كُل حواجز ما قبل الانعزال هي حواجز بشرية, إلا وأنه واجب علينا تجاوزها وننعزل لنعود لأنفسنا قبل الجميع.

وِجب عليكَ لتكون سويًا لأن نكسر الحواجز قبل الانعزال.

لهذا دومًا تشدنا رغبة في الانعزال

فهل لنا ذلك وسط هذا العالم المملوء بالأشخاص في كُل الأماكن؟

حتى في عقلك..

بالكثير من المرات في محاولات الانعزال الغير قطعي, ولو كان على نمط الانعزال الذاتي بين جدران الغرفة نفشل, وكأننا نهرب مجددًا من ألا شيء

في احدى المرات قررنا الهروب مني, ومن العالم الاجتماعي, ومن عائلتي التي تجلس مجتمعة في احدى غرف هذا المنزل, أو حتى اننا نهرُب من حيواننا الاليف, ولرُبما الحشرة المُزعجة.

أذكر مرة, تواصلت معي احدى أقدم الأصدقاء لي , وبعد سؤالي لها عن سبب غيابها عنا كُل هذه المدة التي فاتت أجابتني :

هربتُ مني حتى, لم أعد أنظر إلى المرأة, وتابعت قائلة : ألكِ أن تتخيلي, لقد انعزلتُ عن العديد من الأشياء رغم حضوري الكامل, لم أعد أقف أراقب العصافير على غصن الأشجار التي تحاوط غرفتي, انعزلتُ عنها, فكانت هي أيضًا ضمن حياتي الاجتماعية, هي أيضًا صديقة لي, هربتُ من الكثير, ولكن الكثير لاحقني في أفكاري, لا أعلم كيف أخبرك ولكن الانعزال التام صعب جدًا بل مستحيل, هنالك طريقة واحدة فقط, عليكِ بالابتعاد عن الممكن حتى يصبح المستحيل مُمكن.

إن محاولات الانعزال جميعها في مرحلة ما سيُقابلها الفشل.

حواجز كثيرة تفصل بيننا وبين الانعزال, حواجز علينا المرور عنها بكُل الطرق المتعبة لنتخطاها قبل وصولنا الى الانعزال الصحيح ذاك.

وما فائدتنا من الانعزال؟ لماذا كُل هذه الرغبة, لماذا تحيطنا الفكرة وتلاحقنا دومًا, وما الذي قد يشدنا بهذا الشكل الى الانعزال والانفراد بأنفسنا؟

قال مرة توماس أديسون : أفضل التفكير يكون في العزلة, أسوئه ما يكون في الزحام.

هذهِ الأعوام الأخيرة هي الأكثر إرهاق, الأكثر ضياع والأكثر تشتُتًا

لا أظن أن الجميع سوي فكريًا, بل أكاد أيقن أن مُعظم من يسكًن هذا الكوكب يحتاج الى عُزلة, للتفكير فقط, ليصِح من مسير تفكيرهِ ونفسه.

إننا نتأثر بمن حولنا جدّا, يتأثر كثيرًا تفكيرنا, فرُبما حتى نصبح نفكر بأمور أكثرها لا يناسبنا بعدة اتجاهات.

إن التفكير الذي نمارسُه بشكل يومي, والأمور التي نفكر بها باستمرار تصبح فجأة عاداتنا, ومن ثم منهج حياتنا

فمن هنا نحن على استطاعة أن نرى أن تفكير واحد مستمر خاطئ قد يؤثر على نهج حياتنا, أعمالنا ,احلامنا.

-قرأتُ مؤخرًا قول لبيكاسو ""بدون عزلة عظيمة يستحيل إنجاز عمل عظيم".

كُل انجازاتنا التي أتت هكذا متتالية, ونحن محاطون بكُل الأشخاص حولنا, الإيجابي منه والمعاكس, الداعم منه والرافض, كانت لرُبما إنجازات قليلة, صغيرة, ومؤقتة, أيقن هذا الكلام, ولو أخذت الأن خمسة دقائق فقط لتتفكر هل حقًا كان انجازك وسط هذا الازدحام صغير ومؤقت ستجد صحة كلامي.

إن العمل العظيم, يحتاج وقت عظيم, والوقت العظيم يتخلله التفكير السليم.

ولا سِلم أو تجليل دون عُزلة تنقينا من كُل سلبية

دونُ عزلة تجعلنا نفكر بمن نحنُ اليوم بعد كُل هذه المدة, ماذا نريد, وفي أي درجة أصبحنا من الطريق الذي رسمناه.

بلا شك, إننا لن نصلح لعزلة كاملة, طويلة مُستمرة, ولكن نستطيع تجزئة الأمور على حسب احتياجاتنا اليومية.

تذكروا دومًا لا عمل عظيم, لا تفكير سليم, لا استمرار أو حتى مشاعر صحيحة دونُ عُزلة.

حاولوا كسر الحواجز, راقبوا انفسكم, وبادروا

فكًل الحواجز ستنتهي يومًا إن أردتم, وتتحقق شروط العزلة الصحيحة

وأن إستسلمت ستزداد الحواجز بينكم وبين العزلة وتتكاثر حتى تصل أحلامكم وعواطفكم.


ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات كَروان أُسامة دَرويش

تدوينات ذات صلة