علينا في كل مرحلة حياتية أن نتعلم كيف نرسم حدودنا و كيف نحافظ عليها و كيف لا نتجاوز حدود غيرنا .
حين يتعلّم الطفل التلوين، رويدا رويدا يتعلم أن لا يخرج عن الحدود المرسومة حتى يكون التلوين جميلا و نظيفا.
ثم خطوة خطوة يبدأ هو في الرسم ثم التلوين مع الأخذ بعين الاعتبار تلك الحدود التي رسمها .
في تلك الفترة العمرية، يربي الأهل الصغير على قيم بسيطة، مثلا لا تأخذ ما ليس لك، حافظ على أدواتك، احترم الأكبر منك و لا تؤذي الأصغر منك ، حين تتعرض لأذى عبر عنه و لا تخف ..
حينها يتعلم الطفل كيف يرسم حدوده في أول مراحل نضجه.
لكن أتساءل لماذا حين نكبر ننسى كيف نرسم حدودنا و ننسى احترام حدودنا غيرنا ؟
ربما هي البيئة الاجتماعية التي ننمو فيها أو ربما رغبة منا لنكون دائما عند حسن ظن الآخرين بنا أو ربما لأننا نريد أن نبقى دائما محوبين و يشقى علينا رفض طلبات من حولنا خوفا من خسارتهم.
1-أهمية وضع الحدود :
في بعض المجتمعات, العيش بطريقة عفوية يجعلك عرضة للتجاوزات و الاستغلال و حتى قلة التقدير و الاحترام.
بينما وضع الحدود الاجتماعية يعطيك المزيد من الاحساس بقيمة نفسك.
في المقابل, أن ترضى بكل التجاوزات من أجل أن الشعور أنك مقبول أو محبوب أو مرغوب أو ربما خوفا من مواجهة من حولك هي علامة على خسارتك لقيمتك و تقديرك لذاتك .
2-كيف أرسم حدودي ؟
أولا, ارسم حدودك مع نفسك حتى تجيد وضع الحدود لغيرك . لا تعطي أكثر مما تقدر، سواء في العمل أو في العلاقات الاجتماعية بصفة عامة . .
هناك مثل انجليزي يقول "You can‘t pour from an empty cup"
لا يوجد ما يمكن منحه من كأس فارغ..
لذا لتجيد الاعتناء بمن حولك و لتنجح في عملك و في دراستك و شغفك عليك أولا أن تعتني بنفسك. أن تعرف متى تنتهي حدود واجباتك و تبدأ حدودك أنت الخاصة.
لهذا نحتاج الراحة، بل في الواقع الراحة نوع من التقدم أحيانا.
-قرّر كم مم المعلومات الشخصية التي تريد مشاركتها مع غيرك سواء في العمل، مع أصحابك و حتى في أسرتك.
حين تعرف متى يجب أن تتكلم و متى يجب تصمت تصبح الأمور أسهل. أن تفصح عن حياتك لكل من هب و دب يشبه أن تمنح لكل منهم قائمة بنقاط ضعفك التي يمكنهم استغلالها متى أرادوا.
-لا تقبل بأقل مما تستحق. كلما أحببت نفسك و أدركت قيمتك كلما صرت انتقائيا في كل ما يخصك و كلما صرت انتقائيا كلما عرفت كيف و متى و إلى أي مدى يجب أن ترسم حدودك
-تعلم الرفض! لدينا مثل تونسي يقول "كلمة لا ما تجيب بلاء " . لا تتردد حين ترفض ما لا يتوفق مع معاييرك الشخصية، رغباتك أو اهتماماتك.
-عبّر عن نفسك بحرية و من يتقبلّك سيقبلك. لا تشعر بالذنب فقط لأنك رفضت طلب لا يناسب وقتك و قيمتك و لا رغبتك.
-رغبة منك أن تكون الظريف المقبول الضحوك المحبوب لا تحوّل نفسك إلى مهرج
-واجه ! لا تقبل بأمر لا يناسب لتسعد غيرك و لا تقبل بما لا يرضيك لترضي من حولك و لا تقبلك بأقل مما تستحق حتى تحقق توقعات المجتمع من حول
-احترم غيرك و لكن ضعه في مكانه المناسب و تقبل آراء غيرك و لكن لا تطمس آراءك و أفكارك
3-ماذا لو ؟
ماذا لو تسبب رسمي للحدود في ابتعاد الناس عني؟
في الواقع هذه خطوة جيدة، هذا يعني أني أصبحت انتقائيا فيما يخصك و فيمن حولك .
لأن من يحبك فعلا و من يريد لك المزيد من النجاح و السعادة لا يقلقه كونك ترسم حدودا بل سيحب أن يراك أكثر راحة و سعادة و إنتاجية.
تماما مثل رسمة يلونها طفل، كلما تجاوز الحدود كلما كانت الصورة أقل جمالية و أكثر و عشوائية، علينا في كل مرحلة حياتية أن نتعلم كيف نرسم حدودنا و كيف نحافظ عليها و كيف لا نتجاوز حدود غيرنا .
في النهاية الحدود جعلت لتنظيم الحياة لا لتعسيرها.
أن تتجرأ على وضع حدودك و الإصرار على احترامها هي خطوة شجاعة منك لتغيير عن حبّك و تقديرك لذاتك مخاطرا بكسر الصورة التي اعتاد من حولك على رؤيتك عليها مخاطر بتخريب توقعاتهم و انتظاراتهم منك
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات