ما بين الماضي والحاضر سؤال يجول بالخاطر عند الحديث عن العلاج بالموسيقى هل هو مصطلح حديث أم قديم ؟
فنحن نعرف أن العرب قديما اشتهروا بحب الغناء , وعندما استقرت الحياة بعد الإسلام عملوا على مواكبة التطور في فن الغناء و الموسيقى واستحداث الآلآت الموسيقية وتطويرها ووضع القواعد الموسيقية في اللحن و الأداء .ومن بعض هذه الآلآت , كما ذكر ابن خلدون في مقدمة كتابه....المزمار ويسمونه الشبابة
"وهي قصبة جوفاء بأبخاش في جوانبها معدودة ,ينفخ فيها فتصوت" .
ومن أحسن آلات الزمر... أيضاً, البوق "وهو من نحاس , أجوف في مقدار الذراع , يتسع إلى أن يكون انفراج مخرجه في مقدار دور الكف في شكل بري القلم ", ويخرج الصوت منه ثخيناً.
ومن ناحية آخرى كان الأطباء المسلمون من طليعة رواد الطب , وبين ثنائية الطب و الموسيقى ,امتزج علم الطب وعلم الموسيقى و أسس العلماء والأطباء العرب ومنهم الرازي (854–932) والفارابي (870-950) وابن سينا(980-1037) مبادئ علمية تتعلق بالعلاج الموسيقي للأمراض النفسية و العقلية, ومنها المالنخوليا وهو الإفراط في التفكير و الهذيان والخوف من شيء لا أساس له , ولم يقتصر ابن سينا استخدام الموسيقى على الأمراض العقلية و النفسية ولكنه ايضاً أوصى بها لتسكين ولمعالجة الأرق .
بذل العرب قديما جهدا أكاديميا مميزا في العلاج بالموسيقى، فقسموا النغمات والأوتارحسب تأثيرها على أعضاء الجسم, كما قال الكندي " كل وتر يؤثر في جزء أوعضو معين في الجسم".وانشأ العرب قديما بيمارستانات ( مستشفيات ) للعلاج بالموسيقى و كان العازفون يعزفون مقامات مختلفة بحسب حالة كل مريض، إذ هناك مَن يتأثر بمقام الحجاز وآخر بمقام الكرد وهكذا، كما شرح العازف والمغني الجزائري بدر الدين قطاف .
أم في الوقت الحاضر لم يعد العلاج بالموسيقى معروف أو مألوف كما كان قديما عند العرب, نسبة قليلة تهتم بالعلاج بالموسيقى بشكل جاد ويأتي إهتمامها من حاجتها له, أي من الأشخاص الذين يعانون من مرض ما أوعائلاتهم التي تتابع حالتهم, لا من عامة الناس. ويمكن القول أنها ثقافة غير دارجة في الشرق الأوسط, على عكس الغرب الذين بحثوا و تعمقوا به وأصبح شيئاً متعارف عليه بين بعضهم البعض ويعتمدون عليه في المستشفيات و المراكز وللتعرف على إناس جدد مثل جملةً يستخدمونها لكسر الحاجز في اللقاء الأول " قل لي ما هي موسيقتك المفضلة ؟ لكي أعرف ماذا تشعر".
لكن لا ننكر أنه يوجد نسبة جيدة في الدول العربية بدأت العلاج بالموسيقى من جديد وتؤمن به و تستخدمه كعلاج مكمل, وأصبح دارجاً كتخصص يدرس في الجامعات والمعاهد الموسيقية .
المصادر- كتاب مقدمة ابن خلدون- مقابلة المعالجة رولى البرغوثي- مقابلة المعالجة ميرندا هلس- منصة رصيف 22
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات
أعجبني مصطلح العلاج بالموسيقى , يمكننا القول أننا في كثير من الأوقات نتعامل مع الموسيقى كعلاج لأنفسنا من دون أن ندرك أننا قمنا بأستخدامها لعلاج أنفسنا .
وكما ذكرتي في مقالتك أن الموسيقى قُسٍمت إلى أوتار وأنغام ومقامات لتكون مناسبة للحالة المرضية للمريض والأجزاء التي تُحدث تأثير بها في أجزاء الجسم وهذا الشيء صحيح 100% واليك الدليل , فعند سماع الموسيقى الهادئه أو الحماسية أو العاطفية ....الخ فأنها تؤثر علينا تدريجاً وتندمج مع أنفسنا من دون أن نشعر بذلك , فسماع الموسيقى الحماسية تعطيني أندفاع كبيراً وحماسياً
وهذا سببه يعود بأن هذه الموسيقى تم عزفها ضمن مقام أو طبقة لها تردد معين يتم ترجمتها في أدمغتنا عن طريق الخلايا السمعية قيستجيب الدماغ من خلال فرز الهرمون المسؤول عن الحماس والتحفيز أو ما يطلق عليه علمياً ب هرمون (الدوبامين)