رسالةٌ كُتبتْ بحبٍّ أملها الوصول إلى قلب صاحبها هي رسالةٌ كُتبت؛ لأنَّ الكتابة صناعة روحانية تجعل الأرواح تلتقي على خيرٍ وسعادة.
من سلسلة إليهِ أكتب، إليها أكتب:
أي سيدتي، ها أنا ذا أمطرُ عليكِ رسالةً أخرى، بالرغم أنِّي عاهدتُ نفسي ألا أعاودَ الكرَّة، لكن جلبةَ مشاعري هيجاءٌ لا تتوب بالمَرَّة، تذيقنيحلاوةَ النَّصرِ بلبِّكِ تارةً، وتارة تطيحُ بي قتيلًا بنهاياتها المُرَّة.
سيدتي الجميلة، وحبيبتي الأولى، وهاجرتي الأقسى:
إنِّه يوم الأربعاء الموافق ليومِ لقائي بكِ، المساءُ أوشكَ أن يرخي سدولهُ على جثماني المهترئ، والشَّمس كعادتها تنزوي مسرعةً؛ لأنها لا تقوى على مجابهةِ ديجورَ روحي، كلُّ شيءٍ بقيَ على حالهِ إلَّا مشاعرك تجاهي، تلك الَّتي لم أظنُّ أنَّها ستتبخر يومًا، وتتلاشى في سماءٍ كنَّا نستظلُّ تحتها دومًا.
أرسلُ رسالتي هذهِ وأعلم أنَّها ستصلكِ، ولكنكِ لن تجرؤين على فتحها، فمجردُ أن تلمسي دفءَ ورقها ستتذكرين قلبي الَّذي لم يحب سواكِ،ستحنين لأيامنا، وستجرفكِ ذكرياتنا نحوي إلى حيث تنتمين.
لعل حروفي تذيبُ الجليدَ بيننا، وتكونُ سببًا في أن يحنو الحجرَ الَّذي يسكنُ بينَ ترائبكِ عليَّ، ويرفقُ بحالي، وحالَ قلمي الَّذي ماتَ في قبضةِيديَّ، فمنذ رحيلكِ وأنا لم أتوقف عن الكتابةِ قط، كتبتُ 689 رسالةً، ومازلتِ لم تردي على واحدةٍ منها، ولكنِّي أرجو الله أن تستفزَ حروفي الشَّرقيَّة أنوثتك الطَّاغية على الرغم أنِّي أعلم أن عنادكِ أقوى من يقيني…
أين أنتِ؟ أينَ دياركِ لأقفَ على أطلالها وأبكيكِ؛ لأنِّي فقدتُ موطنًا لا حبيبة، فقدتُ نفسي منذ أن رحلتِ، لم يستكين هذا الفؤاد منذ أن هجرتيه، سأرثي حبَّنا وحيدًا؛ لأنِّي أخشى أن يحبّك أحدهم من وصفي لكِ، أناني أنا فيكِ، وزاهدٌ فيما دونَ ذلك.
أوشك مدادي أن ينفد، لذلك ستنتهي رسالتي عند هذا الحد، طوبى لهُ،أعلم أنَّكِ ستسخرينَ منِّي لم أحسد جمادًا لا حول لهُ ولا قوة؟
أحسدهُ لأنَّي أملؤه كلَّما أوشكَ أن يتلاشى وجوده، أمَّا روحي، فبقيت فارغةً، ولا يروي ظمأها أحدٌ سواكِ.
أرجو أن تردي عليَّ في أقرب وقت، فليسَ الحبر فقط من قارب على الانتهاء…
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات