لكن لماذا مريم-عليها السلام- وقد كانت الأبعد عن التهمة؟

حاملة طفلها ومتحصنة بنذرها جاءتها لحظة المواجهة لتسمع مريم أكاذيب قومها: {قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا*يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا} لم تنتحب، ولم تملأ الدنيا عويل حتى يصدقوها،

لم تفعل غير أن: {فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ} مجرد فعل صغير أتى بمعجزة البراءة، لم تحتاج لصناعة مشهد مأساوي، فالقوة كانت عند مواجهة {يا ليتني مت قبل هذا}!


ولكن لماذا مريم وقد كانت الأبعد عن التهمة؟

لتخبرنا بأن لا تحاولي إثبات شيء لأحد، فحتى سيدة نساء العالمين مرت بما تمرين به!

اليوم يوجد الكثير من "مريم"، اللواتي يواجهن آلامًا بين عالمهن الداخلي والخارجي، يعشن مخاض ولو بدرجات ألم متفاوتة، وعند أقصى لحظات الوجع صرخت مريم بذلك عنّا يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسيًا منسيًا!

النساء اللواتي يتجاوزن الصوت البائس يحملنّ قوة عظيمة، قوة مريم التي ثبتت أمام مصيرها ثبات الأنبياء!

عندها يجدر أن نكبر صورة "المرأة القوية" لنعلم أن أم الشهيد، هي قوية!

التي فقدت وليدها عند المهد وظلّت صابرة، هي قوية!

التي اغتُصبت ولم تتخلى عن أملها بالحياة، هي قوية!

التي تحاول بناء ثقتها بنفسها في وسط عبيد المادة، هي قوية!

التي تختار مواجهة عائلتها في زوج لا تريده، هي قوية!

التي ترفض أن تُهان ضربًا، هي قوية!

التي تكتب أحلامها الخاصة لا توقعات مجتمعها، هي قوية!

ولا تنتهي نماذج "مريم"!، هل يُفهم من ذلك أن عمل المرأة أو نجاحها المهني لا معنى لهما؟ كلا، بل هو حق طبيعي، لا يجدر أن نحتفل به كنصر مبارك للبشرية!

لتكن معركتكِ الخاصة نصركِ الأعظم، ليكن داخلكِ هو المحور والباقي سيأتي كالمعجزة! مريم فعلت ذلك أيضًا.

منال محمد

ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات منال محمد

تدوينات ذات صلة