الطيبة ليست صفة بل هي نية وأسلوب حياة. الناس الطيبة لا تقاتل من أجل فرصة، ولكنهم يبحثون عن فرصة

االناس الطيبة


الناس الطيبون يعملون بإخلاص، ويتعاملون بإخلاص، ويحبون بإخلاص، ويتفاعلون بحماس سواء ظهر علي وجوههم أو في خجل ملامحهم. الناس الطيبة لا ينتظرون الشكر بل سعادتهم في رؤية الفرحة في وجوه الآخرين لكل الناس. الناس الطيبة لا تقاتل من أجل فرصة، ولكنهم يبحثون عن فرصة من الفرص المتاحة لكل الناس. الناس الطيبة لا تتعالي ولا تتنكر بل تسامح وتلتمس الأعذار لكل الناس. الناس الطيبة عندما تتذكر الحلو والمر تبتسم ولا تتوقف للإنتقام ولو ملكت بين يديها كل الأدوات.


الناس الطيبة تتمسك بقوة وتحرص علي بقاء العلاقات ولا ترحل إلا إذا كان الرحيل دواء، وإن رحلت ترحل في هدوء وبلا ثورات. الناس الطيبون يدركون جيدا أنهم راحلون، فلا تستوقفهم الشدائد ولا تحني ظهورهم، ويستمرون في طريقهم سواء علي أرض بور أو خضراء، أو وسط صحراء أو علي سطح بحار أو أنهار. الناس الطيبون يستخدمون كل ما أتاهم الله من مدد معنوي وعتاد في تحقيق نياتهم الطيبة.


وقد يصارع الطيبون الرياح وأمواج البحر العالية بمركب معطوبة، أو أشرعة ممزقة، أو مجاديف تالفة، وجوارح منهكة. ولكنهم يملكون دائما روح عالية لا تهين ولا تلين لأنها مستمده من روح الله وعزيمة الإيمان بحكمة الله في القضاء والقدر، وفي السراء والضراء، وفي المنع والعطاء. والناس الطيبون يستمرون في العطاء ولو كان محدودا وضعيفا، ويستمرون في الحرص علي إسعاد الآخر ولو علي حساب اسعاد الذات.


الناس الطيبون مثل الجواهر المدفونه في صخور الجبال أو في الأصداف بأعماق البحاز، لا يهتمون بثروة قيمتهم أو بثورة تخرجهم من الظلمات. الناس الطيبون لا يعنيهم في هذه الدنيا سوي أن يمشوا في الناس بقلوب طيبة، وهمة عالية، ونيات مخلصة، وقلوب مؤمنة بقضاء الله وقدره حلوه ومره.


وتمر الحياة بالناس الطيبة فيفرحون من الدنيا ولو بإبتسامة باهتة، ولكنهم أبدا لا يقنطون لو كشرت الدنيا لهم عن أنيابها وعصفت بمشاعرهم. ولو تكسرت عظامهم فهم يتألمون بلا شكوي أو أنين، فقط لأنهم ببساطة طيبون وعارفون من أين جاءوا وإلي أين هم راحلون.


وحتما سيرحل الطيبون وننساهم، ولكن تبقي رائحتهم تعطر أجواء الحياة حتي دون أن يعلم الأحياء أن هذا العطر من شذا وعبق من سبقهم من الناس الطيبة.


الطيبة ليست صفة بل هي نية وأسلوب حياة.


طبطب الله علي قلوب الطيبين في كل مكان وزمان وجعلهم في معيته في الدنيا والآخرة، فقراء كانوا أو أغنياء، أصحاء كانوا أو رمضاء، أمراء كانوا أم غفراء .


ا.د. محمد لبيب سالم

أستاذ علم المناعة بكلية العلوم جامعة طنطا

وكاتب وروائي وعضو باتحاد كتاب مصر


ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات د. محمد لبيب سالم أستاذ جامعي واديب

تدوينات ذات صلة