بدأت أتجول أنا وعيناي وأفكاري وقلبي في صباح اليوم بين قصاري النباتات في المشتل الصغير القريب من المنزل بحثاً عن إختيار موفق لهدية إتمام خمس وعشرين عاما...


عندما بدأت أتجول أنا وعيناي وأفكاري وقلبي في صباح اليوم بين قصاري النباتات في المشتل الصغير القريب من المنزل بحثاً عن إختيار موفق لهدية إتمام خمس وعشرين ربيعا‚ تعلقت عيني بإناء به أوراق خضراء متوسطة الكثافة والحجم ينمو وسطها العديد من الرؤوس البرتقالية الحارة الشبيهة بثمار مانجو بحجم عقلة الأصبع فسألت عن ماهيتها وعرفت أنها قرون فلفل وليدة؛ فتراجعت عن إختياري الذي أشارت إليه عيني لأن البرتقالي هو اللون الجديد الذي أحبته إسراء قبل عام ونصف وأنا أحرص ألا أحصر الأشخاص في قوائم أشيائهم المفضلة القديمة وصفاتهم القديمة وتصرفاتهم القديمة؛ وكأن الأيام لم تدون أشياء أخري بعد تلك القوائم؛ فلا أتمسك بنسخهم القديمة فقط لكي لا أفيق بعد أعوام وأجد أنني أتمسك بأشخاص لم يعد لهم وجود وأنني شاركت في قتل ما عملت علي إنباته. لذلك أعيد التعرف على الجميع من جديد كل آن وأسجل تفضيلاتهم وتفاصيلهم الجديده علي الدوام وأغلفهم بحبي القديم بإتقان.

قررت بعد ذلك أن أترك لأفكاري مهمة الإختيار؛ فترأست ذاكرتي المسيرة كونها الأكثر إلماما بتفاصيل صغيرة ترتص منذ تصادقنا حتي الأن فتعرض الذكريات سريعا :ما تفضله إسراء وما تمقطه‚ ما تقتنيه وما تمنته‚ ما نقدته وما ألفته وما إلي ذلك. فا إستبعدت النباتات التي تبدو عليها الرقة المفرطة لأنها ستودي حتفها سريعا وحينها لن يكون حادث مفاجئ لأن إسراء فقدت نبته رقيقة سريعا من قبل. توقفت.

لم يكن ذلك كافيا لإنتقاء النبتة الملائمة؛ كان كافيا فقط لإستبعاد الغير ملائم.


فلجأت لقلبي ليحسم الأمر فأدلى لي بسر الإختيار...

أخبرني بأن أنتقي مرآة.

أليست عيوننا مرآة للأحباب؟ تراهم جيدا عن كثب وتتقبلهم دون شروط؛ تسمح لهم بإصلاح العيوب وقتما ينتبهون وتخبرهم بأن لابأس إن أخفقوا وتذكرهم كل يوم بأنفسهم.

بحثت بعد ذلك في الخيارات المتبقية عن نبتة كالمرآة. وقعت عيني علي واحدة وإبتعتها دون تردد أو تنقيب عن آخري فقد كانت تلك شبيهه للغاية بإسراء.

صبارة أليفة ليست كصبارات الصحراء؛ تود أن تروي كل يوم بخفة وليس بها أشواك.

ولكنها أيضا تجيد القتال وحواف أوراقها مدببة كرؤوس السهام.

جوزائية يستحيل لون أوراقها بالكامل للون أحمر دافئ إذا أمضت وقتها في نهارات مشمسة. وتبرد مرة أخري وتعود أدراجها إلي أخضر مسالم في أمسيات هادئة. وتتألق بذلك المزيج وقتما تهوي الأيام.

صاخبة بأوراقها العديدة المعتمدة كل واحدة منهن علي ذاتها؛ متونسات ببعضهن كإسمها؛ إسراء: السير في قافلة؛ ليلاً.



رولا نضال

ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات رولا نضال

تدوينات ذات صلة