الكثير من العواقب يفرضها علينا مجتمعنا رغم أن الشيء الوحيد الذي تقوم به هو تعطيلنا ونتفق كلنا على كرهها ورغم ذلك لا نجرؤ على إزالتها!!

أتعرف أولئك الناس ذووا الهيئة المميزة الجالسين ليل نهار في المقاهي التي تقام فيها الندوات والجلسات الأدبية والشعرية؟ غالبا ما يشربون القهوة السادة ويرتدون عوينات مستديرة ويمسكون في أيديهم مفكرات صغيرة سوداء اللون ليوحوا لك أنها تعج بالأشعار في حين أنها في الحقيقة مليئة "بالشخابيط!"


حصر المجتمع الكثير من الوظائف أو الصفات في مظاهر معينة فقط لا غير وكأن بدونها لا تكتمل تلك الصفة! كمثلا أن تكون مثقفا لا يعني أنه يمكنك الاكتفاء بالقراءة والاطلاع فقط! فلا بد من أن تكون ممن يشربون القهوة ولا بد أن تكون "على الريحة" أو "سادة" لزوم العمق!! عليك كذلك أن تتحدث بالفصحى في غير محلها وأن تتكلم بأناة وهدوء يثيرا أعصاب من أمامك! ولا تنسى بالطبع العوينات وحركة لمس إطارها من منتصفه أثناء كلامك ليبدو عميقا حتى وإن لم يكن كذلك! وحتى إن كانت نظاراتك في مكانها لم تنزلق ولم تحتاج لاعادتها لمكانها الذي لك تتركه من الأساس..


أو مثلا أن تكون "دحيح" ومتفوقا في دراستك لا بد أن تكون من أولئك الخجولين وأن ترتدي قميص كلاسيكي وتغلق زره الأول وبالطبع العوينات مهمة هنا ليكتمل مظهر المتفوق في دراسته!!

كذلك الأطباء وكذلك الرسامين وغيرهم من الناس أو الصفات التي وضعها المحتمع في قوالب محدودة لا يمكن لها أن تتغير أبدا إلا بتغير المجتمع ذاته وبتغيرنا نحن جذريا..


هل تساءلت مطلقا عن سبب تدني المستوى الثقافي بالنسبة للكتب الموجودة والكتّاب الحاليين؟ سأجيبك أنا.. معظم الكتاب الحاليين لا يكتبون لأن ذلك شغفهم مثلا أو لأنهم حقا يحبون الكتابة ويؤمنون بها وبأهميتها وتأثيرها! لا بل إن معظمهم يقومون بالكتابة ليظفروا بالمكانة الاجتماعية المرموقة للكتاب، ليظهروا وكأنهم أكثر الناس ثقافة وعلما! ليتباهوا بمعنى أوضح!! لهذا ضاع الهدف الأساسي للكتابة.. أن تصلح ما تراه خاطئا في مجتمعك بقلمك..


بالطبع هناك من يجدون أنفسهم بالفعل بين الأوراق والكتابة، وهناك من يكون طرازهم الذي يحبونه هو الذي يقول عنه الناس الطراز الرسمي للمثقفين!، أو من يحب القهوة بالفعل وليس لمجرد التباهي أو تصنع العمق! ما العميق في القهوة لا أفهم!! أنا أيضا من محبيها وممن كتب عن جمالها الكثير ولكن لما قد يرغم المرء نفسه على ما لا يحب لمجرد أن يظهر عميقا!


بنفس المنطق لا أفهم أبدا السبب في فرض فرع علمي معين على الطلاب من قبل أهلهم لمجرد ألا يصبح " أقل من ابن خالته" حتى وإن لم يكن إبنهم يريد دراسة ذلك الفرع من الأساس!


لمجتمعنا سخافات يجمع الكل على أنها مضرة أكثر من كونها نافعة وعلى الرغم من ذلك لا يجرؤ أحد منا على تغيرها! ماذا لو أخذنا المبادرة أنت وأنا!؟ ماذا لو نجحنا وتمكنا من التخلص من تلك السخافات وقيودها!

حينها سنتحرر من أغلال كثيره وأهم خطوات الحصول على الحرية هي أولها " أن تستطيع اتخاذ القرار"


undefined
undefined
undefined



ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات داليا أحمد

تدوينات ذات صلة