الحب ليس استسلاما للراهن، ولا خجلا من إعلانه، الحب شِرعة الإنسان ليحيا، وهو الضوء الذي يهزم الضغينة.

" الحب عِلّة مشتهاة لا يودّ سليمها البرء، ولا يتمنّى عليلها الإفاقة، أوله هزل وآخره جِد، دقّت معانيه لجلالتها عن أن توصف فلا تدرك حقيقتها إلا بالمعاناة، وليس بمنكر في الديانة، ولا بمحظور في الشريعة".لم يكن ابن حزم في دفقاته الشعورية في كتابه( طوق الحمامة في الأُلفة والأُلّاف) بمنأى عن ملامسة كنه المحبة واستبار آفاق المُشكل الوجودي الذي زامل الإنسان منذ هجعة الميلاد، فقدحاول الإنسان مذ خُلق من طين الأرض، يحاول أن يُذيب برودة الجفاء وزمهرير الأسى في حالة تعالق أنطولوجي، وتوحُّد صوفي مع ذاته، فكان العاشق الذي يصيّر روحه سياجًا كثيفًا لقمّة تتنزل أطرافها على الذكريات، ويستدرج الماضي بوصفه ولعًا قديمًا، تتقاسمه الأمسيات، وتعيشه فضاءات تنفث من بين الأصابع.هكذا يصنع المحبّون أحلامهم، وتمسي الخطوات مجسًّا في جرح لا يلتئم، هي خطوة هنا، لكنها خطوة هناك حيث نافذة مشرعة على الخيال حيث السنونو يذرف دمعاته، فيهذي العاشق بأحزانه، يسترق في المساءات ومضة تلمع في الخاصرة كرعشة الطفولة، فيستحيل إلى بتلات ورد منفرط. غير أنه أسلم تحت سدفات الليل أغنيته لشجرة صفصاف عند نافذة من أحب.وها نحن نذكر الحنين كما السطوة، تتجرعنا مثلما دواء ليس له غيرنا، فتكبر فينا المدن التي غادرها محبّوها، نستعيد الدروب الأولى للقدم، نعتصم بالذكرى لنغطي عُري النفس مما يثوي في دهاليزها". وهل كانت الحياة ما يعيشه أحدنا_ كما يروي غابرييل ماركيز_ بل هي ما يذكره، وكيف يتذكره ليرويه؟ومع كل حنين نخلد لأصواتنا، وحين نستيقظ من أحلامنا نرثي ببهاء الدمع ألمًا انطوى في دواخلنا، واستلقى في الصدور، وفي اليقظة نحيا أشواقنا بنبل الذكرى.لماذا بعدَ هذا الفيض المطرَّز بندى الحب وسوسن الطيبة نجأر بسِفر الكراهية، ونمضي في اغتيال الياسمين، ألنواري في تشققات النفس تجارب المحبة وكأنها خطايا اجترحت برسم اللعنة؟ أم تُرانا نخبئ أشواقنا كي تبقى حلمًا بِكرًا في أقاصي الروح نربأ بالواقع أن يفسده ويلوث إشراقاته، لست أدري؟؟


ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

"الحب شِرعة الإنسان ليحيا، وهو الضوء الذي يهزم الضغينة" .. شكرا لك دكتور على هذا الجمال المحب .. أحبك الله وحبب خلفه فيك .. ( طوق الحمامة )كتاب جميل جدا في وصف الحب المتعفف ، ولكم وددت أن أعرف سر تسميته بطوق الحمامة !

إقرأ المزيد من تدوينات دكتور عيسى برهومة

تدوينات ذات صلة