عن قلوبنا التي تشتاق إلى وجود سيدنا محمد ﷺ حولنا وسط ما نعيشه من بلاء واختبار دنيوي!
بينما أنا على فراشي أتدبر مواقف الألم التي عشتها، والبلاء الذي يحاصر إخواننا في العالم من حولنا، وكل هذا الشتات بين أتباع الدين الواحد، خطر على بالي سؤالٌ غريبٌ.. ماذا لو كان سيدي النبي محمد ﷺ قد اختار البقاء في الدنيا حينما خيّره ربّه قبل أن يقبض روحه!
قال رسول اللّه ﷺ: "إِنَّ عَبْدًا خَيَّرَهُ اللَّهُ بَيْنَ أَنْ يُؤْتِيَهُ مِنْ زَهْرَةِ الدُّنْيَا مَا شَاءَ، وَبَيْنَ مَا عِنْدَهُ، فَاخْتَارَ مَا عِنْدَهُ".
شعورٌ غريبٌ احتل صدري، مزيجٌ من الإحساس بالتمني والشوق والأنانية، باللّه من ذا الذي قد يختار البقاء في تلك الدنيا ولا يذهب إلى الرفيق الأعلى؟ بالطبع لا أحد، ولكن شوقنا لحبيبنا فاق كل حد.
لو حدث، لكانت حياتنا تحولت بشكل غريب، تخيّل أنك كلما اختلط عليك شيء في دينك تستمع إلى توضيحه من الذي تلقى الوحي على عقله وقلبه، وحينما تشتد الصعاب على إخواننا نلجأ إليه ليرشدنا إلى الطريق الصواب، وتصبح زيارتنا إلى حضرته ركنًا أساسيًا في رحلتنا إلى البلد الحرام، نصلي خلفه في الحرم فنستمع إلى تلاوة عطرة للقرآن وكأنها نعيم من الجنة قد هبط على الأرض.
ستصبح المكافأة الأكبر لقلوبنا حينما ننجز أمرًا ما، بأننا سنزور سيدنا النبي ﷺ، وحينما تملأ عقولنا الضوضاء ستهدأ بمجرد النظر إلى وجهه البشوش المبتسم، ويا حظ ونعيم من كان له شرف أن يحضر مجالسه كل يوم في قلب المسجد النبوي، ولكننا كنّا سنشعر بالسعادة أيضًا إذا ما حضرناها في التلفاز لبعد المسافة -نحن لسنا بطماعين، وستصبح جملة «إحنا زارنا النبي» التي يتداولها المصريون كتعبير عن الضيافة والترحاب فرصة يمكن أن تتحقق يومًا ما!
كنّا سنصبح صحابة له أيضًا، ولن يتميز عننا أسيادنا أبو بكر وعمر وعثمان وعلي ومعاوية بأنهم رأوه ولم نره نحن، كنّا سننافس أبا هريرة في من يحفظ أحاديث أكثر عن سيدنا محمد ﷺ، ونسأل حضرته بدلال المحبين ليخبرنا من أذانه أفضل سيدنا بلال أم نحن!
أما فلسطين؟ فما كان لنبي اللّه أن يتركها وحدها أبدًا، وهذا كفيل أن يحررها من قبل أن تُحتل من الأساس، لكنها حكمة اللّه في أرضه، ونحن بحكمته راضون.
أعتقد أنه لولا وفاة سيدي محمد ﷺ لكانت الاختبارات أسهل، وأن من اختبار اللّه لنا أن نعيش بدونه ﷺ، فيظهر مننا المؤمن والمنافق، ويصبح الاختبار أصعب حينما تدخل الاختبار بدون مُعلّم لك تثق فيه وحده، وبالطبع الجزاء أكبر بإذن اللّه إذا نجحنا في الاختبار.
لكن الآمال ما زلت كبيرة، أن هناك لقاء لا نتفرق بعده، في رحاب الجنة نقص على رسولنا الكريم ﷺ كيف كانت حياتنا صعبة بدونه، فيخبرنا ﷺ أنه لا فراق بيننا بعد هذا اليوم مرة أخرى.. يا ربّ ندخل الجنة!
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات