سلسلة من التدوينات بعنون "الهبة الأنثوية" تفاعلا مع شهر أكتوبر للتوعية بسرطان الثدي
في الأيام المهلة، وهي عادة الأيام التي تسبق أي عملية جراحية، حيث يعطي الطبيب للمريض أياما ليقرر قراره الأخير حول إجراء التدخل الجراحي، في تلك الأيام، كان أكثر ما هو حاضر في خاطري: هل تراني أفقد شيئا من أنوثتي بعد العملية الجراحية؟
ولما صارحت طبيبي بهذا الهاجس، قال لي: وهل الأنوثة مجرد عضو؟
حقا، لا أعرف، ولعلي عشت عمري كله ربما لا أعرف إجابة هذا السؤال: هل الأنوثة أعضاء، أو شكل جمالي، أو هرمونات متوازنة ومنوعة؟!
لا غرو، أن كل أنثى -ومنذ أن تتذوق الحس الأنثوي الجميل فور تفتحه- تصير تعيش مدى العمر هاجس أن كل ما يحدث لها سيؤثر حتما على أنوثتها! بل، إنها قد تتخذ قراراتها في كل مجالات الحياة بناء على مدى تأثر هذه الأنوثة: هل ستخسرها؟ أم تحتفظ بها؟ أم تعززها؟
عند دخول فصل الشتاء من كل عام،و في منظر الماء وهو يحتمي بالأرض مطمئنا، تحضر الأنثى، الأنثى ذات الكونية: الخصوبة، الانتظار، الارتواء، ثم التفتح ينعا بإذن الله. المشاهد تعبق بالخصيصة الأنثوية المتمثلة في تحدي المتغيرات والاستمرار في البقاء الزاكي والعنيد، إذ هكذا وجود الأنثى لم يُستهل دون مشقة، ولن يخلو أمرها من الجهد أبدا.
الأنوثة "طبيعة" تسري في الأنثى لكي تقدم للحياة استقرار الاختلاف والتنوع. وهذه الطبيعة الأصيلة لن يؤثر فيها انتقاص بعض أجزائها، لأنها تتمتع بخاصية التعويض النفسي والفكري، فخيال الأنوثة يستقر في الأركان المتألمة من الجسد ليقدم للروح مساحة تتعزّى بها.
ولست هنا أتحايل على قدر الله، فيما لو تحققت الإصابة بأي مرض قد يؤثر على أعضاء الأنوثة في جسد المرأة، غير أنني أبتعد لأقترب من فكرة "الهوية" الأنثوية، أو ما أسميه في هذه التدوينات: بالهِبة الأنثوية.فالهبة منحة من الله لتقبع في جسد لن يتقبلها غيره، وفي روح تزداد بها نضارة، وفي عقل مولّف على التعايش بين التناقضات التي ستشغل حياته. هذه الهبة الفريدة المفردة – شأن كل الهبات الربانية – لا يمكن تقويتها بعوامل من خارجها، إنما هي لا تزكو إلا بالإنفاق، فكلما مارسنا وظائف الأنوثة تم تفعيل خصائصها، ومن ثم شعرت الأنثى بكمال أنوثتها وأن لا مرض خطير أو استئصال جراحي يملك أن يمنعها من عيش لحظة الأبدية في الأنوثة.
قد لا يسركِ أن أقول بأن ما يخرج منك لن يعود إليه، ولكنها حقيقة يجب أن تتقبليها! لا تظن أنثى بأن التركيبات الصناعية: كعمليات التجميل، يمكنها أن تكسر واقع أنها قد فقدت بعض جسمها الأنثوي! وكل أنثى تهرب من قبول أنها في خسارة جسدية ما، فإنما هي تقتل إيمانها بذاتها، الذي يتجاوز "عضوا، أو تشكيلا، أو هرمونات" كلها مؤقتة كلها داخل الجسد الأنثوي الأعمق.
قد ترين الفكرة في التدوينة هنا بعيدة عن أن تشعري بها، حسنا، قد كنت مثلك حتى زمن قريب، ولكننا سنكتشف معا على تعاقب التدوينات ما أشكل علينا في فهم أنوثتنا، لأن القاعدة في الأنوثة: أن الشعور بها هو تمام تصوّرها، ولهذا ، فالأنوثة، فهي ليست فكرة وجودية قابلة للتحلل، إنما هي "هِبة" مترسخة في ذات التخليق الأنثوي، ولا يمكن بحال تبديل هذا الخلق بفعل أي تطفل، بما في ذلك تطفل "السرطان" على جسد الأنثى.
وكنوع من الاستعانة بمصادر خارجية، أعترف بأن الشيكولاتة بطعم الورد ستكون رفيقتي خلال الكتابة! إنها منعشة وأنثوية بامتياز
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات