أثر الانتشار السريع لفيروس كورونا (COVID-19) بشكل كبير على قطاع التعليم -المدرسي والجامعي؛

ففي غضون أسابيع قليلة انقلب العالم رأسًا على عقب، وبالتالي كان لزامًا على المدراس والجامعات إغلاق أبوابها والتحول إلى نظام التعليم عن بُعد.


لم يكن لدى أي شخص الكثير من الوقت للتفكير في مصير التعليم في ظل الجائحة الوبائية، كما أنهم لا يملكون أي تجارب مماثلة أو سابقة للجوء إليها في اتخاذ القرارات. حيث اتبع المسؤولون في قطاع التعليم أوامر وتوجيهات حكوماتهم بالإغلاق الكامل.


لكن كيف كان تأثير هذا الحدث غير المسبوق على الطلاب؟ وهل كانت تجربة التعليم عن بُعد مثمرة؟





التعليم عن بُعد


في ظل تفشي الوباء، لا يزال مستقبل التعليم غير واضح؛ لذا قد يستمر التعليم عن بعد لفترة أطول إما كليًا أو جزئيًا. لذلك من المهم معرفة تأثيره على الطلاب وتقييم أدائهم ومحاولة تطوير الأساليب التدريسية بقدر الإمكان لتحفيزهم وتعويضهم عما يفتقدونه.


يشكل التحول للتعليم عن بعد تحديًا للمؤسسات التعليمية والكوادر الأكاديمية والطلاب على حد سواء؛ فبالنسبة للمؤسسات التعليمية فإن بعض الجامعات التي كانت تستخدم تقنية التعليم عن بُعد لم تتأثر كثيرًا بهذا الأمر، لأنها كانت تستخدم التعليم عن بعد بشكل جزئي في نظامها.


لكن في المقابل فإن المؤسسات التعليمية التي ليس لديها الاستعداد الكافي، واجهت التحدي الأكبر في تغيير أساليب التعليم التقليدية لتتماشى مع النقلة النوعية في العملية التعليمية.


كذلك فإن التعليم عن بُعد يشكل تحديًا للطلاب من نواحٍ عديدة، وقد أثرت بشكل كبير على أنماط حياتهم ونفسياتهم وعلى قدرتهم على التركيز والتقدم الأكاديمي.





العوامل التي أثرت على الطلاب بشكل سلبي في عملية التعليم عن بُعد


تشمل هذه العوامل ما يلي:


  • الأمان


تختلف الظروف والبيئات العائلية والاجتماعية التي يعيش فيها كل طالب؛ فبالنسبة للبعض تعد المدرسة أو الجامعة ملاذًا يشعرون فيه بالأمان الجسدي أو النفسي أكثر من بيئتهم المنزلية.

وإذا طُلب منهم البقاء في المنزل وإثبات قدرتهم على التعلم بهذه الطريقة فلن يستطيعوا فعل ذلك؛ لأن الطلاب لا يمكنهم التعلم إذا لم يشعروا بالأمان.


  • البيئة


لا يتوفر لكل طالب في منزله مساحة شخصية مناسبة للدراسة، كما أن التركيز بالدراسة في بعض بيئات المنزل يكون أكثر صعوبة من غيرها، وبالتالي سيكون من الصعب على الطالب

البقاء متحمسًا ومتحفزًا، حيث يتشتت انتباهه بسهولة، مما يؤثر بالنتيجة على أدائه الأكاديمي.


  • التكنولوجيا


يتطلب التعليم عن بُعد استخدام التكنولوجيا لمتابعة الدروس، وبالتالي يجب أن يكون لدى الطالب جهاز حاسوب وشبكة إنترنت مستقرة ليتمكن من فعل ذلك، لكن هذه

الأمور ليست متاحة لكل طالب، وبالتالي يعتبر ذلك أحد العوائق في عملية التعليم عن بُعد.


كذلك فإن الطلاب الذين لديهم العديد من الإخوة، سيكون لديهم مشكلة في التنسيق لاستخدام جهاز الحاسوب ليحضر كل منهم دروسه.


  • الدعم الأكاديمي


قد يقدم بعض أولياء الأمور أو الإخوة الأكبر سنًا الدعم والمساعدة في الإجابة عن بعض الأسئلة لأبنائهم، لكن في المقابل لا يستطيع أولياء الأمور الآخرين فعل ذلك

بحكم طبيعة عملهم أو لعدم تواجدهم باستمرار في المنزل أو عدم تواجد أحد قادر على تقديم الدعم الأكاديمي للطالب في المنزل.


  • الجانب الاجتماعي


يفتقد الطلاب الجوانب الاجتماعية للعملية التعليمية، حيث أن عدم رؤية الطلاب لزملائهم ولأعضاء هيئة التدريس يسبب لهم القلق والتوتر والعصبية

وفقدان التركيز، الأمر الذي قد يؤدي إلى ضعف أدائهم الأكاديمي؛ حيث أن البيئة الاجتماعية للجامعة أو المدرسة تحفز الطلاب على المشاركة والأداء بشكل أفضل.


  • الوضع الوبائي


من الصعب على الطالب التركيز مع وجود أحد مريض في منزله، فسيكون اهتمامه منصبًا على سلامة من حوله، وبالتالي لن يركز على دروسه.





تؤثر جميع هذه التحديات على الطلاب بمستويات مختلفة، ولا يوجد طالبان متشابهان في الظروف مما يجعل من الصعب على المدرسين التخطيط وتوفير التسهيلات للطلاب عن بُعد.





هل تجربة التعلم عن بعُد مثمرة؟


في الحقيقة لا يمكن تقييم نجاح التعليم عن بُعد في فترة انتشار الوباء؛ ذلك لأن ما كانت تفعله معظم المدارس والجامعات هو تحويل ما يفعلونه عادةً في القاعة الصفية إلى النظام التعليمي عبر الإنترنت، دون وضع استراتيجيات تعليمية مختلفة أو تخطيط مسبق لهذه العملية.


لذا لا يعني ذلك أن التعليم عن بُعد بحد ذاته غير فعال، بل إن الممارسات المتبعة في هذه العملية غير فعالة -على سبيل المثال، الاستماع للمحاضرة عبر تطبيق زووم (Zoom) أو جوجل ميت (Google Meet) دون تفاعل.


وبالتالي هناك مخاوف حول ما إذا كانت ممارسات التعلم عن بعد هذه توسع الفجوة التعليمية وتقلل جودة التعليم. لذلك فإن تعزيز عملية التواصل بين الطالب والمعلم في هذه العملية يعد من أهم الأمور.





الأمور التي تعيق التواصل في عملية التعليم عن بُعد؟


هناك العديد من العوامل التي تقلل التواصل في العملية التعليمية، وتشمل ما يلي:


  • عدم وجود جدول منظم للعملية التعليمية يمكن أن يؤدي إلى قلة التحفيز


يفتقد بعض الطلاب لوجود جدول منظم للتواصل مع المعلمين؛ حيث أن كثيرًا من المعلمين يسجلون محاضراتهم ويرسلونها للطلاب،

وبهذه الطريقة يحتاج الطلاب لتنظيم وقتهم بناءً على هذا. لكن نقص التفاعل يجعل من الصعب عليهم التعامل مع المواد والاحتفاظ بالمعلومات، بالإضافة إلى سهولة فقدانهم للتركيز والتحفيز.


  • بطء التواصل بين الطلاب والمعلمين


في بيئة الدراسة الاعتيادية يستطيع الطالب الاستفسار عن كل شيء يرغب به بشكل مباشر في المحاضرة أو من خلال الذهاب إلى مكتب المعلم،

لكن في التعليم عن بُعد يكون التواصل عن طريق البريد الإلكتروني ونادرًا ما يتلقون ردًا فوريًا.


  • عدم التنسيق بين الحياة الشخصية والحياة الأكاديمية في المنزل


يجد العديد من الطلاب صعوبة في التنسيق بين حياتهم الشخصية وحياتهم الأكاديمية، حيث يعانون من عوامل تشتيت الانتباه مثل مواقع التواصل

الاجتماعي والانشغال مع العائلة والأصدقاء، مما يقلل من تواصلهم مع أساتذتهم بخصوص دروسهم.


  • الشعور بزيادة العبء الدراسي


مع إلغاء الأنشطة الاجتماعية واللامنهجية يشعر الطلاب بأن مدرسيهم يكلفونهم بمزيد من العمل أكثر من المعتاد،

لكن سبب شعورهم بذلك أن لديهم العديد من الأمور الأخرى التي عليهم القيام بها في المنزل كمساعدة الأشقاء الصغار في في أداء واجباتهم المدرسية والمساعدة في أمور المنزل.


  • الفجوة الرقمية


كثير من الطلاب يعانون من مشاكل تقنية إما في أجهزتهم أو في شبكة الإنترنت مما يعيق التواصل ويعيق العملية التعليمية،

حيث أن ذلك يجعل الطالب منشغلًا في تصحيح الأعطال مما يُضَيع عليه بعض الدروس.


  • افتقاد الأنشطة اللامنهجية


يفتقد الطلاب الأنشطة اللامنهجية مثل الرياضة والموسيقى والأنشطة الاجتماعية، بالإضافة إلى التفاعلات اليومية البسيطة مثل الخروج مع الأصدقاء والدردشة

مع المعلمين بعد الفصل، وهذه أمور يصعب فعلها بالتعليم عن بُعد.




من الواضح أن الانتقال إلى التعلم عبر الإنترنت لا يخلو من التحديات وبالنسبة للعديد من الطلاب يعد النقص في التواصل والتفاعل الاجتماعي أحد أكبر التحديات في التعلم عن بُعد، حيث أن بعض المعلمين لا يستخدمون أدوات منصات التعلم بشكل فعال للتواصل مع الطلاب، ويكتفون فقط بنشر المهام وعقد المحاضرات بدلًا من السماح للطلاب بالنقاش وطرح الأسئلة في الفصل.




صافي

ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات صافي

تدوينات ذات صلة