث أن النساء استطعن قراءة الموقف في 87% من الحالات، بينما أحرز الرجال نسبة 42% فقط. ومن المثير أيضا أن الرجال الذين يعملون في وظائف تتعلق بالتنشئة وتقديم الرعاية مثل التربية والتمريض، كانوا في كفاءة النساء تقريباً.والنساء اللاتي قمن بتربية أطفال لديهن الحدس أقوى، لأنه خلال السنوات القليلة الأولى تعتمد الأم مثلا على الملاحظة غير اللفظية للتواصل مع الطفل، وهذا هو السبب أن النساء عادةً يكن مفاوضات لمحات أكثر من الرجال وذلك لأنهن يمارسن قراءة الإشارات مبكراً.

وبشكل عام تعتبر المرأة حادة الملاحظة أكثر من الرجل بكثير، ولديها قدرة فطرية على التقاط وفك شيفرة الإشارات غير اللفظية، ورؤية التفاصيل بدقة. ففي تصوير المخ بالرنين المغناطيسي MRI تبيّن أن مخ معظم النساء مصمم بحيث يفوق أي رجل في القدرة على التواصل. ولدى المرأة ما بين 14-16 منطقة بالمخ لتقييم سلوك الآخرين مقارنة ب4-6 مناطق عند الرجال، وهذا يفسر كيف تستطيع المرأة في حفل عشاء مثلا فهم العلاقات بين الآخرين من خلافات وحالات حب، وهو ما يفسر كذلك لماذا يرى الرجل المرأة كثيرة الكلام، في حين تراه هي قليل الكلام.


التفاعل بين الدماغ والجسم:


هل تعلم أنه من ناحية أخرى، يمكنك التأثير على موقفك العقلي والعاطفي الداخلي من خلال المواقف الواعية؟

من خلال المواقف والحركات المستهدفة، يمكنك تعزيز ثقتك بنفسك حتى تصبح عادة! بمعنى آخر، إذا كنت تقف وتتحرك كشخص ليس لديه ثقة بالنفس، يمكنك أيضًا التدرب على اظهار نفسك أكثر ثقة اعتماداً على المواقف العقلية بشكل متكرر! وهناك مقولة انجليزية:

تصنعها حتى تتقنها Fake it until you make it



مثال بسيط: الابتسامة!!!

إذا ابتسمت بوعي، ستكون أكثر سعادة وموقفك أكثر إيجابية!

لأن دماغك يتفاعل مع النبضات التي تسببها العضلات المحيطة بالفم ويربط الابتسامة بالمشاعر الايجابيةا!

ولأن دماغك اعتاد بالفعل للتعبير تلقائيًا عن المشاعر الجيدة بابتسامة حقيقية.


هام: يجب أن تكون الابتسامة حقيقية، فيمكننا تمييز أنها حقيقية من خلال العين والتجاعيد حولها. لذا يمكنك أن ترى في شخص آخر ما إذا كانت ابتسامته حقيقية أم تم تصنعها للتو.جربها! ابتسم لفترة قصيرة، ثم بينما تبتسم حاول التفكير بشكل سلبي ...انها لا تعمل!

بعض النصائح لاستخدام لغة الجسد بفاعلية:


  1. مهارات الاتصال تبدأ بالوجه لذا يجب ان يكون الوجه متحركا بمعنى تكون ملامحه تعبيرية، أي ان التعبيرات تتناسب مع الكلام المنطوق، خاصة أن هذه التعبيرات تنقل المشاعر بصدق، وهي من أساسيات التواصل.
  2. المصافحة: على الرغم من سهولة الحركة لكنها تظهرك بشكل عملي، وتعطي الانطباع بأنك انسانة غير مغلقة، كما أنها من أهم مقومات الاتصال الناجح فهي تعكس السلام والثقة بالنفس.
  3. الابتسامة: تكون نابعة من القلب لأن الطرف الآخر سيشعر بها إن كانت مصطنعة.
  4. الرأس: يجب أن يكون مستقيماً مباشراً باتجاه المستمع فإن كان منحنياً فإنه يعكس للطرف الآخر عدم الاكتراث وفي حال كان للأعلى يعطي شعوراً بالاستعلاء. أما العيون، لها مجموعة من اللغات، ولكن أهم ما ينصح به الابتعاد عن التحديق طويلا أو الحملقة في الطرف المقابل، لأنها تعطي شعورا بالريبة والتهديد، وأن لا تكون حركة الرموش سريعة أو ثابتة حتى لا تعطي نفس الانطباع، بل حاول أن تكون حركتها طبيعية.
  5. تجنب النظر من أعلى لأسفل أو النظر في يد الطرف الآخر أو للباسه لأن ذلك يوتره. ويقطع بالتالي وسائل الاتصال.
  6. في حال عدم قدرتك النظر في الطرف المقابل هناك خدعة “المثلث المقلوب” وهي المسافة بين الحاجبين نزولا للأنف، وإن نظرت في أي نقطة داخل هذا المثلث، تعطي انطباع أنك تنظر إليه مباشرة.
  7. الجبين: أن لا يكون جبينك منعقدا لأنه يعكس الجدية أو الغضب -على الرغم أنه قد لا يكون مقصودا- وأن لا يكون مرفوعا، لأنه يدل على الدهشة والاستغراب، لذا تحكم به بحيث يبدو طبيعيا.
  8. الأكتاف واليدين: مستوية وثابتة، لأنها تعبر عن شخصية قوية متزنة ومتوازنة بإمكانها التحكم بحياتها. بالنسبة للنساء فإن وضع الكف فوق الكف بشكل مرتخ وعلى البطن، فذلك يعبر عن الدفء والتوازن العاطفي، في حين أن تشابك اليدين مع أصابع متداخلة يدل على التوتر. لذا يفضل أن تكون اليدين مفتوحة لتدل على شخصية ودودة ودافئة، أو وضع اليد اليمين على اليسار بحيث تكون الأصابع المماثلة على بعضها، لأنها تعكس شخصية تتحكم بمشاعرها وانفعالاتها وأمور حياتها، كما أنها تعكس الثقة بالنفس. ويجب عدم الإكثار من حركات اليدين عند التخاطب، لأن الحركة عامل مشتت.
  9. تجنب رفع أحد اليدين في إشارة قف، لأنها غير محبذة أبدا في أساليب التخاطب والتواصل، ويمكن بابتسامة مع حديث مباشر لفظي، أن تجعل الحوار أكثر ودية. وتجنب أيضا وضع اليدين في الجيوب، لأنها تعطي إشارة باللامبالاة، وأيضا عدم وضعها على الخصر، لأن هذه إشارة السلطة الأعلى: أنا الأهم والأقوى والمسيطرة.
  10. طريقة الوقوف: تنقل صورة عنك، لذا تعتبر مهمة في التواصل، ويفضل الوقوف مستقيمة، والساقين متباعدة عن الأخرى، لأن ذلك يساعد الرئتين على التنفس بشكل منتظم، وبالتالي خروج الصوت أوضح. تجنب أيضا أثناء الوقوف بتكتيف اليدين، بمعنى اليد اليمين على الذراع اليسار والعكس، لأنها تعني “الدرع” أي عدم الرغبة في التواصل.
  11. طريقة الجلوس: تعكس فلسفتك في الحياة، وتشكل الحكم الأولي عليك، لذا يفضل اختيار الجلوس إلى ظهر الكرسي حتى النهاية، بشكل مستقيم مع ذراعين مستقيمة باتجاه الطرف المقابل، والساقين مستقيمة، لأن ذلك يعكس الثقة بالنفس. وتجنب الحركة الكثيرة والتمايل، لأن علماء النفس أجمعوا أن ذلك يعكس الخوف والقلق وعدم الصدق، أو الرغبة في القتال و الهروب بعيدا.


لا بد من عدم الاستهانة بلغة الجسد، لأن حركات بسيطة تكشف أسرار شخصياتنا، وتعطي الانطباع من نكون، لذا لا بد من عدم التقليل من شأنها، ومحاولة فهمها في ظروفها. كما أن الجسد هو انعكاس ظاهري لحالة الإنسان العاطفية، ومعظم إشارات التواصل الأساسية تعتبر واحدة في جميع أنحاء العالم؛ فعندما نكون سعداء نبتسم، وعند الحزن والغضب نتجهم ونعبس، والايماءة بالرأس نعم او دلالة على التثبيت والتأكيد، وتحريك الرأس من جانب إلى آخر تعني النفي أو لا.




*هذا المقال قد نشر مسبقاً، ولأنني بحثت في الموضوع مجدداً، وأضفت عليه كثير من التعديلات، أود إعادة نشره هنا بنسخته المعدّلة


المصادر:

  1. Samy Molcho: Körpersprache
  2. Günther Rebel: Mehr Ausstrahlung durch Körpersprache
  3. Horst Conen: Die Kunst, mit Menschen umzugehen
  4. Allan & Barbara Pease: The devinitive book of body language

ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات ميسون أبوزغيب

تدوينات ذات صلة