لماذا يبدو البعض وكأن النجاح حليف لهم؟ ناجحون في كل شيء تقريباً؛ لماذا يملك البعض شخصيات جذابة؟ ويحبهم الكل تقريباً، هل هنالك سر يعرفونه لا نعرفه نحن؟
إذا كان هناك سر يميز الإنسان الناجح من الإنسان الفاشل فهذا السر سيكون العادات. فالناجحون يتميزون بأن لديهم الكثير من العادات الإيجابية التي تسهل عليهم النجاح بينما يملك الفاشلون عادات سلبية تقودهم للفشل.
فماهي العادة؟
يعرف علم النفس العادة بأنها "روتين سلوكي يتكرر بانتظام ويميل إلى الحدوث دون وعي."
أو بعبارة أخرى فعل الأشياء التي أعتدنا عليها بصورة تلقائية دون مجهود عقلي أو تركيز.
أمثلة للعادات:
تختلف العادات من شخص إلي آخر، لكن هذه أمثلة لبعض أكثر العادات السيئة شيوعاً: التسويف، تصفح مواقع التواصل الإجتماعي دون هدف، مشاهدة التلفاز، التدخين، السهر، تناول الوجبات الغير صحية... الخ
ماهي أهمية العادات بالنسبة لنا؟
العادات تشكل حياتك أكثر مما قد تدركه؛ العادات قوية جدا في الواقع تصبح أقوى وأقوى بمرور الوقت وتصبح آلية أكثر فأكثر فتؤثر على طريقة تفكيرنا وتصرفنا وشعورنا - والتي تغطي كل شيء نقوم به. وتتشبث أدمغتنا بها على أساس استبعاد كل شيء آخر - بما في ذلك الفطرة السليمة.
وجدت دراسة أجرتها باحثة العادات ويندي وود وزملاؤها أن ما يقرب من 43٪ من السلوكيات اليومية تتم بدافع العادة.Ino
لنوضح تأثير العادات على حياة شخصين مختلفين:
الأول عاداته السهر والاستيقاظ متأخراً والتدخين ولعب العاب الحاسوب وقتل للوقت مع أصدقائه الكسولين.
والثاني تعود على الإستيقاظ باكراً وممارسة الرياضة والإجتهاد في العمل والإطلاع في مجاله ومصاحبة الناجحين.
أيهما في رأيك الأقرب للنجاح في حياته.؟
"العادة هي الحاكم الأساسي لحياة الإنسان". فرانسي بيكون
ولكن كيف تنشأ العادة؟
عندما تقوم بفعل الشيء لأول مرة فإن دماغك يستهلك من طاقته ليمدك بالتركيز اللازم (قيادة السيارة لأول مرة مثلاً) لكن عند تكرار نفس الشيء مراراً فإن الدماغ يقوم بتخزين آلية هذا الفعل لتوفير طاقته ولتصبح قادراً على هذا الفعل تلقائياً (قيادة السيارة لعدد من السنوات) وتركز اهتمامك على الأشياء الجديدة والأهم.
وتتكون العادة من خلال المرور بثلاثة عوامل : الإشارة (الحافز) ، الروتين (التكرار) والمكافأة.
الإشارة: وهي التي تحفز بدأ الروتين مثل مكان معين، وقت من اليوم ، أشخاص محددون ، الحالة العاطفية.
الروتين: وهو الفعل الذي يحدث نتيجة الإشارة مثل مشاهدة التلفاز ، تدخين سيجارة ، أكل الشوكولاتة ، قضم الأظافر.
المكافأة: الإحساس الممتع نتيجة المواد الكيميائية يتم إطلاقها في الدماغ بسبب الروتين.
مثال:
الإشارة : يتلقى هاتفك الخلوي إشعارًا فوريًا يفيد بإعجاب شخص ما بإحدى صورك أو التعليق عليها. يعمل الإشعار كإشارة (أو مشغل) يخبرك بفحص حسابك.
الروتين: هذا هو الفعل السلوكي؛ عندما تتلقى الإشعار فإنك تتحقق تلقائيًا من الحساب الخاص بك.
المكافأة: هذه هي الفائدة التي تجنيها من القيام بهذا السلوك (على سبيل المثال ، معرفة أن هنالك من أعجب أو تفاعل مع إحدى صورك).
السعادة التي تشعر بها عند وجود تعليق جميل أو تفاعل مع صورتك تساعد الدماغ على معرفة أن هذا السلوك يستحق التذكر في المستقبل؛
ومن هنا تنشأ العادة.
ولكن هل يمكن تغيير العادات السلبية؟
الخبر الجيد نعم.
إليك خطوات تغيير العادة وإكتساب عادة جديدة :
1- الوعي:
لا بُدَّ من الوعي بماهِيَّة العادة أو العادات السلبيَّة التي تحتاج منكِ إلى تغيير، والوعي بمَدَى تأثيرها السلبي عليك وعلى علاقاتك الشخصيَّة، وعلى حياتك والآخَرين.
إكتب هذه العادات السلبية ليسهل عليك تذكرها والعمل على تغييرها.
2- النية:
التغيير يبدأ من الداخل فإذا لم تكن لك نية في تغيير عاداتك السيئة فإن معرفتك بها لن يغيير شيئاً.
﴿ إِنَّ اللهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ﴾ [الرعد: 11]
3- تغيير البيئه المحيطة:
إذا لزم الأمر إبتعد مؤقتاً أو دائماً عن الظروف والاشخاص الذين سوف يؤثرون عليك ويجعلوك تفشل فى القضاء على العادات السيئه.
4- المرونة:
لاترهق نفسك لإكتساب عادة جديدة حتى لاتمل وتيأس فمثلا لو شعرت بالتعب فلا تلغِ ممارسة الرياضة، لكن اكتفِ بـ20 دقيقة فقط.
5- الإصرار:
الإستمرارية أهم من النتائج، فلا تركز على النتائج في حتى لا تشعر بالإحباط.
6- الصبر:
لا تحدث الأشياء الهامَّة بين عشية وضحاها، وهذا أيضاً يشمل تغيير العادات؛ لذلك عندما يستغرق الأمر بعض الوقت لتغيير عادةٍ ما، يحتاج دماغك إلى مزيدٍ من الوقت لتطوير روابط جديدةٍ وإنتاج سلوكاتٍ جديدة؛ لذا لا تستسلم أبداً في أثناء انتظار تغيير هذه العادات.
إذا أحسست بالملل فذكر نفسك بمدى الضرر الذي تعاني منه بسبب العادات السيئة والفائدة التي ستعود عليك من العادات الإيجابية.
ولا تنسى الإستعانة بالله.
كم يستغرق تغيير العادات؟
هنالك إعتقادين بين رواد التنمية البشرية حول المدة التي تستغرقها تغيير العادة.
الإعتقاد الأول : قاعدة ال (21) يوماً والتي ذكرها الدكتور "ماكسويل مالتز" في كتابه "الضبط النفسي" المنشور في العام 1960. وتعد القاعدة الأكثر إنتشاراً بين رواد التنمية البشرية.
الإعتقاد الثاني : ومفاده أن تشكل العادة يستغرق من 28 إلى 30 يوماً.
يقول "جون رودز“ أحد مؤيدي هذه القاعدة “يجب أن تظل مدركًا للتغييرات مدة أربعة أسابيع، تركز خلالها على التغييرات التي ترغب في إحداثها، وبعد انقضاء هذه المدة لن تحتاج سوى القليل من الجهد للمحافظة عليها”.
ولكن بينما تتفق قاعدة ال 21 يومًا وقاعدة ال 28 إلى 30 يومًا مع رغبتنا في التغيير السريع، تشير دراسة أجرتها جامعة لندن في العام 2009 ونشرتها في - المجلة الأوروبية لعلم النفس الإجتماعي - أن نافذة التغيير قد تكون أكبر بكثير وهي مدة تتراوح بين 18 و254 يومًا لتكوين عادة ما، أي أن متوسط عدد الأيام اللازمة للوصول إلى مرحلة التلقائية بلغ 66 يوماً.
إذن لا يوجد رقمٌ دقيق لتحديد إطارٍ زمنيٍّ لإكتساب عادة أو للتخلُّص من عادة؛ فالأمر يختلف من حالة لأخرى، ومن شخص لآخر، فكلما كانت عزيمته ودافعه أقوى، وإستجابته أسرع، حدث التغيير.
"النجاح عبارة عن عادات جيدة قليلة تتكرر كل يوم ، والفشل هو بضع قرارات سيئة تتكرر كل يوم" - جيم رون.
ختاماً
إن استبدال العادات السيئة بعادات حسنة أمر في غاية الأهمية بل هو أهم شيء قد تفعله في حياتك كي تنعم بأفضل حياة ممكنة مهما كان الوقت المستغرق لإنجاز ذلك.
فالعادات السيئة يمكنها أن تعرقل استغلالك لقدراتك، وقد تسبب لك الأمراض وتجعلك شخصاً قليل الإنتاج تعيساً؛ بل إن العادات الأسوأ يمكنها أن تفقدك علاقاتك وحتى حياتك - لا سمح الله - في حين أن العادات الحسنة تعينك على إكتساب الصحة البدنية والنفسية والحيوية والسعادة والعلاقات الجيدة مع الناس والحرية المالية والنجاح في نواحي حياتك كافة.
أتمنى أن أراك في قمة النجاح حيث لايوجد هنالك زحام ❤
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات
مقال رائع جداً تحياتي لكم
شكرن