مع تجدد الطحن اليومي للمرأة ما بين البيت وهمومه ومسؤلياته، وتدني الشعور بها، ومطالبة بمواصفات خارقة تصبح واجب وبلا تقدير، هذه محاولة لإشعال شمعة على الطريق





أحيانا لا يشعر الظالم بظلمة، لأنه تربى على ممارسات ظالمة يظن أنها من حقه أو وضع طبيعي , ممارسات ناتجة عن قناعات معينة شكلت لديه تصور وشعور لقيم باطلة مجتمعية عرفية, وظلم الرجال للنساء، و النساء للنساء بأسلوب التربية في مجتمعنا، فيه ظلم خفي عموما بسبب أسلوب تعايشهم وتعاملهم مع المرأة. منها:

إعتبارها خادمة , مهمتها خدمة البيت والزوج والأولاد، مما يستهلكها بطريقة كبيرة، لا يدع لها مجال للتفكير أو عمل أي شيء خارج نطاق الأشياء التي حولها، وللأسف ليس منها الإنسان الذي هي مكلفة برعايته, بل يصبح عالم الأشياء والجمادات محط الإهتمام والجهد، في زمن كثرت فيه الأشياء لدرجة تستهلك الإنسان في خدمتها .


فيصبح الغسيل والكوي وحوض الجلي والجدران والفرش والأرضيات، وكل ما يتعلق بالبيت (الذي هو مؤكد يحتاج رعاية واهتمام يومي لتحقيق النظافة التي هي عنوان الإيمان ) شغلها الشاغل!

برنامج اليوم والليلة للمرأة حافل بين البيت والفرن وماكنة الغسيل، ثم .. الأطفال وشؤونهم التي لا تنتهي ! وكل هذا شيء مفروض بحكم الزمن الاستهلاكي المليء بالمظاهر والماديات , وعدم تعاون الرجل مع المرأة في هذه الشؤون المنزلية وضرب مثال أمام الأبناء، ليصبح البيت واجب جماعي لا مخصوص بتلك الزوجة والأم التي ينتهي يومها وهي تعمل كالخادمة، لا وقت أو أعصاب للإهتمام بما يرقى بروحها وعقلها وأبنائها وزوجها ..


قليل من التوقف وسنرى كم نحتاج الرحمة والإعتبار لهذا الإنسان (المرأة) إذا أردنا أن نبني الإنسان داخل أسرنا التي تعيش حالة طحن يومي لا مسبوق .


كثيراً ما يلفت نظري الحديث عن رسول الله صلوات ربي وسلامه عليه في السؤال عن ماذا كان يصنع في بيته بعدة طرق منها : من رواية هشام بن عروة عن أبيه ، قلت لعائشة : ما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصنع في بيته ؟ قالت : يخيط ثوبه ، ويخصف نعله ، ويعمل ما يعمل الرجال في بيوتهم ..

وحدثنا حفص بن عمر حدثنا شعبة عن الحكم عن إبراهيم عن الأسود قال سألت عائشة ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يصنع في أهله؟ قالت: كان في مهنة أهله، فإذا حضرت الصلاة قام إلى الصلاة..(البخاري).


هذا مع الأخذ بعين الإعتبار مشقة النبوة والرسالة وتنظيم أمور وهموم الدولة(خليفة) ! مع وجود تسع زوجات ! وليس هناك من عمل كثير فكل واحدة منهن لها حجرة ليست بالحجم ولا الأثاث الذي يحتاج عمل ومشقة كما في أيامنا.


ملحوظة: أحيانا عندما أناقش هذه الأفكار مع بعض النساء تأتيني تعليقات: ولماذا هي موجودة ؟ ولماذا إذا تزوجها اذا لم تكن حياتها مسخرة لخدمة البيت والزوج!

من تزوج لإنه أراد خادمة لتخدمة وجسد ليمتعه فسيحصل على هذا لكن لن يطول نعمة الزوجة حقاً عندما تكون الزوجة سكناً ومودة, التي ما أكثر ماهي بعيدة عن بيوتاتنا في هذا الزمان المليء بالتوتر والضغط إلا ما رحم ربي.


فهل من توقف ومراجعة لأحوالنا وأولوياتنا ؟

فاتن

ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات فاتن

تدوينات ذات صلة