العزل

مصطلح قد يرمز للإقصاء والإبعاد والانعزال بشكل أو بأخر يمكن أن تكون شخص منعزل ومنطوي بطبيعتك

أو ممن يسمونه إنطوئي إجتماعي تفضل الإنفراد بنفسك دائما عن التواجد وسط الجموع ولاتحبذ المناسبات الإجتماعية أو تميل للمظاهر الاجتماعية بمعظم صورها لكن هذا كله يكون

بإختيار وقرار واستعداد نفسي منك بوعي وبقصد أو بدون.

!! لكن ماذا لو فرض عليك العزل بصورة جبرية

.لظروف شديدة قهرية خاصة أوجبت تطبيقه بدون مسائلة للحفاظ علي أرواح من حولك وقتها تختلف بشدة فكرة العزل وتنفصل تماما عن الإنعزال الذي يكون بإختيارك وقرارك الشخصي اذا إستطعنا وصفه بذلك

في ظل انتشار وتفشي وباء فيروسي شرس بموجة ثالثة أكثر انتشارا وتحورا وسلالة جديدة ليست في الحسبان

فرض علي الكثيير العزل الاجباري ليس اكراها أو تعذيبا مثلا لكن طواعية مغلفة باطار جبري للتعافي والحفاظ علي من حولك من العدوي

اصابات جديدة تخطت الألف بمصر وبمعظم بلدان العالم وحالات وفاة يومية لا تحصي

وغيمة حزن وخوف مستمرة تحيط بالجميع

الي الان حديثنا عام ويوضح بصورة عامة مصطلح كثر تداوله الفترة الأخيرة بيننا وتقريبا يوميا نسمعه لكن تجربتي الخاصة مع هذا المصطلح "العزل " مختلفة

برغم إني اقدر جدا العزلة والاختلاء بالنفس وتجلي الذات وكل هذه المصطلحات والحالات التي تميزت بتفردها وخصوصيتها للفرد للدراسة والبحث عن الذات واكتشاف النفس واعطائها الوقت الكافي

لكن كانت تجربة العزل الاجباري بالنسبة لي مختلفة تمام الاختلاف عن هذه العزلة الاختيارية عادة

حيث أن مع الإجبار تنعدم حرية الإختيار

مهما حاولت وصف مدي المعاناة النفسية التي يمر بها مرضي كورونا في العزل المنزلي او بدور الرعاية الصحية والأماكن المجهزة لن تدرك أو يصلك هذا الكم الا بالتجربة لا سمح الله ناهيك عن المعاناة الصحية بالطبع

هناك من سيتشدق بكلمات مثل هذا مجرد "دور برد موسمي " أونوع من الانفلونزا كمثيلاتها هذا الفيروس ليس خطيير ......الخ

مثلما في الأحاديث الجانبية بإختلاف المواقف لكن دعني أؤكدلك بالتجربة أن هذا الفيروس مختلف تمام الاختلاف عن اي فيروس برد أو انفلونزا معتادة أو حمي موسمية مثلا

بإختلاف شدته وأعراضه علي حسب المريض وجهاز مناعته لكن حتي بالأعراض الخفيفة فمرضي كورونا يمرون بمعاناة كبيرة نفسية وصحية من صداع لا يتوقف واحساس بالإنهاك وتكسير في عضلات وعظام الجسم بالكامل وفقدان حاسة الشم والتذوق بسبب ضراوة الفيروس في تأثيره علي الجسم بأكمله وبالتالي تشكل صعوبة شديدة فقط في النهوض من السرير

ودرجات حرارة متفاوتة ودائمة التقلب وأطوار عديدة من الإعياء مختلفة ومتنوعة وصولا للكارثة الكبري وهي أمراض الرئة وضيق التنفس

حيث أن هذا الأخير لا يضاهيه أي عرض أخر في رأي الشخصي

فكرة عدم دخول اكسجين كافي للتنفس وفقدانك القدرة علي الاستحواذ علي القدر الكافي فقط من الأكسجين بالغ النقاوة من كوكبك الأثير بالطبع لا تحتمل أبدا بل وخطيرة في بعض الحالات جدا

لكن دعنا نترك الجانب الطبي للأطباء الذين جاهدوا علي مدار أشهر لمحاربة هذا الوباء اللعين ولم يكلوا أبدا عن المحاولة والمجاهدة في سبييل المنع والحد من انتشاره ومعالجة ومداوة المرضي الذين أصيبوا بالعدوي بالفعل

ودعنا لنتطرق أكثر الي الجانب النفسي من واقع التجربة العملية

ناهيك عن الأعراض الصحيلة بإختلاف شدتها ونوعها لكن هناك أيضا أعراض نفسية للإنفراد الجبري بالنفس بوقت ربما يكون غير مناسب بالنسبة لك أو تكون غير مستعد بعد لخوض هذا النوع من المواجهة !!

لذلك اذا كنت أحد المرضي بالفعل تقرأ الأن فأريد أن أوجه لك رسالة بصدق ..إنني مررت بما تمر به الأن وأشعر تماما ومقدر جدا لمعاناتك وأدعوأ الله أن يتم شفائك علي خير وأنت قادر تمام القدرة علي الشفاء وتخطي ذلك ,بإذن الله والتغلب علي المرض اللعين والضائقة النفسية بعزيمتك بأقل قدر ممكن من الخسائر

واذا كنت سليم ومعافي فأدعوا لك بأن يحفظك الله من الأصابة بهذا الوباء اللعين وأن لا يصيبك مكروه

لكي تمر فترة العزل نفسيا بسلام عليك أن تقوم بخلق نشاطات يومية اذا استطعت داخل الغرفة المعزول بها اذا كنت بالمنزل وتطبيقها قدر الامكان في الاوقات التي يتفاوت فيها الألم

أعلم إنك مريض ولست بعزلة استجمام وانفراد بالنفس لكن هذا هو الواقع أنت الأن مضطر أن تجلس بغرفة وحدك لمدة أسبوعان أو أكثر ببعض الحالات فعليك أول شيء أن تتسلح نفسيا

بالعدة اللازمة لتخطي هذه الفترة نفسيا وصحيا

ابحث عن هواياتك واخلق هوايات اذا لم توجد واستغل هذه الفترة في البحث عن اهتمامات

وحاول قضاء هذا الوقت الذي تكون فيه مدرك أو متنبه وقادر علي ممارسة هوايات تجذبك ولا تتطلب مجهود بدني ملحوظ

شخصيا ما ساعدني دوما خلال هذه الفترة وكان عونا وسند بجانب اهتمام افراد العائلة بالتأكيد والمقربين من الأصدقاء ومجهودهم الكبير

كانت أربعة مفاتيح :قرأة ,كتابة ,سينما وموسيقي

مفاتيح فتحت أبوابا موصدة منعت النور من الدخول ليبدد ظلمة فترة عصيبة من الضيق والإضطراب النفسي.

هذا أنا لكن بالنسبة لك في الحقيقة أيا كانت الهواية التي تفضلها طالما تنشغل بها وقت الصحو في العزل وتكسر الملل بدون ضرر فلا مشكلة

المهم أن لا تستسلم لدائرة الفراغ .

لا تستسلم!!

.... اعلم أنه صعب وليس يسيرا أبدا أن تقوم باستغلال وقتك بهذا الشكل بصورة تجعلك تخرج من فترة العزل ومن الأزمة بنتيجة علي الأقل مرضية لك نفسيا ومفيدة لك كفترة اعادة نظر مؤلمة ربما اذا اعتبرناها ذلك علي الصعيد النفسي والجسماني لكنه ممكن صدقني .

في النهاية أوجه لكل مريض حاليا رسالة من متعافي سبقك وبأذن الله ستلحقه قريبا ويتغير مسماك الذي يسبق اسم الوباء من "مريض كورونا "ل "متعافي كورونا" أنت قادر وسوف تهزم المرض وتخرج من هذه المحنة أفضل لا تيأس أبدا من رحمة الله ومن عزيمتك وقدرتك النفسية وتذكر أن مهما كبرت الازمة لكن هي حتما في النهاية الي زوال.

ورسالة لكل شخص حاليا معافي وبصحة جيدة ولم يصاب أو يختبر اصابة أو فقد قريب منه كان أو بعيد أرجوك احمد الله علي نعمته هذه و لا تستهتر ابدا وقم بعمل ما تقدر عليه لحماية نفسك ومن حولك من العدوي

ذنب أحبائك ومن حولك سيكون في رقبتك مصاحبا لك دائما وتذكر أن مع هذا الوباء ليست حياتك فقط المهددة لكن كل من حولك حياتهم مهددة بنفس القدر أو أشد لذلك تذكر هذا دائما وضعه في بالك عندما تستهين بالاجراءات الاحترازية او تتهاون في تطبيقها

اذا كان عمرك لا يهمك أو نفسك لا تساوي شيئا مهما عندك ينبغي حمايته فهذه مشكلتك لكن عليك اعادة النظر مئة مرة في قيمة حياة من حولك وذنب أذيتهم

تمنياتي بالشفاء العاجل لكل المرضي والمصابين ❤