الشطرنج لعبة عرفتها البشرية منذ قرون، تعرف عليها من وجهة نظر مختلفة وحاول أن ترى الجمال فيها.
أربعٌ وستون مربعاً إختزلت معاني الحياة في جنباتها. جيشان وأفكار تتصارع في كلا الطرفين لعل إحداها تنتصر في معركة لا تقبل أنصاف الحلول. لعبة عرفتها البشرية منذ قرون عدة. لعبة جسدت أفكار البشرية في قطع تتراقص على ألحان مقطوعة ملحمية تعزف خبايا العقل والروح.
تبدأ المعركة بالحركة الأولى لتعلن أن صراع الحياة يبدأ من أول خيار. هل ستكون مندفعاً لتواجه الصعاب أمامك دون توقف أو تراجع؟ أم ستكون حذراً وتنتظر الفرص لتحصل على إنتصارات صغيرة نحو الهدف؟ أم تحتفظ بأوراقك بيدك منتظراً ما تقدم لك الحياة؟ مهما كان خيارك عليك أن تعلم أنه لا وقت لتضيعه وكل خطوة بلا هدف هي خطوة نحو الهلاك.
كل قطعة في جيشك تعبر عن جزء من ذاتك له قوته وضعفه. فعليك أن تعرف نفسك قبل أن تواجه الحياة، أن تعلم أن لكل جزء دورٌ في هذه المعركة. حتى أصغر الأشياء وأضعفها كالبيداق تسند بعضها بعضاً أو تكلل بعد الجهد بترقية لتصبح قوةً وعزماً يدفعك نحو الإنتصار. وأن قوتك إن كانت في غير محلها تغدو ضعفاً وعبئاً.
تتوالى الحركات وتشتد الأعصاب وتصبح المواجهة لا مفر منها. لا بد من التضحيات ولا بد من فقدان بعض القطع. كأن الحياة تقول لك أنك لن تصل لأحلامك كما بدأت! أن عليك أن تتخلى عن كل ما يمنعك من الوصول إلى هدفك وأن تضحي دون تردد. إن ترددت فإن الحياة ستستمر في الضغط عليك حتى تنكسر وتنهار دفاعاتك.
تنظر حولك لترى حولك فوضى من الفرص والإحتمالات من لمحات من عبقرية أو هفوات. وفي الصراع والجهد تولد الفرص لتظهر أمامك في لحظة عابرة. إما أن تغتنمها وتتقدم أو تفقدها وتسعى لخلق غيرها ولكنك تعرف حق المعرفة أنك قد لا تحظى بغيرها. خيارات صعبة تجبرك على النظر حولك في جميع الإتجاهات للتأكد أنك لم تغفل عن خطر محدق أو هفوة قد تكلفك الكثير.
تصل المعركة للحظات الآخيرة لتعلن أن النصر وإن كان قريباً فإن الهزيمة تقف على مرمى حجر. أن النجاح لا يكمن في الوصول إلى القمة فحسب بل العودة منها بسلام. أن أهش اللحظات هي اللحظات التي نغترّ بها بأنفسنا ولا نرى حقيقة ما حولنا. أن أصعب الهزائم هي من تسقط نجومنا من السماء، وأن أغلى الإنتصارات تؤخد من براثن الهزيمة. أنه لا يوجد وقت للغرور ولا للاستسلام.
في هذه الرقعة تنظر للحياة. تنظر لمعركة لا تعرف الراحة أو الملل. معركة عنوانها الفرص والعمل، معركة تحياها في كل نفس وفي كل يوم تحياه. أنت قد بدأت اللعبة والحياة قد حركت الأحجار، اتستلم أم تبدأ بالقتال؟
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات