هل يمكن لوباء كورونا أن يعيد صياغة أسلوب العمل عن بعد؟
هل تمنيت يوماً أن تكون ذاك الشخص الذي يجلس بارتياح في مقهى ما يحتسي فنجان قهوته المفضلة ويتناول وجبة غدائه ممضياً ساعات عمله بعيداً عن المكتب؟لا يكون هؤلاء الأشخاص عادة من رواد الأعمال أو العمّال المستقلين بل موظفين عاديين مثلك! الفرق أنهم يحظون بمرونة أكبر في أماكن عملهم مما تسمح به الشركة التي تعمل بها، إضافةً إلى أن طبيعة العمل الذي يقومون به تسمح لهم بفعل ذلك معظم الأوقات.ولكن، ماذا لو أخبرتك أنك كمحاسبٍ أو أستاذ يمكنك فعل نفس الشيء -أي الاستمتاع بإنهاء مهامك الوظيفية في مقهاك المفضل مع فنجان قهوة أو بينما تتناول غدائك- بالطبع نستثني من حديثنا هذه الوظائف التي تتطلب تفاعلاً بشرياً بشكلٍ مباشر كالممرضين وعمّال خطوط الإنتاج.
أعمال تختبر امكانيات العمل عن بعد:
مع تفاقم الوضع الوبائي فيما يتعلق بوضع كورونا المستجد، أجبرت الشركات على تطبيق استراتيجية العمل عن بُعد، في سبيل احتواء الفيروس ومنع انتشاره، ومؤخراً اتجهت الشركات إلى النظر جدياً في إمكانيات العمل عن بُعد والتقنيات التي قد تسمح بتطبيقه. إنه إثبات مفهوم لمزودي التقنيات المماثلة للسماح للشركات باختبار وتعديل هذه التقنيات بما يتناسب مع مصلحتها.وبما أن مزودي التقنيات سيسمحون للشركات والأعمال باختبار التقنيات والتعديل عليها، سيعني هذا اتجاه نحو تطوير تقنيات أكثر تطوراً لخدمة الشركات والأعمال والتحوّل نحو العمل عن بعد، إن ثورة في قطاع العمل والتكنولوجيا على وشك الظهور.في الفترة ما بين 2005 و2017 كان هنالك ارتفاع في نسبة العمل عن بعد وصلت إلى 159% وفي عام 2015 ما يقارب ال 3.9 ملايين موظف أمريكي كانوا يعملون عن بعد، أما اليوم فقد ارتفع هذا الرقم ليصل إلى 4.7 مليون عامل عن بعد وبصيغةٍ أخرى ما نسبته 3.9% من السكان.
الشكل أعلاه يوضح النسب في نمو التوجه للعمل عن بعد بالترتيب بدءاً بآخر خمس سنوات، ثم آخر 10 سنوات وانتهاءاً بآخر 12 سنة مضت.
ظهور تقنيات معدّلة حديثة
بطبيعة الحال، يرافق ظهور أي تحديات جديدة، ظهور حلول لتخطيها، وبما أن التقنيات عن بعد ستصبح خياراً تميل له الشركات -بفضل تأثير الحجر الصحي والخوف المنتشر- موجة جديدة من التقنيات التي يُعتمد عليها ستحقّق نجاحاً سيدعم العمل عن بعد للعديد من القطاعات ومنها التعليم ( وقد نشهد تسارعاً في ظهورتطبيقات الواقع الافتراضي والواقع المعزّز من أجل تحسين جود التفاعل البشري).أول عقبة تتبادر إلى الذهن ستكون البنية التحتيه ولكنها ليست أمراً سيثير القلق في السنوات المقبلة خصوصاً مع التطورالسريع الذي تشهده سرعة الإنترنت والأجهزة الحديثة.
مستقبل عمل أكثر مرونة
متى ما بدأت الشركات بتطبيق الإجراءات والمعايير الجديدة في العمل عن بعد وتضع ثقتها في التقنيات الحديثة، العمل من المنزل قد يصبح قاعدة السلوك العادي الجديدة!قد يتبادر إلى ذهنك السؤال التالي: مالذي منع الشركات والأعمال من تطبيق هذه المنهجية من قبل وحتى الآن؟الجواب هو، مقاومة التغيير، والتفكير في كلفة التغيير هذا والمخاطر التي قد تنطوي عليه. ولكن في اللحظة التي أصبح هذا التغيير مفروضاً – أي العمل عن بعد- بدأت الامور بأخذ شكلٍ آخر، وكلما زاد فهمهم كيفية تطبيق هذه المنهجية، زاد إدراكهم للمنافع والإمكانيات التي يقدمها هذا التغيير.
التوسع في الأعمال الحرة "أسلوب حياة الحاسب المحمول"
مع مستقبل مليئ بالارتفاع المتسارع في التقنيات التي تدعم العمل عن بعد، سنشهد ارتفاعاً كبيراً في الاعتماد على العاملين بالتعاقد أكثر من ذي قبل، ستتخذ الشركات اجراءات لاعتبار العمّال بالتعاقد قوى عاملة أساسية، وتوظيفهم سيصبح اعتيادياً جداً ومقبول على مستوى واسع، هذا بفضل أوبئة مثل كورونا أجبرت الشركات على تطبيق منهجية العمل عن بعد، وأظهرت إثبات المفهوم للإمكانيات الخفية لهذه المنهجية.هذه فرصة عظيمة للعمّال البارعين في مجال عملهم أن يتمعنوا في فكرة فتح مشروع ذو صلة بمجال عملهم وخبراتهم عبر الانترنت.
منافع العمل عن بعد:
بعيداً عن العيب الذي يخطر على بال العديد منا عند الحديث عن العمل الافتراضي، الا وهو، قلة التواصل البشري، دعونا لا نتغاضى عن حقيقة أن التقنيات المستقبلية قد تحل هذه الإشكالية ( حتى بدون حلول تقنية معقدة، شخصياً لا أرى أي اشكالية في تفاعل لاعبي الفيديو سوية بشكل تكتيكي دون الحاجة للتواجد في نفس الغرفة فعلياً).
ولكن فلنلق نظرة على الآثار الإيجابية والسلبية للعمل عن بعد على الأعمال والشركات في حال أصبح مطبّقاً بشكلٍ موّسع:
1- السفر المحدود للاجتماعات والمؤتمرات:من ناحية التكاليف سيكون لهذا أثر إيجابي من ناحية التكاليف للشركات ولكن أثر سلبي على مجال السفر على الرغم من أثره الجيد على البيئة.
2- تقليل فضاءات العمل:مما يعني تقليل كلفة الإجارات، بالنسبة للشركات هذا سيقلّل من أعباء مساحات الاصطفاف والمنشآت...إلخ.
3- تفاعلات أقل مع الموارد البشرية وعملية توظيف أسهل خاصة عندما يصبح اكتساب المواهب مؤتمتًا بمساعدة تقنيات الذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة التي تؤثر على اختيار المرشحين المناسبين.
4- صعود وازدهار الأعمال الافتراضية حيث لن تحتاج الشركات إلى وجود مادي لتشغيلها ، تخيل وجود فريق مكون من 100 موظف يعملون من بلدان مختلفة بدون مكتب واحد؟
5- التأثير على سلوك الشراء لدى الزبائن مما يؤثر على طرق البيع. عندما يصبح العمل عن بعد هو الاعتيادي الجديد، سوف يتأثر نمط الحياة والتفاعلات التجارية أيضًا. على سبيل المثال ، تم بالفعل تغيير سلوك المستهلك في الصين وقد لا يعود.
قد يرى بقية العالم نقاط انعطاف مماثلة. لاحظ الرئيس التنفيذي لشركة Alibaba يونغ زانغ:
"منذ سبعة عشر عامًا ، شهدت أعمال التجارة الإلكترونية نموًا هائلاً بعد السارس. نعتقد أن الشدائد سيتبعها تغيير في السلوك بين المستهلكين والشركات وسيوفر فرصًا لاحقة. لقد لاحظنا أن المزيد والمزيد من المستهلكين يشعرون بالراحة في تلبية احتياجاتهم المعيشية اليومية ومتطلبات العمل من خلال الوسائل الرقمية. نحن واثقون من الرقمنة المستمرة لاقتصاد الصين ومجتمعها ومستعدون لرؤية الفرصة لبناء الأساس للنمو طويل الأجل للاقتصاد الرقمي لشركة علي بابا. "هل سيكون العمل عن بُعد رائعًا وفعالًا مثل العمل من المكتب يومًا ما؟
حسنًا ، قد ينظر الجميع إلى الجانب المظلم أو المشرق منه. سألت صديقي الذي يعمل في مكتب مساعدة في فيرجينيا بالولايات المتحدة الأمريكية عن كيفية تأثير السفر على عمله. أجاب بسعادة أنه كان يعمل من المنزل على مدار العامين الماضيين وهو أمر رائع ، فالشركة منظمة تمامًا وتكيفت مع النهج والتكنولوجيا المناسبين لجعلها تعمل. ما رأيك في مستقبل العمل عن بعد؟ كيف يمكن لوباء مثل COVID-19 أن يؤثر بشكل إيجابي على مستقبل الوظائف؟ والشركات؟
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات