كان لابد لنا من أن نطرق أبواب الحزن ليستقبلنا ونتجرع من كأس الخوف والألم.
كل شيء حدث فجأة، لا نعرف ما الذي حدث، كنا بالأمس في بيوتنا سالمين، واليوم أصبحنا مشردين يا لها من أيام عصيبة، فقصتنا مليئة بالخوف والموت، قصتنا خرجت من مستنقع الدم، كان لابد لنا من أن نطرق أبواب الحزن ليستقبلنا ونتجرع من كأس الخوف والألم.
بداية قصتنا أننا أردنا الحرية ونحن جوعى لها.. أردنا كرامتنا بعد أن سلبت منا.. أردنا الإنسانية بعد أن فقدها هذا العالم، أردنا كل شيء فقدته البشرية، ووجدنا في وقت لاحق أن فاقد الشيء لا يعطيه، لينتهي بنا الأمر في ساحة جنون.. الكل يهرب نحو المجهول.
أذكر أنني كنت جالسة أتحدث لأحد الصحفيين القادمين لتغطية الأحداث وأطرح عليه بعض الأسئلة حول ما يحدث، وهل هناك جهات دولية ستنشلنا مما نحن فيه، أعلم ان أسئلتي لم تكن في وقتها، فنيران القصف في كل مكان، حتى أسرع الصحفي لينهض ويرتدي معطفه ليخرج هربًا من القصف الذي يحيط بالبيت ونهضت أنا أيضًا مسرعة لارتداء ثوب الخوف مودعة هذا المكان قبل أن يأتي دوره في القصف بالبراميل المتفجرة.
أذكر أنني اجتزت الشارع بخطى مسرعة ليتوارى أمامي بعض الشبان الذين ما إن رأوني حتى صاروا يصرخون علي لأذهب بالاتجاه الآخر وأخلي المكان، وبالفعل ذهبت مسرعة وما هي إلا بعض دقائق حتى سمعت صوت انفجار قوي خلفي لم أتجرأ أن أنظر إلى الخلف لأرى ماذا حدث!!!
استمررت في الركض حتى أوقفني مشهد دموي، كان قد تعرض مركز إيواء لحماية المدنيين للقصف، إذ أنه أصبح عبارة عن مسرح جريمة تقشعر لها الأبدان.. جثث وأشلاء في كل مكان، لم أستطع تحمل هذا المنظر فوليت هاربة ولم أعقب، أسرعت في الهروب من هذا المكان خوفا من أن أتعرض لما تعرضوا، أهرب وصوت القصف والرصاص بأذني وأنا أقول: أنا بخير نعم أنا بخير، ما دمت أسمع هذا الصوت، ولكن ضميري كان يؤنبني..
لقد فقدت إنسانيتي أنا أيضا.. لأنني هربت دون تفقد مركز الإيواء الذي قصف هل هناك جرحى أو أشخاص على قيد الحياة، ولكن الخوف كان قد تملكني وسيطر على تصرفاتي.
واصلت الهرب والركض نحو المجهول، وأنا بالكاد أستطيع التقاط أنفاسي، شعرت بخطر من خلفي، تلفتت إليه لكنه التوجس والخوف، حينها اصطدمت قدمي بقوة بحجر من آثار القصف، فأغمضت عيني وأنا أسقط هذه السقطة المميتة.. ولكن..
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات