يعرّف الذكاء الاجتماعي بأنهُ مزيج من الفهم الاساسي للآخرين

توني بوزان وهو أستاذ علم النفس والملقب بسيد العقول، عرّفَ الذكاء الاجتماعي بأنهُ: أن تكون قادرًا على الارتباط بالناس، سواء كانوا أفرادًا أو جماعات صغيرة أو حتى في التجمعات الأكبر عددًا، فأنت مشترك في عملية تواصل بين العقول بعضها البعض.

فالعقل البشري هو أكثر أعضاء الجسم تعقيد وتطور وقوة في العالم المعروف لنا، ويعد التعامل مع أحد هذه العقول -عقلك أنت- مهمة بالغة الصعوبة والتعامل بنجاح مع عدد كبير من العقول الأخرى في وقت واحد هو بكل تأكيد إحدى علامات العبقريّة!([1]).


وعرفه البعض الآخر مثل كارل البريخت([2])، وهو رجل أعمال الماني، بقولهِ: الذكاء الاجتماعي مزيج من الفهم الأساسي للآخرين-نوع من الوعي الاجتماعي الاستراتيجي- ومجموعة المهارات اللازمة للتفاعل معهم بنجاح. ويمكن ايجاز هذا التوصيف للذكاء الاجتماعي على النحو الاتي:


القدرة على الانسجام والتآلف الجيد مع الآخرين وكسب تعاونهم معك

يعتبر البعض أنَّ الذكاء الاجتماعي هو صفة مكتسبة؛ يعني لابد لنا من تعلمها واكتسابها عن طريق التجارب والخبرات، لذلك قسمها البروفيسور جاردنر بما أسماه "الذكاء المتعدد" ويجب علينا جلب هذا المفهوم المتعدد للذكاء إلى وعينا وواقعنا اليومي، وتُرجِمَتْ نظريتهُ إلى ست أنواع رئيسية من الذكاء:

- الذكاء المجرد (التفكير العقلي الرمزي).

- الذكاء العملي (إنجاز الاعمال).

- الذكاء العاطفي (الوعي الذاتي وإدارة الخبرة الداخلية).

- الذكاء الفني (الإحساس بالشكل والقالب والتصميم وتذوق الآداب والفنون.. الخ).

- الذكاء الحركي (القدرات البدنية الرياضية او الموسيقية وغيرها).

- اخيرًا الذكاء الاجتماعي الذي نحن بصدده الآن.


وهناك المزيد من انواع الذكاء اضافها علماء آخرون، كما سنرى في الصورة التالية:


الذكاء الاجتماعي، انواعه وابعاده في القدرة على الارتباط بالناس24348743329143120



فالكثير من الناس لا يملكون أي من أنواع هذه الذكاءات لكنهم اكتسبوها واصبحوا متميزين بهذا المجال ألا وهو الذكاء الاجتماعي الذي من الممكن أن يجمع كل هذه الانواع السالفة،


وأذكر مثال واقعي عندما قام مجموعة من الموظفين بالشكوى ضد زميلهم في العمل، ورفعوا بذلك كل أنواع التقارير السيئة التي تدين بيها هذا الزميل، المتمتع بالذكاء العقلي الفاقد للحس الاجتماعي، فعندما يناقش احدًا بموضوعية يكون متفوقًا عليه لكن لا يستطيع المسايرة ولا اختيار الالفاظ المهذبة فدائمًا ما ينهي النقاش بعراك، أو الاجتماع بمشكلة، التقى به المدير وعرض عليه اختبارًا اجتماعيًا في ذكر الصفات المتعلقة بالذكاء المجرد، وأخرى بالذكاء الاجتماعي، فقد عرف الموظف أنَّهُ لا يملك الوعي الاجتماعي وعرف أنَّهُ كيف كان يحمل كل تلك الصفات الموضوعة في ذلك الاستبيان والاختبار؟! سرعان ما تغيّر، حتى ان الموظفين ذكروا لمديريهم فيما إذا انه عرض زميلهم على دكتور نفساني او إعطائه علاج او ابرة معينة..


منهم من يعتبر الذكاء الاجتماعي صفة وراثية معززة يكسبون بها مرؤوسيهم والتواصل معهم وهم عادةً قليلي الصراعات، يخلقون أجواء من التفاهم والتعاون، ويستبدلون الغضب بالفهم، دائمًا ما يدفعهم الذكاء الاجتماعي الموروث إلى تحقيق أهداف مشتركة مع المحيطين بهم، هؤلاء نعمة في المجتمع، وإن لم يكن أحد يمتلك مثل هذه الصفات عليه اكتسابها. لذلك يُقال:

ان كنت تريد علاج لنزلات البرد؟ فلتمارس حياة متنوعة اجتماعيًا


وهو ما أثبته "شيلدون كوهين" أستاذ علم النفس بجامعة "كارنيج ميلون" عندما اثبت أنَّ هناك صحة للدراسات السابقة التي تقول إنَّ الزملاء والاقارب والأصدقاء والاحباب يمكنهم التصرف كفريق للمساعدة في حمايتك ضد نزلات البرد.

وفيما إذا طَلَبتَ من أحدهم ذكر الصفات التي تتوفر في الشخص الذكي اجتماعيًا، فإنَّهُ سيقوم بذكر المهارات التي يفتقر اليها أو يحتاج الشخص إلى تنميتها، ثم الدخول بمجموعة عيوب وسلوكيات وصفات بعينها يرى أنها غير فعًالة أو بها خلل، وإذا ما كررتَ السؤال عليه مرة أخرى سيجد صعوبة بالغة في تعداد ذلك، أو يذكر المهارات المألوفة مثل الانصات والوضوح ويدخل بعدها على مجموعة مبهمة من الخصال الشخصيّة مثل الاهتمام بالآخرين، والتعاون، واللباقة.


لا أنكر ان هذه التعريفات مهمة لكنها قديمة وتقليدية وبديهية وضيقة، إنما الذكاء الاجتماعي هو مفهوم واسع النطاق يشمل الانصات الإيجابي والرسائل التي تستخدم ضمير المتكلم، أضافة إلى جمعهِ لكل أنواع الذكاءات السالفة الذكر (ذكاء مجرد، وعاطفي وعملي وفني وحركي واجتماعي) وعليه على الشخص الاجتماعي ان يأطر نفسه بخمسة ابعاد للكفاءة:

- الوعي بالذات.

- تنظيم الذات.

- التحفيز.

- التعاطف.

- العلاقات.


وبذلك يكون الشخص الناجح اجتماعيًا فيما إذا كان يملك اختصارًا لما ذكرناه أعلاه، نقطتين جوهريتين أساسيتين هما (الوعي الموقفي أو ما يسمى بالرادار ) وهو فهم الناس والتعاطف معهم في المواقف مع الإحساس بالمشاعر واهدافهم المحتملة وقراءة الموقف بناء على معرفة علمية بالطبائع البشرية وانماط ومبادئ وقواعد المجتمع المتعارف عليها.


والثانية (فهم السياق الاجتماعي) فمهما كان اطراف ومكان وكيفية التواصل فإنَّ هناك على الدوام سياق يتم التواصل من خلاله وهو الذي يولد المعنى الكامن في هذا التواصل والكيفية التي يشكل بها هذا المعنى سلوك اطراف هذا التواصل.


وعليه يمكننا استثمار الذكاء الاجتماعي في مجالات اعمالنا مهما كانت، فإن ذكائك سيمكنك من فهم الآخرين، ومن لغة جسدهم، ومعرفتك لإمكانياتهم ومعرفتهم بتلك اللغات وقراءة أفكارهم، فالجسم البشري آلة فريدة من نوعها تديرها موسيقى الاتصالات.


من ثم تستطيع ارسال رسائل أنك أكثر ذكاءً باستخدامك فن الانصات لان الاذكياء اجتماعيًا هم ليسوا الأكثر كلامًا، وبعدها إقامة العلاقات التي تهدف إلى تكوين الصداقات هدفًا غريزيًا عند كل انسان والتأثير فيهم وحبهم وتحويل دفة الأمور بالأعمال لصالحك اثناء التفاوض، ثم بعد ذلك بزوغ نجمك في التجمعات العامة، وبعدها تأثير توجهك في توجيهات الاخرين، حيث ستقوم بالتأثير على الاخرين المحيطين بك، ثم كسب المزيد من الأصدقاء، وتعد الايماءات القليلة توضيح عالي وضربًا مهمًا في الذكاء الاجتماعي، كل ذلك سيحسن من مكانتك ونجاحك وتطبيق فصل من فصول معاملاتك التي تضمن بها النجاح مستقبلًا،


واخيرًا لا ننسى أنَّ كل الأنواع من الذكاء التي نتمتع بها انما تتفاعل وتقوي بعضها بعضًا.. ولاشيء من ذلك إلا بعد التوكل والانابة لله عزَّ وجل.


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

([1]) أنظر قوة الذكاء الاجتماعي لتوني بوزان.

([2]) أنظر الذكاء الاجتماعي لكارل البريخت.



ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات مصعب ثائر جسملة | Musaab Thair

تدوينات ذات صلة