كيف نبحر اذا ادركنا ان طريقنا مليء بالعواصف؟

كيف نبحر اذا ادركنا ان طريقنا مليء بالعواصف؟ بالرغم ان امتلاك قارب فقط لا يكفي لعبور الطريق.

كيف نبحر اذا ادركنا ان طريقنا مليء بالعواصف؟

ان امتلاك قارب فقط لا يكفي لعبور الطريق، بل يجب علينا معرفة استخدامه والادوات المتوفرة فيه للوصول لبر الامان. ان من الخطأ ان نبحر في طريق خطير ونحن متوهمين انه بأستطاعتنا السيطرة على المواقف والظروف، كمن يقدم الترياق قبل ان يُشخص المرض. كل شخص منا هو قبطان لسفينته، وهو الانسان الوحيد القادر على تغيير سلوكه وتحمل مسئولية النتائج الصادرة عن قراراته عند المفاضلة بين الخيارات المتاحة.ان الهدف من هذه المقالة هو الابحار نحو وجهة تغيير السلوك والتعرف على اليات تطوير أداء الإنسان، مع مراعاة العوامل المتعددة الإيجابية منها والسلبية والتي تؤثر على حياته وتعامله مع الاخرين، حيث ان الوقاية هي الخطوة الاساسية قبل المرض والتشخيص وتقديم الترياق.عند الابحارنجد انفسنا محاطين بـ (8) ثمانية عناصر رئيسية، (5) خمسة عناصر سنجدها داخل الذات و(3) ثلاث عناصر سنجد انها تتعلق بالبيئة الخارجية، وهي كما يلي:-

العوامل الداخلية:

1. عجلة القيادة: وهي تمثل الاحتياجات والميولات والقيم الموجودة داخلنا.
2. مكان الوصول: وهو يمثل اهدافنا وامنياتنا المستقبلية.
3. الشراع: ويمثل نقاط قوتنا والموارد المتوفرة وقدرتنا على التأقلم الفعال مع البشر او المواقف او المعدات.
4. البوصلة: وهي ردود افعالنا الداخلية ومشاعرنا وعواطفنا واحاسيسنا.
5. وجود فجوة (تسريب): وهو يمثل نقاط ضعفنا وتعاملاتنا الغير فعالة مع البشر او المواقف والمعدات.

العوامل الخارجية:

1. المياه: وهي تمثل الواقع والبيئة التي نعيش بها.
2. الطقس: وهو يمثل الظروف التي لا يمكننا السيطرة عليها والخارجة عن ارادتنا.
3. القوارب الاخرى: وتمثل الاشخاص الاخرين.

التفاعل بين العناصر

• إن تجاهل التسرب الموجود في القارب (نقاط الضعف) مع تعزيز عمل الاشرعة (استخدام نقاط القوة) سيزيد من سرعة القارب وبالتالي تقليل التسرب، وهذا سيعطي بعض الوقت ولكنه في النهاية سيؤدي تدريجياً إلى غرق القارب. ما اعنيه هو انه من المهم معالجة نقاط الضعف وزيادة نقاط القوة.
• من المرجح أن يظل القارب الذي يبحر في اتجاه ذو قيمة (عجلة القيادة) على المسار الصحيح خلال الطقس العاصف (الظروف)، مقارنة مع القارب الذي يبحر في اتجاه غير معروف.
• القارب الذي لا يرغب في اختيار اتجاه مختلف (البوصلة) بسبب الخوف من مغادرة "منطقة الراحة" لن يبحر في مياه جديدة، ولن يستكشف مناطق جديدة للوصول (الاهداف والامنيات).
• لا تتأثر طبيعة المياه (هادئ ، مضطرب ، إلخ...) فقط بالظروف التي لا يمكن السيطرة عليها مثل الطقس، ولكن تتأثر ايضاً بأختيار القبطان للاتجاه الذي يبحر اليه، حيث قد يتسبب هذا الاتجاه الجديد في دخول القارب إلى منطقة جديدة تتميز بمياه مضطربة أو هادئة أو مناطق صخرية وخطرة. وبالمثل، يمكن للقوارب الأخرى أن تسد الطريق بالتالي صعوبة الإبحار في هذا الاتجاه.

نلاحظ أن الواقع اليومي الذي يواجهه الانسان يتأثر بعدة عوامل، داخلية وخارجية، تتفاوت جميعها في درجة التحكم. ولا تؤثر الأحداث التي لا يمكن السيطرة عليها مثل؛ فقدان صديق أو التأثير السلبي للآخرين على الواقع اليومي فحسب، بل تؤثر أيضاً على الخيارات التي نتخذها في الحياة بسبب الانجراف خلف عاطفة معينة وغياب اليقظة الذهنية.

بعض دلالات

• قد نشعر بان القارب لا يتحرك وانه بنفس المكان، هذا يعني اننا لا نشعر بوجود معنى في حياتنا وهدف من وجودنا، او لاننا نعاني من عدم الاستقلالية حيث نسمح للظروف او الاشخاص الاخرين بتقيدنا.
• قد نشعر بأننا لا نبحر في الاتجاه الذي نريده بل نحو الاتجاه الذي يريده الاخرين، وهذه دلالة على اننا قد نعاني من ضغط اجتماعي كبير يضطرنا للمضي بأتجاه يريده الاشخاص الاخرين.
• قد نشعر بأن كل ما نشاهده هو التسرب الحاصل في القارب، هذا يعني اننا نركز بشكل مفرط على نقاط ضعفنا ومشاكلنا.
• ان شعرنا بأن القارب لن يصمد امام العاصفة القادمة، فأننا قد نعاني من مستويات منخفضة الاداء او وجود شكوك حول ما نملك من مهارات.

حلول

1. معرفة اين نتجه، لان الوعي بالعناصر المختلفة الخارجية او الداخلية ليس كافياً، يجب على الانسان ان يدرك حقيقة؛ وهي انه لا يجب الابحار في اتجاه يركز على المصلحة الشخصية فقط، بل أن يتخذ إجراء ويدير عجلة القيادة نحو القيم والاخلاق الحميدة حتى يستطيع تغيير سلوكه للافضل. بمعنى آخر، بالإضافة إلى إدراك قيم الفرد، فأنه يجب على الانسان أن يتخذ خطوات سلوكية ايجابية نابعة من قيم واخلاق حميدة اتجاه الاخرين (لا يكفي رفع أشرعة القارب فقط، بل يجب على القبطان أيضاً أن يوجه القارب).
2. التركيز على ضمان التوازن بين جميع العناصر واخذها جميعاً بعين الاعتبار، فأن التركيز المفرط على عنصر واحد قد يفقدنا السيطرة على القارب وبالتالي يصبح عرضة للغرق في اي لحظة. مثلاً، قد نقوم بالتركيز على وجهة القارب وبالتالي لن نستمتع بالمناظر أثناء الرحلة (المشاعر الإيجابية). وقد نركز على عدم القدرة بالتحكم في الطقس (الأحداث التي لا يمكن السيطرة عليها) والذي يؤدي لعدم الانتباه عند حدوث تسرب للمياه الى القارب.
3. الاهتمام المستمرة، حتى إن تمكنا من إصلاح التسرب والتركيز على نقاط القوة، فإن المياه ستظل تشكل ضغطا قويا على القارب، ولا يكفي إصلاح التسرب أو تصحيحه بشكل مؤقت، بل يحتاج إلى التحقق بشكل مستمر من التسرب وتقوية الإصلاح (العمل بوعي على نقاط الضعف). علماً بأن نقاط الضعف لا تختفي بسهولة وفي يوم واحد، بل تتطلب اهتماماً مستمراً. وهو أيضاً مفتاح تطوير نقاط القوة من خلال بذل الجهد وتحدي النفس وتعلم كيفية التعامل مع الفشل، حيث يمكن لنا رفع كفاءة الاشرعة من خلال زيادة حجمها وتعلم كيفية استخدامها بفعالية. بمعنى آخر، العمل المستمر على نقاط القوة سيزيد أيضا من آثارها المفيدة.
4. المرونة، بدلاً من إدراك عناصر القارب على أنها ثابتة ومحاولة الحفاظ على حالتها الحالية، يجب اعتبارها ديناميكية. يُسمح دائماً بتغيير الاتجاه (القيم) والوجهات (الأهداف) في أي لحظة. وبالمثل، فإن البوصلة والطقس والبيئة الاجتماعية تتغير باستمرار. ربما تتضح أهمية المرونة من خلال أشرعة القارب (نقاط القوة)، حيث انها تعتمد على العوامل الخارجية مثل الطقس، قد لا تهب الرياح في اتجاه تمسك به الأشرعة، في هذه الحالة يجب أن يكون القبطان مرن بدرجة كافية لتغيير اتجاه القارب، أو ضبط الأشرعة للقبض على الريح أو الانتظار حتى تدور الرياح في الاتجاه المناسب مرة أخرى. بعبارة أخرى، يتطلب الاستخدام الأمثل للقوة دراسة متأنية للموقف الذي يواجهه الانسان، بدلاً من مجرد استخدام القوة بشكل أعمى إلى أقصى درجاتها.