هل تخشى التغيير؟ هل تقبع في دائرة الراحة الخاصة بك؟ فكّر بالأمر مرة أخرى!
إن كنت تحوم دائماً في إطار يشعرك بالراحة عند كل تصرف أو موقف تمر به، وإن كنت تخشى من تجربة أي شئ جديد سواء على المستوى الشخصي أو المهني أو العائلي فأنت تقيّد نفسك فيما يسمى "دائرة الراحة"، وإن كان لديك اعتراض على الشكل الهندسي للدائرة فيمكن لك أن تسميها مربع الراحة أو مستطيل الراحة أو منطقة الراحة بكل بساطة !
منطقة الراحة هي تلك المنطقة التي تجعلك تشعر بالأمان والراحة طالما أنت داخل حدودها، ومع حدودها ستكون الحياة بأكملها داخل إطار واحد مهما كبر أو صغر، قد تبدو هذه المنطقة وردية وهادئة ولطيفة ومألوفة، ولكنها في الحقيقة هي عكس ذلك تماماً، وما توحيه لك من أمان هو أمان مزيف لن يقودك إلى أي مكان أبعد من تلك الحدود التي وضعتها لنفسك!
تعرّفت على سيدة خمسينية قبل فترة قصيرةـ ، إمرأة ناجحة في حياتها الشخصية والمهنية ولديها الكثير من الانجازات، قالت لي أنها أمضت أربعون عاماً من حياتها تعيش في منطقة راحتها، لم تكن تجرؤ على الاقدام على أي تجربة حياة تخرجها من تلك المنطقة، كان الخوف يسيطر عليها كلما فكرت في تغيير نمط حياتها، أو عملها، أو روتينها، أو اتخاذ قرار يمكن له أن يضفي أي شئ جديد على حياتها! كان التعوّد في حياتها يسيطر على الكثير من يومياتها ابتدءاً بالطريق ذاته الذي تسلكه من وإلى العمل، ومروراً بالمطاعم ذاتها، أماكن التسوق ذاتها، وحتى عطلات نهاية الاسبوع التي تمضيها مع عائلتها ، وانتهاءاً برفض فرصة الدخول في مشروع إبداعي كانت تعلم أنها ستنجح فيه بسبب موهبتها ولكن خوفها من التغيير كان يكبّلها، كان لديها الكثير من الأحلام التي لم تجرؤ على تنفيذ أي منها لأن أبسطها كان يحتاج إلى قرارات ستخرجها بدون أدنى شك من تلك المنطقة التي تشكّل لها الأمان والتعوّد والطمأنينة. تعرضت هذه الصديقة إلى حادث سيارة كاد يودي بحياتها ، مكثت على أثره في غرفة العناية المركزّة أسبوعاً طويلاً مابين الحياة والموت، وعندما استفاقت من ذلك العالم الوسطّي، كانت الفكرة الأولى التي راودتها هو تلك السنوات الطويلة التي أمضتها و"عقلها يكبّل يديها وأفكارها " هذا هو الوصف الذي شدنّي لأسمع منها بقية القصة التي كانت بلا شك تحمل منحىً آخر، أخرج من داخلها إمرأة جديدة بقدرات مميزة كانت حبيسة "منطقة الراحة" المزيفّة لسنوات طويلة!
لن يحتاج الكثيرون إلى حادث مشابهه ليكتشفوا هذه العقبات النفسية التي نكبّل بها امكانياتنا وحياتنا، سؤال صادق للنفس قد يحمل الكثير من الإجابات، هل تخاف من تجربة أي شئ جديد؟ ما الذي يجعلنا نقبع في مناطق الراحة الخاصة بنا؟ شعورنا بالامان ؟ الراحة؟ الألفة والتعود؟ أم هو الكسل ؟ في الحقيقية كل هذا! وعقلك يلعب دوراً رئيسياً في إبقائك في منطقة راحتك، لذلك فإن أول ما عليك ان تقوم به عندما تقرر الخروج من منطقة الراحة هو فهم الآلية التي يعمل بها عقلك لحصرك في منطقة معينة لا تتجرأ على تجاوزها، وعندما تقرر الخروج من منطقة الراحة الخاصة بك ستكون قادراً على وضع الخطوات الأولى على طريق تحقيق بعض الانجازات التي كانت دائماً في حيّز الامنيات، قد يبدو الأمر صعباً في البداية ولكن تذكر أن عقلك من يوحي اليك بهذا وانت بلا شك قادر على كسر حاجز هذه المنطقة.
يمكن لك أن تبدأ بخطوات بسيطة، كإدخال تغيير بسيط على نمط اليوم، أو إتخاذ قرارات صغيرة مختلفة يومياً، أو إدخال عادات جديدة إيجابية لا تستغرق وقتاً طويلاً ولكنها تحمل الاستمرارية، ثم كافئ نفسك على انجازاتك الصغيره هذه. ومع الظروف الحالية التي يمر بها العالم، يبدو أن الكثيرون سيضطرون الى الخروج من مناطق راحتهم ، فكن مستعداً ومرناً، وأبدأ الآن بنفسك واكتشف مدى مرونتك ومدى قدرتك على الخروج من دائرة راحتك باختيارك الشخصي ودون إجبار قد يحمل الألم أو الصدمة فيما بعد!
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات
رائعة
👏🏻👏🏻👏🏻👏🏻👏🏻👏🏻😍
رائعة بحق