اللقاحات ليست حماية فردية فحسب، وإنما حماية مجتمع كامل. فكر وابحث وتيقن وقرر، فقرارك يخدم أو يهدم صحة مجتمع.
تعتبر اللقاحات واحدة من أهم إنجازات الصحة العامة في القرن الماضي فقد نجحت في استئصال مرض الجدري وخفضت بشكل كبير الإصابة بأمراض كشلل الأطفال والحصبة، ومع ذلك لا يزال هناك من يشكك أو يرفض القيام بها.
إن غياب االلقاحات، وامتناع الأهالي عن تطعيم أطفالهم له أسبابه الواضحة في البلدان النامية كانخفاض التعليم، الأمية، الوضع الاجتماعي والاقتصادي، ولكن غيابه في البلدان المتقدمة يتم بقرارات واعية من قبل الأهالي الأمر الذي يثير المخاوف حقاً بعودة ظهور لأوبئة وأمراض تم التخلص منها أو الحد من انتشارها.
ارتبط رفض اللقاح حسب دراسات إحصائية بما يلي:
التكاليف الملحوظة للقاحات، الاعتقاد بأنها تسبب آثارًا جانبية قصيرة أو طويلة الأمد أو غير فعالة، عوامل سلوكية مثل الاعتقاد بأن الأطفال يتلقون الكثير من اللقاحات وأنها تثقل كاهل الجهاز المناعي، تتعارض مع المعتقدات الدينية، عدم الثقة في أنظمة الرعاية الصحية والحكومات، نظرية المؤامرة.
إن فهم كيفية تشجيع الآباء لتطعيم أطفالهم ونشر الوعي لضرورة اللقاح هو هدف مهم للصحة العامة كمجتمع ككل وليس كصحة افراد فحسب.
إذاً ما هو اللقاح؟ وما الهدف منه؟ وكيف يعمل؟ وما الأمور الواجب معرفتها عن اللقاحات والتي تستخدم كوسيلة لإثارة الخوف عند الأهالي؟
بدايةً يجب أن نعلم أن العوامل الممرضة بعد اختراقها لخط الدفاع الأول أو ما نسميه بالمناعة الفطرية فإنها تعمل على تحريض كل من المناعة الخلوية بما تحتويه من خلايا لمفاوية تائية والمناعة الخلطية بما تحتويه من خلايا لمفاوية بائية منتجة لأجسام مضادة نوعية مناسبة للمستضدات التي تحملها تلك العوامل الممرضة وبالتالي يتمكن الجسم من القضاء عليها.
بعد القضاء على العامل الممرض يقوم الجهاز المناعي بتشكيل مناعة ذاكرة قادرة على التعرف على ذلك العامل فيما لو حدثت إصابة ثانية منتجةً أجسام مضادة بتراكيز أعلى وبسرعة أكبر مقارنةً مع الاستجابة المناعية الأولية التي تحدث بعد التعرض الأول للعامل الممرض.
إذا المناعة الذاكرة استراتيجية جيدة تؤمن حماية سريعة وطويلة الأمد، ولكن كي نحصل عليها ينبغي التعرض للعامل الممرض أولاً، الأمر الذي قد يكون خطير في كثير من الحالات.
ماذا لو حصلنا على هذه المناعة الذاكرة بدون التعرض للمرض بحد ذاته؟
في الحقيقة هذا هو الهدف من اللقاحات الحصول على مناعة ذاكرة لها القدرة على التعرف على العوامل الممرضة وتحريض استجابة مناعية سريعة عند التعرض اللاحق لنفس العامل الممرض دون الحاجة لخطر التعرض لإصابة حقيقية سابقة.
كيف يتم ذلك؟
يتم ذلك بتعريض الجسم لميكروبات أو فيروسات ميتة أو حية مضعفة أو سمومها أو أجزاء منها بحيث لا تملك القدرة على إحداث المرض أي كأننا عرضنا الجسم لالتهاب بسيط غير ممرض وإنما له القدرة على تمنيع الجسم.
- على خلاف اللقاحات الحية المضعفة فإن أنواع اللقاحات الأخرى بحاجة إلى عوامل مساعدة لتحفيز استجابة مناعية كافية وذلك لافتقارها لبعض المكونات الجوهرية الموجودة في اللقاحات الحية المضعفة.
من أهم تلك المواد المحفزة المضافة لبعض اللقاحات هي أملاح الألمنيوم سواء على شكل هيدروكسيد الألمنيوم، فوسفات الألمنيوم أو كبريتات الألمنيوم والتي بإضافتها تتحسن الاستجابة المناعية تجاه تلك اللقاحات وعند ضعيفي المناعة أيضاً.
استخدام الألمنيوم في اللقاحات هو من أسباب عزوف الأهالي عنها ولكن ما يجب أن نعرفه أنه حتى الآن لم يثبت وجود صلة بين السمية المباشرة المفترضة للألمنيوم واللقاحات. في الحقيقة تم ربط التأثير السلبي للألمنيوم عام 2011 بالتهاب عضلي يدرج تحت أمراض المناعة الذاتية. لكن تم دحض هذه الفرضية في دراسة علمية تثبت أن المواد المساعدة من اللقاحات المحتوية على الألومنيوم ليست مسؤولة عن متلازمة الالتهاب المناعي الذاتي تلك.
تجدر الإشارة أن مصادر التعرض البشري للألمنيوم عديدة حيث يمكن الحصول عليه من الطعام والهواء عن طريق الجهاز الهضمي أو التنفسي بكميات تفوق الكمية التي يحصل عليها الطفل من اللقاحات والتي يمكن أن يتخلص منها الجسم عن طريق الجهاز البولي.
- عرفنا الان أنه يتم إضافة أملاح الألمنيوم لللقاحات غير الحية كي تحفز الجهاز المناعي ولكن ماذا عن اللقاحات الحاوية على سموم الباكتيريا هل تستخدم دون معالجة؟ كيف يتم التخلص من سميتها بحيث لا تسبب المرض؟
في الحقيقة لتلك الغاية يتم إضافة الفورم الدهيد أثناء مراحل تصنيع تلك اللقاحات بحيث يقوم بنزع سميتها. يستخدم الفورم الدهيد في الوقت نفسه كمادة حافظة للقاحا ت تمنع نمو الباكتيريا والفطريات ولكنه يبقى بتراكيز ضئيلة جداً لا تقارن بتراكيز الفورم ألدهيد التي ينتجها الجسم بشكل طبيعي كنتيجة من نتائج عمليات الاستقلاب الحيوي وبالتالي فإن الجسم يعالجه بطريقة مشابهة لتلك التي ينتجها طبيعياً ولا يوجد دليل عن أثره السلبي عن طريق الحقن مع اللقاحات. تجدر الإشارة هنا أن الخطر الأكبر منه هو عندما يتم استنشاقه عن طريق التنفس تكراراً.
اللقاحات والتوحد؟ ماذا عن هذا الموضوع؟
بدأت القصة عندما قام ويكفيلد عام 1998بنشر بحث يصف حالة مجموعة من الأطفال ظهرت عليهم أعراض اضطراب التوحد بعد تلقيهم للقاح الثلاثي الحصبة، الحصبة الألمانية، والنكاف مفترضاً أن هذا اللقاح سبب هذا الاضطرب.
بدايةً تراجعت مجلة ذا لانسيت عن نشر هذا العمل بعد أن تبين عدم مصداقيته وزيف نتائجه إذ كان خالي من وجود مجموعة نسميها كونترول للمقارنة وبالتالي لا يمكن الجزم فيما إذا كان التوحد نتيجة ذلك اللقاح أم مصادفة إضافةً إلى أن جمع البيانات في هذا العمل لم يكن حسب نهج علمي.
علاوة على ذلك أجريت دراسات إحصائية عديدة تشمل عدد كبير من الأطفال في بلدان متعددة ومن قبل باحثين كثر تؤكد أنه لا يوجد علاقة بين اللقاح الثلاثي وبين التوحد. فعجباً لمن يتجاهل جميع الدراسات الحديثة والتي تؤكد عدم وجود علاقة بين اللقاحات وبين اضطرب التوحد ويتمسك بدراسة غير منهجية تم سحبها وإثبات عدم مصداقيتها.
اللقاح مثله مثل أي دواء قد تظهر له اثار جانبية لا تتعدى انتفاخ أو احمرار في منطقة الحقنة وارتفاع خفيف في درجة الحرارة. قد تظهر مضاعفات في حالات نادرة جداً فيما إذا تم أخذه دون استشارة الطبيب المختص ودون اطلاعه وعلمه بالحالة الصحية كالحساسية ونقص المناعة مثلاً.
إ ن ترك طفلك بدون لقاحات ليس فقط تهديد لصحته هو وإنما لصحة من حوله أيضاً حيث يكون أكثر عرضة لاكتساب العدوى وبالتالي مصدراً ينقلها.فاللقاحات ليست حماية فردية فحسب، وإنما حماية مجتمع كامل.
فكر وابحث وتيقن ثم قرر، فقرارك يخدم أو يهدم صحة مجتمع.
التعليقات
موضوع مهم كتير شكراً عل معلومات الحلوة يلي عطيتينا هي دكتورة 💙
موضوع و شيق و معلومات أكثر من مفيدة
موفقة يارب❤️ ربي يجعلا بميزان حسناتك