تأثير الوباء على مستقبل الأعمال وعلى عملية البيع والشراء
تأثير الوباء على مستقبل الأعمال وعلى عملية البيع والشراء
لقد تسللت إلى العالم أزمة عالمية تعد الأخطر منذ زمن بعيد ، حيث أن فايروس كورونا قام بإجتياح حواجز المكان و الزمان و الحدود بشكل عام ، تطورت عدة أمور كنا قد اعتدنا عليها بشكل تقليدي ، و لكن بعد هذه الأزمة التي تم استحداثها فيما يتوافق مع الوضع الوبائي ، فإن التوجه نحو العمل المرن أي (عن بعد ) بات حديث العالم ، بلا شك حدثت هذه التطورات بشكل مفاجئ ، و الآن أصبح هذا الأمر إجباري لغايات صحية ووقائية لتقليل الإزدحام و التجمعات بين الموظفين أو حينما يفرض حظر تجول ، لم تطبق بعض الشركات هذه المنهجية من قبل و لكن أثناء جائحة كورونا اضطرت بعض المؤسسات التي ترفض هذه الآلية على تطبيق مبدأ العمل عن بعد ، في هذا المقال سأتحدث عن أهم التغييرات التي سيشهدها العالم بعد فايروس كورونا ومدى مرونة العمل عندما يتحول عن بعد ، سواء كنا موظفين أو أرباب عمل .
أولاً ، لن تكتشف الشركات إمكانيات العمل عن بعد إلا بعد أن تقوم باختبارها و معرفة مدى جاهزيتها ، حيث أن العمل المرن سيحول نقطة التقاء الموظفين إلى منازلهم ، و إن نظرنا للزاوية الأقرب من الموضوع سنجد أنه مجدي من حيث التكلفة المادية للنقل (المواصلات) التي ستقل في حالة العمل عن بعد ، و من ناحية أخرى يعد ضمان أكبر لصحة العاملين ، حيث أنه يعتبر إحدى خيارات العمل البديل التي تضمن استمرارية العمل حتى في أسوأ الظروف ، لا نستطيع إنكار أن بعض الشركات رفضت هذه الآلية في بداية الأمر و راهنت على فشلها ، ولكن بعد أن تبنتها و لاحظت نتائجها الإيجابية ، فقد أقرتها كمنهجية بديلة ، و في المستقبل سوف تصبح هي الأساس ، و بسبب هذه الآلية ظهرت تحديات عديدة لكن لن ندعها تقف عائق أمام نجاح تلك المنهجية ؛ لذا تم استحداث حلول مخطط لها بشكل جيد ، و من هنا نتوصل للنقطة رقم 2 .
النقطة الثانية تنص على تطور حلول الأعمال المقدمة من قبل شركات التكنولوجيا و شركات البرمجيات ، بما أن هنالك تحديات عديدة و على وجه الخصوص في المجال التقني كما ذكرنا سابقاً ، لذا ستعمل شركات البرمجة على استحداث منصات و برمجيات لحل هذه المشاكل ، و ستبذل أقصى جهدها لتسهيل العمل ، مما ينعكس على أداء الموظفين ليعملوا بكفاءة عالية ، و من ضمن هذه التكنولوجيات التي ستسهل عملية تواصل الموظفين بين بعضهم :- Augmented Reality & Virtual Reality
و في ذلك الصدد أيضاً ، يعد تطبيق مثل هذه التكنولوجيا في عدة مجالات سيكون ضروري و مساعد بشكل كبير لأنها تعتبر أداة تم تطبيقها لخفض التكاليف و لحل مجموعة لا بأس بها من العقبات التي قد تواجه العمل
ثالثاً ، ظهور منهجية عمل جديدة، عندما نستطيع تخطي التحديات التي تواجهنا ستصبح الآلية أكثر مرونة و سلاسة ، ستختفي آلية العمل التقليدية التي تجمع بين المدير و الموظفين في نفس المكان ، فهناك طرق متعددة للإستفادة على أوسع نطاق من العمل المرن ، منها الإستفادة من شبكات الإنترنت المتعددة والمتاحة و أيضاً التخلص من روتين الذهاب إلى المكاتب و التواجد داخل بيئة العمل، حيث الإكتفاء بإنجاز العمل من المنزل و حسب ، سوف نلاحظ الثقة الكبيرة التي ستحتل العلاقة بين المدراء و الموظفين و السبب ؛ لأنه جميع الأدوات التي يحتاجونها في إنجاز المهمات متوفرة لديهم ، هذا يشجعهم على الإبتكار و الإبداع ؛ بسبب تولد نماذج عمل جديدة غير الإعتيادية ، لذا أصبحت منهجية العمل تعتمد على المرونة بشكل واضح، مما يجعلها تنعكس على الإنتاجية التي سترتفع، و كل ذلك لتوفر الراحة في إنجاز العمل من منازلهم مما يحقق مستوى عمل أفضل و أرقى.
نمو الأعمال عبر الإنترنت و هذا ما تنص عليه النقطة الرابعة ، التي تتمحور حول الوظائف الجديدة التي قد تستحدث للعمل عبر الإنترنت بسبب تغيير المنهجية التقليدية ، حيث ستتغير آلات عديدة من الوظائف أو بشكل أدق ممكن أن تلغى ، و بالتالي سوف نلاحظ وجود ما يسمى بالشركات الإفتراضية ، تخيل نفسك كصاحب عمل تتابع أداء موظفين شركتك و أنت مستلقي على الأريكة في منزلك ، حيث يقوموا الموظفين بتأدية الوظائف الموكولة لهم بكل مرونة و حماس ، وبلا شك سيكون هذا التحول من مصلحتهم كعاملين حيث سيعود بالمنفعة على المنشأة ، من ناحية توفير المال و الوقت و الجهد .
وإن تطرقنا لمجال التعليم ، نجد أن كسره للحواجز التقليدية داخل الصفوف الدراسية مهم جداً في هذه المرحلة ، حيث يستطيع أبناءك تلقي الدروس عدة مصادر محلية و عالمية دون مشقة ، لنفرض أن شخصاً ما قد درس اللغة الإنجليزية الأمريكية و كان يقطن في تايلند مثلاً ، حيث بإمكانه أن يدرس الطلاب مادة اللغة الإنجليزية الأمريكية في شتى أنحاء العالم وهو على ذات المقعد أي عبر الإنترنت ، هذه المنهجية ستطبق بشكل رئيسي عندما تتحول المدارس إلى إفتراضية و إلكترونية ؛ كي تقدم التعليم مرئياً عبر الإنترنت دون أن يقطعوا متراً واحداً خارج غرف نومهم ، و في قطاع التعليم تعتبر المنهجية الحديثة هي فرصة للإستغناء عن التلقين و الاستعاضة بالأسلوب التفاعلي الحديث دون تعريض الطلاب لأي خطر صحي في ظل أزمة كورونا ، حيث أن هذه المنهجية تصبّ في مصلحة الآباء إن كانوا أيضاً عاملين ضمن منهجية العمل المرن ، لن تقلق حينها عندما تجد أبناءك يتلقون تعليمهم بجوارك و أنت تنهي مهام عملك في نفس المكان.
النقطة الخامسة ، فيما يتعلق بشأن التأثير على سلوك البيع و الشراء ، بما أن الشركات ستحول آلية عملها إلى خارج الشركة و النطاق الفيزيائي ، سنلاحظ أن نمط البيع و الشراء سيتغير أيضاَ و سيسلك الطريق ذاته عبر الإنترنت ، حيث بإمكانك أن تتصفح مخزن من المنتجات و أنت في مكانك و اختيار حاجتك خلال دقائق معدودة ، لقد بدأ هذا الأمر في عام 2008 و وجدنا عدة شركات تسهل علينا عملية الشراء عبر الإنترنت مثل جولي شيك و غيرها ، حيث تعد هذه الفكرة وليدة جديدة في الوطن العربي و لكن تطورت و اتبعت بشكل ملحوظ في الآونة الأخيرة ، خاصة أثناء أزمة كورونا ، عندما منعت الأسواق و المتاجر من فتح أبوابها ، حيث بإمكانك طلب أي سلعة تريدها و معرفة جميع تفاصيلها من خلال هاتفك و بنقرة واحدة ، من المتوقع أن تختفي عملية الشراء التقليدية من الأسواق و التواجد بين ازدحام السير ، ستوفر عليك النزول من المنزل و الذهاب بشكل مطول إلى المتاجر ثم التجول لساعات طويلة في نفس المكان و الخروج دون شراء شيء لعدم
توفر ما ترغب به
.
بتطبيق الواقع المضاف على نموذج قد طورته عبر تطبيق على الهاتف المحمول ،IKEA لقد بدأت شركة حيث بإمكان أي شخص أن يختار قطعة أثاث معينة يريد اقتنائها في منزله ، ثم يقوم بمعاينتها في المكان المخصص داخل المنزل ليطبق وجودها بشكل حقيقي إن كانت تتلائم مع ألوان المنزل و أثاثه ، عبر الهاتف بإستخدام تقنية الواقع المضاف و كل هذا قبل أن تصل القطعة إلى المنزل ، إذن في مرحلة ما سيتقلص وجود المحلات التجارية التقليدية و سيعتمد على العمل عبر الإنترنت سواء كان بالتوصيل أو البيع والشراء ، و هذه تعد من أبرز التغيرات التي سنراها في المستقبل عند تغيير المنهجية بشكل كامل و تتحول الى مرنة عن بعد.أعتقد بأن أي شخص يتوهم بأن العالم سيعود إلى ما كان عليه قبل أزمة كورونا سيكون متأخر عن باقي الشعوب فكرياً ، لذا ما هو مطلوب منا أن نستحدث أفكار ريادية و نطبقها لكي لا تستنزف كل من الموارد البشرية و المادية ، أي الخروج بأقل الخسائر الصحية مع ضمان استدامة الإقتصاد ، و هذا يعتمد على قدرتنا على تحويل التحديات إلى فرص و استثمارها كي نواكب كل ما هو جديد و يعود بالنفع على الوطن و المواطن
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات