مناقشات علمية بالعامية المصرية عن تحقيق السعادة، انقلها لكم من خلال بعض تجاربي الشخصية وقراءاتي العلمية وبعض مما تعلمته وعَلِمته من دوائري المختلفة.






التعاطف من أهم الأنشطة الإنسانية اللي بتأثر علي سعادتنا كلنا ... وهوا احتياج فطري موجود في الانسان، أكيد لا يمكن تنسي الشخص اللي طبطب عليك في موقف صعب جداً بدون حتي ما يعرفك أو يحاول يعرف انت زعلان ليه... أو الشخص اللي قاعد يسمع لمشكلتك بإهتمام من غير ما يحاول يحكم عليك أو يندمك انك حكيت



طيب ليه الناس مش متعاطفة مع بعض دلؤتي؟



اولاً: حاول تبعد عن التعميم، التعاطف لسه موجود بين الناس، حتي لو مش ظاهر بشكل كبير.



ثانياً: عالمياً وفي كل مكان تقريباً، القدرة علي التعاطف فعلاً بدأت تقل... عشان كدا ظهرت مبادرات كتيرة وكتب وابحاث ومشروعات بتشجع الناس علي التعاطف مع بعضها لأنه مرتبط جداً بمستوي السعادة الشخصي، للشخص اللي بتتعاطف معاه، وليك أنت كمان.



ثالثاً: ودي نقطة مهمة جداً عاوزاك تفضل فاكرها ... كلنا محتاجين حد يتعاطف معانا في وقت ما، في موقف ما ... وللأسف بسبب ظروف الحياة الضاغطة والمادية، وانتشار معايير مشوهة لنجاح الشخص أو سعادته ... كل دا أثر فعلاً علينا بشكل سلبي، وخلي التعاطف رفاهية ... هتلاقي شوية ناس شايفين إنهم اللي أولي بالتعاطف لأن مشاكلك انت بالنسبة لمشاكلهم ولا حاجة ... وناس تانية هيمارسوا التعاطف بشكل زيادة قوي أو مثالي جداً، لدرجة أنهم هيخلطوا بين الهوية بتاعتهم وهوية الشخص اللي بيتعاطفوا معاه ... وناس تالته مفهومهم عن التعاطف هوا "الشفقة" ودول طبعاً هيأذو الطرف الآخر في أغلب الأحوال بحسن نية.




طيب أعمل ايه عشان أكون متعاطف، بس مبقاش بعملها كدا؟



زي ما قلت قبل كدا وهفضل أقول في كل مناقشة، كلمة السر دايما "التوازن"



بالنسبة للتعاطف أحقق التوازن دا ازاي؟


عن طريق ممارسة "التعاطف اليقظ".



دا ليه علاقة باليقظة والتأمل اللي اتكلمنا عليها قبل كدا؟



بالظبط كدا ، الله ينور عليك ... كل حاجة هنتكلم عليها بعد كدا في مناقشتنا هتكون من منظور "اليقظة" ... نيجي بقي "للتعاطف اليقظ" ... أهميته في انه هيساعدني احتوي الشخص اللي قدامي من غير ما أذوب في المشكلة بتاعته ... لإن الذوبان في مشاكل الآخر، للأسف هتسبب لك مشاكل وتسبب للآخر مشاكل زيادة كمان ... وبدل ما كان عندنا مشكلة واحدة لشخص واحد، بقي عندنا مشكلتين تلاته أربعة لشخصين.


التعاطف اليقظ كمان هيرفع من مستويات السعادة بتاعتي انا كمان، لأني لما هعمله بشكل يقظ هيأثر في الطرف الآخر ويهديه ... وساعتها هحس اني عملت انجاز في اني ساعدت شخص آخر ... لا وايه كمان، ساعدته بأقل مجهود، اللي هوا مثلاً سمعته بس بأخلاص واهتمام ... وفي نفس الوقت مأذتش نفسي.



معلش الناس بتأذي نفسها ازاي وهي بتتعاطف؟



في نوع من أنواع الصدمات النفسية أسمه (الصدمة بالإنابة) حاجة كدا شبه الإيحاء، ومعني الصدمة دي، أني أشوف مثلاً حادث قدامي وحد توفي وحد تاني اتجرح وحصل خسائر متعددة في الحادث دا ... الطبيعي ان الناس اللي في الحادث يكونوا متأثرين ... وطبيعي برضه أني احس بالتعاطف معاهم والرغبة في مساعدتهم حتي لو كانت مساعدة بشير أو لايك أو دعاء ... اللي مش طبيعي أني ابتدي اتقمص دور الضحايا اللي موجودين في الحادث، واعيش التجربة بتاعتهم في خيالي، كأني بالظبط كنت جزء من الحادث ... هنا انا بيحصلي نفس الصدمة النفسية بتاعتهم، بس بالايحاء ... وبتحصلي نفس الاعراض النفسية اللي بتحصل لهم، بل من الممكن تكون أسوء لاني هنا بقيت فريسة لأفكار في خيالي، مش واقع حصل بالفعل حتي لو كان الواقع دا مأساوي ... وزي ما بنقول دايماً إن الضحك معدي، كذلك الصدمة النفسية معدية، عشان كدا، مهم جداً أمارس "التعاطف اليقظ"، اللي يخليني مقدر إحساس الطرف الاخر ومتفهمه، لكن في نفس الوقت مش مستغرق فيه لدرجة اني اسقط الاحداث علي نفسي أو أعيش نفسي في نفس الحالة المزاجية والظروف وكأنها جزء مني.



طيب ازاي أطبق "التعاطف اليقظ" عملياً؟



دا سؤال مهم، بعد ما فهمنا، ندخل في التطبيق العملي... خلينا نتخيل ان في موقف حصل لشخص قريب منك، ومحتاج انك تقف جمبه، مهم جداً انك يكون عندك وعي/ يقظة بالحاجات دي:


طاقتك النفسية


وقتك


منظومة القيم بتاعتك


منظومة القيم بتاعت الطرف الاخر


عمق العلاقة بينك وبين الطرف الآخر



عشان تتطبق التعاطف اليقظ عملياً ... مهم جداً يكون عندك وعي/ يقظة بالحاجات دي، قبل ما تعمل "التعاطف اليقظ"



أولاً: طاقتك النفسية


لو حالتك المزاجية مش مستقرة، وحاسس انك مش هتكون مسيطر علي انفعالاتك، وحساسيتك عالية (ودا بيحصلنا كلنا عادي) ساعتها وقف، وخد نفس عميق كدا ... اعتذر عن تقديم الدعم لو اطلب منك ... أو متحاولش تعرضه لو مطلبش منك ... لانك لو حاولت تقدم الدعم لحد و أنت حالتك النفسية مش مستقرة، هيحصل انك هتتعاطف معاه بزيادة، واحتمال كبير تكون أكثر عرضة للصدمة بالإنابة/ الإيحاء اللي اتكلمنا عليها في مناقشتنا السابقة.


طيب ما هوا في الفترة الحالية كلنا مخنوقين وطاقتنا النفسية في الأرض، دا معناه ابعد عن صحابي واللي يكلمني يفضفض أقفل معاه؟



مش بالظبط كدا، لإن الحالة اللي بتكلم عليها ليها علامات، وانت تقدر تحكم علي نفسك اذا كان عندك طاقة نفسية ولا لاء ... ممكن كمان تحدد بناء علي قابليتك انك تسمع للشخص دا، وقدرتك علي المناقشة والمناهدة، والحالة المزاجية بتاعتك، هل انت غضبان، حزين، حاسس بالملل، الحاجات دي كلها ممكن تحدد طاقتك النفسية عاملة ازاي... دا غير طبعاً لو عندك أعراض زي فقدان الشهية، أو زيادة الشهية، أو أرق او نوم كتير، صداع، عندك أي اعراض جسدية مأثرة علي مزاجك العام.



ثانياً: وقتك


أغلي حاجة ممكن تديها لحد هوا وقتك ... وأغلي حاجة ممكن تاخدها من حد هوا وقته ... الوقت أهتمام وبتقدمه بدون مقابل، بشكل غير مشروط، عشان كدا لو قررت أدي وقتي لحد، المفروض يكون بكل أهتمام وحب وتقدير للطرف الآخر... وكذلك الطرف الآخر المفروض يقدر العطاء دا ... عشان السيناريو المثالي دا يتحقق ... أنا محتاج أخطط وقتي صح، وابقي واضح مع نفسي ومع الآخرين في الوقت بتاعي ... ومحاولش أعمل شجيع السيما وأعمل كذا حاجة في نفس الوقت ... لإن اهتمامي وتركيزي مع الشخص اللي بقدمله الدعم هيقل، بالتالي هأذيه ومش هكون في الحقيقة بدعمه ... مثال: انك تكون بتتكلم معاه وبتسمعه وفي نفس الوقت بتعمل حاجة تانية، ساعتها الشخص هيحس وانت كمان هتاخد وقت أكبر في تقديم الدعم لأنك مش مركز، في حاجة كمان مهمة ... متحاولش تدفع اللي حواليك تمن وقتك ... لو قررت تقدم الدعم لحد، هوا اولاً قرارك، و مسئوليتك اللي المفروض تعملها علي أكمل وجه عشان متأذيش الطرف الآخر ... لو بتعمل دا وفي دماغك انك هتلاقي شكر من الطرف الآخر ... او بتعملها بتوقع انها هتتعمل معاك، النتيجة ممكن متكونش مرضية بالنسبة لك.



يا سلام، يعني انا ابقي دايماً بقف جمب اصحابي، ولما اقع مستناش حد يقف جمبي؟ طب فين التوازن اللي بتتكلمي عليه؟



لما التوقعات بتختفي التوازن بيحصل بشكل تلقائي وبدون مجهود وسعي أنه يحصل... لما يكون الدافع الحقيقي للفعل (انك قادر تعمله) مش انك المفروض تعمله... ولا انك مضطر تعمله ... ولا انك محتاج تعمله، ساعتها بيكون فيه توازن، والطرف الآخر بشكل ضمني وغير معلن هتلاقيه يبادلك نفس الطريقة والاهتمام واذا دا محصلش بعد مرة والتانية، أكيد مش هيكون عندك وقت لشخص بياخد بس، واهتمامك هيروح تلقائي لعلاقات دعم تانية متوازنة... بس ساعتها برضة مش هتندم ولا هتمارس أي نوع من أنواع الضغط علي الطرف الآخر، لأن في الحقيقة دا كان قرارك.



ثالثا: منظومة القيم بتاعتك


ببساطة، منظومة القيم بتاعتك، هي مجموعة القناعات اللي بتأثر علي قرارتك وطريقتك في التعامل مع المتغيرات الكتيرة في حيات، ومنظومة القيم دي، نابعة في الأساس من التنشئة بتاعتك، ومن المجتمع اللي انت عايش فيه ... فيه منها متأثر بالقوي الإبداعية المكونة لشخصيتك ... أي كانت منظومة القيم بتاعتك، هي قيمك انت، مش محتاج تبررها، تغيرها، او تعدلها عشان أي حد، ومش المفروض تفرضها علي حد... خليك واعي دايماً بقيمك... لان التصرف عكس القيم، حتي لو كان شكله حلو بالنسبة لك أو ممتع من باب كسر القواعد، هوا في الآخر هيقلل من مستويات السعادة الشخصية بتاعتك، لأن عملية تعديل وتغيير منظومة القيم مؤلمة وبتستهلك طاقة نفسية عالية، بالتالي هيأثر علي قدرتك علي التعاطف اليقظ مع الآخرين ومع نفسك... واقصد هنا انك برضه تاني، هتكون عرضة للإصابة بالصدمة بالإنابة/ الإيحاء ... اذن احترام قيمك والحفاظ عليها جزء كبير من الحفاظ علي سعادتك الشخصية.


رابعا : منظومة قيم الطرف الآخر


عشان تتعاطف بشكل يقظ مع الآخرين في العموم ... محتاج تخلي بالك من اختلاف قيم الآخر ... مش لازم تكونوا متفقين في القيم ... لكن مهم انك متحاولش تفرض قيمك، أو تتأثر بقيم الآخرين، وطبعاً دا سيناريو مثالي ... لكن ممكن جداً يتحقق لو انا سألت نفسي... هل أنا قادر اقدم الدعم لحد مختلف عني في القيم ولا لاء؟ ... هل انا قادر علي تقبل الاختلاف ولا لاء؟... هل هراعي الحساسية الثقافية للشخص دا ولا لاء؟ ... هل الشخص هيتقبل الدعم مني انا بذات بقيمي ولا لاء؟



محاولة الإجابة علي الأسئلة دي بشكل مثالي، هتكون مؤذية ليك وللطرف الآخر ... خليك دايماً واقعي ومتحاولش تضغط علي نفسك أو تضغط علي الآخر.



بس انا حاسس ان الكلام داه يكون فعلاً صح، لو انا بحاول اتعاطف مع حد بعيد عني قوي مش في مجتمعي او دايرة تأثيري، مفيش سابق معرفة اصلاً؟



بشكل ما اللي بتقولو مظبوط... كل لما كان الشخص قريب في دائرة التأثير بتاعتك، كل لما القيم بتاعتي بشكل ما كانت مشتركة، ودا هيسهل عليك جداً انك تمارس التعاطف اليقظ... اللي من أهم عوامل نجاحة اني اقدم الدعم للناس القريبة مني الأول ... لأن غالباً هيكون عندي أدوات ومعلومات أكتر عشان اقدر اتواصل معاهم ... وعشان كمان احتمالية انهم يقبلوا مني الدعم هتكون أكبر ... كل ما كانت العلاقة بيني وبين الطرف الآخر سطحية أو بعيدة، للأسف انا معرض ان يحصلي برضه الصدمة بالإنابة وحاجة كمان تانية اسمها "إرهاق التعاطف"، ودا بيجي بسبب الشعور بالعجز انك مقدرتش تتعاطف مع الشخص دا او تساعده ... وفي الحقيقة انت من الأول مكنتش هتقدر، لأن مثلاً، الشخص دا ممكن يكون شخصية عامة حصلها مشكلة وانت عمرك ما هتقدر تتواصل مع الشخصية دي، عشان كدا مهم تحدد حدود ونطاق قدراتك وعلاقاتك عشان تبقي حاسب خطواتك كويس.




بكدا لو فكرت كويس في طاقتك النفسية ... ووقتك، ومنظومة القيم بتاعتك وبتاعت الآخر ودرجة القرب بينكم ... هتقدر تعمل (التعاطف اليقظ) وهتحمي نفسك من أي مشاكل او اضطرابات في مستويات السعادة بتاعتك في المستقبل.



إذا واجهك أي تحدي اثناء تطبيق التعاطف اليقظ، يمكنك التواصل معي لنفتح شباك السعادة سويا... أضغط هنا!


ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات شباك السعادة - happiness window

تدوينات ذات صلة