قصة العالم فولر في طفولته ألهمتني اتعديل طريقتي مع إبنتي في التعامل و من ثم تعيدل سلوكها في التعامل مع الكثير من المواقف



ابني البكر يبلغ من العمر 10 سنوات يحب ألعاب التركيب والتكنولوجيا وهو حذر بطبعه منذ صغره لا يخاطر ولا يغامر، أما ابنتي الصغيرة ذات 4 سنوات عكسه تماماً تحب المغامرة والتجربة وخاصة إن كانت ردة فعلي بقول "لا" أو " لا يجوز"... بالعامية يطلق عليها "المخربة".


ورغم محاولاتي الكثيرة بتوجيهها وتوضيح الفرق بين أن هذا خطر وذاك يؤذي إلا ان جهودي معها لم تثمر إلى أن قرأت قصة زجاجة اللبن المسكوب من كتاب ملهمون والتي تتكلم عن لقاء صحفي مع العالم باكمينستر فولر وهو عالم رياضيات وفيلسوف حاصل على 46 دكتوراة فخرية.


وكل ذلك بسبب أنه تعلم من أخطائه الكثيرة التي أوصلته إلى ما كان يطمح إليه، ومنذ أن قرأت قصته بتفاصيلها تغيرت ردة فعلي تجاه طفلتي بالكامل.

كانت قصته كالآتي:


"كان "باكمينستر" صغيراً حين حاول إخراج زجاجة لبن من الثلاجة وانزلقت من يده فانسكبت بالكامل على أرض المطبخ. وبالطبع لم يفكر حينها إلا بشيء واحد وهو رد فعل والدته!

في الحقيقة، بدلاً من أن توبخه أمه قالت له: "يالها من فوضى رائعة تلك التي صنعتها! حسناً يا بني لقد وقع الضرر بالفعل، لا تقلق بشأن هذا، هل تريد أن تلهو معي قليلاً بينما نقوم بتنظيف هذا اللبن المسكوب؟"


وبالطبع كان يريد ذلك، فقالت له: عندما تعم فوضى كهذه يكون علينا تنظيفها ، لذا كيف تحب أن نفعل هذا؟ يمكننا استخدام فوطة، أو إسفنجة، أو ممسحة، أيهما تفضل؟

وبعد أن انتهيا من تنظيف اللّبن المسكوب، قالت:إنّ ما لدينا هُنا هو تجربة فاشلة في حمل زُجاجة كبيرة من اللّبن بيدين صغيرتين، دعنا نخرج إلى الفناء الخلفي، ونملأ الزُّجاجة بالماء ونرى إن كان بمقدورك اكتشاف طريقة تحمل الزّجاجة بها دون أن تُسقطها."


تأثرت بقصته كثيراً وكانت سبباً في تغيير طريقة توجيهاتي بالنسبة لطفلي وخاصة ابنتي الصغيرة فبدلاً من اتباع أسلوب التلقين والتوجيه أصبح بمقدوري الان أن أقدم لها بعض القواعد المتينة لحياتها واكسبها متعة التعلم من التجارب وأن أحول استخدامي لكلمات خطأ ومؤذي وخطر إلى إقناعها بالسبب وإعادة تجربة ما كانت تحاول فعله بطريقة ناجحة .

نجحت معها في كثير من المواقف و بكن هذه المواقف الثلاثة كانت أهمها..


عادة ما كانت طفلتي تمتنع عن توضيب ألعابها بعد اللعب بها، و حاولت بأكثر من طريقة معها و لكنها كانت دائمة التململ، خطرت في بالي فكرة و قلت لها: " لنجرب عدم ترتيب الألعاب لأكثر من يوم!" و كان ذلك.

ثم بدأت بسؤالها اذا كانت الغرفة مرتبة و جميلة؟ و اذا كانت تستطيع إيجاد ألعابها بسهولة؟ فعندما وصلت لطريق مسدود وبدأت في مساعدتنا في توضيب الغرفة لاحظت الفرق و اقتنعت باتباع هذه العادة!


الموقف الثاني وهو قطف النباتات العشوائي...

كانت تحب كثيرا قطف النباتات و الورود كثيرا من أي مكان، و حاولت مرارا أن ثنيها عن ذلك كنت أريها كيف تموت النبتة و تذبل و لانتباهها ، حتى قررت ـن أجعلها تزرع معي بعض النباتات حتى تراقبها وهي تنمو و تعتني بها . و بعد فترة قمت بسؤالها ان كانت تود قطفها؟ رفضت و بشكل تام.


أما الموقف الثالث الذي أرقني كثيرا وهو القفز من أي مكان دون التفكير بتبعاته!

عندما قررت التوقف عن قول "توقفي و انتبهب و لا تقومي بذلك"، رأيت بأن علي "شرح ماهية الموضوع بحذافيره حتى تفهم مدى خطورته. أولا قمت بشرح "بطريقة مبسطة" مبدأ العظام في جسمنا و شاهدنا فيلم كرتون يتحدث عن العظام و الهيكل العظمي مما شد انتباهها و خاصة عندما بدؤوا بشرح طرق المحافطة على صحة الهيكل العظمي من شرب الحليب و عدم القفز و غيره من الوسائل، كما قمت بنمذجة عظتم الساق بحبة معكرونة و كيف أنها تنكسر بالضغط عليها بقوة.

منذ ذلك أصبحت أكثر حذرا، الأمر الذي أسعدني كثيرا.


من الصحيح أن هذا الأسلوب قد يأخذ وقتا أطول من التأنيب و التنبيه إلا أن مفعوله طويل الأمد، كما أنه يعطينا الفرصة للاستمتاع مع بعضنا البعض في خوض تجارب جديدة معا لفهم الحياة و البحث عن حل المشكلات كفريق واحد. و هذه مهارات حياتية يحتاجها الطفل إذ لاحظت أنها بالفعل بدأت تفكر بأساليب مختلفة للوصول إلى أهدافها بدلا من أن تدير ظهرها و تقول أن ما كانت تحاول فعله خطأ و لن تجدي المحاولة!


ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات رشا علاونة

تدوينات ذات صلة