تتحدث هذه المدونة عن ظاهرة سفاح القربى وكيف انه علينا معالجتها ومواجهتها في مجتمعاتنا

لقد هزت قضية الطفلة ذات ال١٢ عاماً الشارع الفلسطيني واحدثت ضجة إعلامية اسكتتها تصريحات النائب العام الذي منع تداول القضية او الحديث فيها واغلاق الملف على صفحات التواصل الاجتماعي ولكن ان كنا سنغض الطرف عن هذه القضية ولن نغوص ولن نطالب بتفاصيلها ولا بحيثياتها فإننا لن نستطيع ان نغض الطرف عن هذه الظاهرة بشكل عام ولم يعد الموقف يتحمل الصمت او التغاضي، فهذه المشكلة والتي بدأت كأحداث عارضة أصبحت ظاهرة ويمكن للباحث ان يقرأ الكثير والكثير من قصص سفاح القربى وزنا المحارم التي خلقت لنا افراداً مشوهين نفسياً يتجولون بيننا ونتعايش بينهم وكأنهم قنابل موقوتة بانتظار ان تنفجر في أيه لحظة.

ان ظاهرة سفاح القربى وزنا المحارم ليست حديثة ولا خاصة بالعصر الحديث انما هي نتاج تاريخ طويل وقد كان من المسموح في فترات تاريخية معينة ان يتزوج الأقارب والذين هناك صلة دم بينهم من بعضهم البعض فعلى سبيل المثال ففي بلاد الفرس عام 490"م" ظهر فيها أحد رجال الدين الزراد شتيين ويدعى "مزدق" وقام بثورة دعا فيها إلى إباحة الزنا بالمحارم ،وقد ناصره الملك "كفارة الأول" (488-531) فى دعوته وفى الهند القديمة كان زنا المحارم منتشراً فكان "بوث" أحد الملوك عشيقاً لأخته ، وكان "أجسى" أشهر ملوك الهند القديمة – ابن ابيه وأخته فقد تزوج الأب بابنته فأنجبت له وطبقاً لما جاء في أسفار اليهود لم تكن هناك محارم من جهة الأب ، فكان يجوز الزواج بالعمة وابنة الأخ ، بل الأخت لأب ، فقد تزوج "عمرام" عمته "يوكابد" فولدت له هارون وموسى ،وتزوج "ناحور" أبنة أخيه هارون ،هذا إضافة إلى أن زنا المحارم كان منتشراً لدى العديد من القبائل والجماعات البدائية مثل قبائل "كمبوديا" و "الإنكاس". ولكن مع تطور الحياة والحضارة اختلف الأمر وكان لظهور الإسلام دوراً مهماً في الحد وفي منع هذه الظاهرة حتى ان القرآن الكريم أوضح بالتفصيل درجات القرابة وعلاقتها بالزواج ولم يكن الامر متروكاً لحكم البشر او تدخلهم وفي الديانة المسيحية وبعض الحضارات اليوم فإن زواج الأقارب ليس مباحاً وحتى ان كانت قرابة من درجة بعيدة ويعتبر هذا الامر معيب وغير مسموح.


وقد يخيل لنا ان القانون واضح وصريح بشأن هذه الممارسات وانه لا بد من ان المعتدين والذين تسول لهم أنفسهم بالاعتداء والتحرش بالفتيات والنساء من ذات العائلة قد تم سجنهم ومعاقبتهم ولكن الواقع يختلف عن ذلك تماماً فبحسب التحقيقات الصحفية بهذا الخصوص والتتابع مع الضحايا وجد انه يتم اغلاق الكثير من هذه القضايا وتجريم الضحايا من النساء ومعاقبتهن بالسجن فالقانون " وفقاً لمقالة منشورة على موقع راية " يقف بجانب المجرم وليس الضحية، كما حصل في دعوى قضائية رفعتها الأم على بناتها وزوجها في منطقة الشمال ،إذ كان يقوم الأب باغتصاب اثنتين من بناته وهن في سن صغير، وحين نضجت الفتاتين حملت إحداهن من والدها لتقوم الأم برفع شكوى على بناتها وزوجها، واتخذ القانون حكم بالإفراج عن الأب المجرم بكفالة مالية ،و سجن الفتاتين وأمضيتا مدة زمنية طويلة أطول من المدة التي يقتضيها القانون.

ان الاعتماد على القوانين في حل هذه المسائل لم يعد يجدي نفعاً واؤمن ان حل أي مشكلة مجتمعية لا يأتي سوى بنشر الوعي وتغيير الأجيال الصغيرة وتفقيه الأمهات وتعليمهن لان الام هي خط الدفاع الأول لأطفالها وان السبيل لحل المشكلة يكمن في وضعها على طاولة النقاش وان لا نقبل السكوت ولا التستر على مثل هذه الأمور فالأسرار العائلية وما يحدث في داخل البيوت المغلقة ينعكس على المجتمع ويعود هؤلاء الافراد لمجتمعنا مشوهين نفسياً وفكرياً، فكيف لطفلة قد تعرضت للتحرش او الاغتصاب ان تتعايش بشكل طبيعي مع مجتمعها وواقعها وكيف لنا ان نحمي أطفالنا ونسائنا من بيوتهن والتي من المفترض ان تكون الملاذ الآمن !يقال لنا ان القانون فوق الجميع ولكن ما اراه ان القانون فوق النساء والضحايا وانه لا يدوس الا من لا يستطيع مقاومته وارى الجناة فوق القانون يجلسون ويتمادون، ان التغيير واجب من كل فرد في المجتمع وعلينا جميعاً مسؤولية في التصدي لهذه الظواهر وعلينا ان نزيل وصمة العار عن جبين الضحايا ونلزقها على أجساد المجرمين والقانون الذي لا يستطيع حماية نساءه من الذئاب البشرية التي تعيش حولنا.



ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

http://massdfsh.blogspot.com/2020/06/blog-post_25.html

ممكن نسوي باك لينك

إقرأ المزيد من تدوينات آية بهجت صرصور

تدوينات ذات صلة