الدفاع عن النفس لا يقتصر فقط على التصرفات النفسية و الحسية فاحيانا قد يمتد الى جسدية, و هو ما تجد النساء نفسهن بحاجة الى تعلمه نظرا لظروف العالم القاسية.
تعددت الاجوبة عند سؤال النساء عن "ماذا يفعلن لو اختفوا الرجال عن وجه الارض" ولكن الجواب الاكثر تداولا كان "بأنهن سيعشن حياتهن وهنّ غير قلقات من محاولة خطفهنّ او التعدي عليهنّ" ، وانه لامر محزن ان نسمع هكذا جواب من غالبية النساء، فتعيش الفتاة هاجس حماية نفسها دائمًا واصبحت من الامور الاعتيادية. لذلك، تسجل عدّة فتيات في صفوف "الدفاع عن النفس" لتعلم تقنيات لحماية أنفسهن في حال تعرضنّ لاي اعتداء. ونجد بعض الاشخاص يسمّون تلك التمارين ب"الدفاع عن النفس النسوي او الدفاع عن النفس القائم على تمكين المرأة". للاسف، قد نكون جميعنا قد مررنا باوقات مخيفة وعصيبة كالسير بمفردنا فنشعر بالارتياب من وجود شخص غريب يسير خلفنا مثلا، او رعب الرجوع للبيت في وقت متأخر او المشي في الشارع وحدنا حتى في منتصف الصباح. كل هذا خوفا من يد تمتد علينا بغير وجه حق او ما هو اسوأ. وهنا تكمن أهمية تمارين الدفاع عن النفس.
بات موضوع الدفاع عن النفس أمرًا متداولاً على مرّ السنين، ولكن احدًا لم يطّلع على تاريخ هذا المفهوم وكيف بدأ وخلافًا لما هو متداول بأن هذه الاساليب جديدة بل هذا المفهوم أي الدفاع عن النفس واساليبه بدأ في اوائل القرن العشرين عندما بدأت النهضة الاولى للمطالبة بحقّ النساء بالاقتراع، ولطالما كان العنف يدفع النساء الى عدم الشعور بالراحة والامان في مجتمعهم و حتى منازلهم او بين افراد عائلتهم وفي محيطهم.
عندما تخضعين للتمارين فانت تمرنين على حدّ سواء عقلكِ وجسدكِ للاستجابة لاي شعورٍ مريب قد يراودك لحماية حياتكِ، وتبدأ الحركة الاساسية لحماية نفسكِ بالصراخ او التكلم بصوت مرتفع ما يسبب الارتباك للمعتدي وتساعدكِ على لفت انتباه الاشخاص المحيطين بك لتقديم المساعدة اذ أمكن. لا تخافي ابدا من لفت الانتباه و لا تخجلي من نظرة الناس لك او ردة فعلهم حتى و ان كان بعضهم ضدك مما يقودنا لنقطتنا الاخرى و هي عدم ترك حقك ابدا. فقد يحاول البعض على اقناعك بنسيان الموضوع, تركه, و انه لم يحصل اي شيء يستدعي الضجة ولكن تذكري ان وقوفك بوجه الباطل و الاصرار على معاقبة الجاني هو شيء لابد منه لكسر حلقة الاعتدائات المستمرة التي سيضعها المعتدي عليك و على غيرك من بنات جنسك.
تختلف قوانين "الدفاع عن النفس" من بلدٍ الى آخر، ومن المؤسف القول بأن بعض البلاد لا توافق على اساليب الدفاع عن النفس ك لبنان، والدنمارك، واليونان وبعض البلاد الاخرى التي لا تسمح للنساء باستخدام رذاذ الفلفل على سبيل المثال للدفاع عن أنفسهنّ أما مِصر مثلا فتسمح باستخدامه لكن بشرط عدم مزجه مع أي مواد كيمائية أخرى. يجدر الاشارة الى أن رذاذ الفلفل هو من أساليب الدفاع عن النفس الغير قتالية والتي تساعد النساء على ابعاد المعتدين وتشعرهنّ بالامان كما استخدام مفاتيح السيارة كأداة حادّة عند الضرورة، و وضعها بين اصابعهن. حتى اننا نجد بعضهنّ يحملن الصاعق الكهربائي رغم حظر استخدامه في بعض الدول ايضا. الامر اصبح اعتيادي جدا لدرجة ان ادوات الدفاع النفسي هذه اصبحت تزين و تباع كاكسسوار و رغم جمالية الموضوع فأن حقيقته مرعبه جدا. لا تحبذ النساء حمل الاسلحة والادوات الحادّة ولكن فقدان الامن والامان يرغمهنّ على ذلك.
أقلّ ما يمكن للنساء فعله في مجتمع خطير هو تعلّم الدفاع عن النفس. بل و يجب تنبيه النساء أن الاعتداء من شخص قريب أو من شخص تثق به أو حتى شريكهم يكون بنسبة اكبر من اعتداء الغريب عليهنّ في معضم الاحيان. وفقًا ل"التحالف الوطني ضد العنف المنزلي للنساء"، فإن سيدة من بين سبع نساء تتعرض للعنف والضرب المبرح عن يد شريكها.
يُصنّف معظم الناس أن تمارين الدفاع عن النفس "ذكورية" كون المرأة "أضعف" و"ليست ذو بنية جسدية قوية كالرجل". وتجول الاسئلة في رأس كل امراة، في حال تعتبرون انه لا داعي للنساء تعلّم الدفاع عن النفس، فما هو برأيكم الحلّ عند تعرضهنّ لأي أمرٍ خطير؟ و لماذا يضطرنا المجتمع الى تعلم هذه الاساليب منذ البداية بينما يمكن للجميع توفير بيئة نسوية امنه للنساء بدون خوف او قلق مستمر! تصنيف الدفاع عن النفس بوصمة الذكورة هو امر منافٍ للواقع و بطريركي جدا، فتمارين الدفاع عن النفس لا تميّز بين رجل وامرأة فهي تركز على تجهيزك في كل الاحوال في حال وقع أي هجوم. فوجب دحض تلك المفاهيم الخاطئة، لانه في مجتمعٍ غير آمن وخطِر، على النساء تعلّم حماية أنفسهنّ.
في النهاية، نحن نتعاطف و نتفهم ان لم تستطيعي ان تقومي بأيّ من تلك الاساليب عندما تواجهين حالة اساءة او تحرش، فنحن نعرف كيف ان الفرد يشعر بالشلل و العجز في صدد تلك المواقف. و اننا ندرك كمية الالم، الصدمة و القلق التي تسببها هذه الحالات. هذا الموضوع لا يهدف الى ان يشعرك بالسوء اطلاقا، انهُ تذكير لكل من يقرأه؛ في مجتمع لا يستطيع ان يحمي النساء، علينا ان نحافظ على سلامتنا بنفسنا. قد يعتبر البعض أن موضوع الدفاع عن النفس موضوعا مبتذلا كونه متداول كثيرا، لكن لا يمكننا انكار اهميته في يومنا هذا خاصة أن الوحشية تدور حولنا وتعيش بيننا فلا احد يشعر بالامان وبالاخص النساء. لذلك يجب الاهتمام بأنفسنا وحماية حيواتنا والشعور اننا محميات وآمنات من أي أذى أو خطر مرتقب.
سيلين خطار
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات