2021 تهمس ل2020: سأكمل ما بدأته!....ورغم ذلك نواصل المسير



طوال عام 2020 حاولت أن أكتب عنه، أن أقف في وجه كل من يلعنه وينعته بأنه كئيب، ولكني ترددت ربما لأنني كنت في خبايا نفسي مثلهم: غير راضية عنه، فقد كانت أشهره الأخيرة قاسية علي، ولكن سرعان ما أتى 2021 ليهمس: "ما عشته قبلي لن يكون إلا قطرة في بحر مما سأذيقك إياه- كم كان قاسيا في أيامه الأولى- " أدركت خلالها أن 2020 ليس إلا عددا في رزنامة الأيام!




2020 يشبه كثيرا باقي الأعداد المكونة من أربعة مراتب، وهو في التاريخ الميلادي شبيه بما قبله وبما يليه: عام من 365 يوما، غير أنّه علقَ في أذهان البشرية جمعاء لأن المصيبة كانت واحدة، تمثلت-كما نعرف جميعا- في وباء كورونا والذي حجرنا لأشهر طوال داخل منازلنا و أوقف الحركة المعتادة لجميع القطاعات، ولكن ما يؤخذ على الناس هو أنّهم جعلوا من هذا العدد -أو لنقل العام- شمَّاعة علّقوا عليها كل أمر سيّء حدث معهم، ونسوا أن القادم قد يحمل أشياء أفضع، ولربما قد حملت أعوام سابقة أسوء مما حمله لنا هذا العام، كذلك غفلوا على أن ما أصابنا ما هو إلا قدر من أقدار الله وما علينا إلا الرضى.



دعوني لا أطيل ولا أبحر في هذا المجال، و لأنتقل معكم لتجربتي الشخصية مع 2020:

في الحقيقة 2020 كان بالنسبة لي عاما أُغيث فيه قلبي، من بدايته أتى محمّلا بالخيرات، موسوما بالشغف: شغفٌ بالقراءة، شغفٌ بالعمل، وشغف بالتعلّم.

قرأت كما لم أقرأ من قبل: قرأت لأيمن العتوم، لتوفيق الحكيم، لحنان لاشين، لخالد حسيني... وغيرهم الكثير. واستمعت لكتب صوتية كثيرة على غرار كتب مصطفى السباعي، فأخذت القراءة بذلك جزءً كبيرا من وقتي خلال العام.

وخلاله أيضا كان شغفي بالعمل كبيرا- معلمة أطفال- كنت أستمتع بكل لحظة أقضيها مع تلاميذي، واستحوذ العمل على مساحة كبيرة من تفكيري فكان شغلي الشاغل، فبحثت عن طرائق جديدة للتدريس، وابتكرت أساليبا مختلفة في التعامل مع تلاميذي، فكانت 2020 بالنسبة لي نقطة محورية في مشواري العملي، لاحقا حين تم فرض الحجر الصحي وتوقيف الدراسة أدركت قيمة العمل فما ازددت إلا شغفا به!

و شغف التَّعلم رُزِقته عميما، أتعلم من كل ما حولي: مواقف، محادثات، قصص، محاضرات...وحتى أني أتعلم من الأطفال ولَكم وجدت في ذلك متعة! فهذا يجعلك تنظر للأمور بمنظار مختلف، ويغرس فيك خصلة التواضع، فتسأل لتتعلم دونما تعالٍ، ودون حرج.



أما الخيرات التي حملها هذا العام فإنّي قاصرة الحرف على وصفها، و لَربَّما محاولتي ستكتفي بذكر العناوين: خلال العام المنصرم اكتشفت جوانب إيجابية عديدة في شخصيتي، واستطعت أن أصحب ذاتي وأسبر أغوارها أن أفهمها وأستكشفها، اكتشفت جوانب مظلمة مني فأنرتها، و تغلبت على كثيرٍ من المخاوف، خلاله أيضا تمكنت من أن أحدد وجهتي وقد كنت تائهة وأيّ تَيْهٍ ذاك الذي كنت فيه! التَّيهُ الذي يقف في طريقك نحو التّعلّم، و على مرّ العام غرقت في التفاصيل فرأيت الجمال في كل ما حولي.


علّمتني 2020 أن أعمل في صمت، وأن أحتفظ بإنجازاتي لنفسي فالناس بين حاسد وشامت وقليل بينهما ينصف ما قمت به!

علمتني أن أتخفّف بالحديث مع من أثق فيهم، وأن الكتمان والكبت لا يأتيان إلا بالضرر على النفس.

علمتني أن النضج لا يأتي مطابقا لما عشناه، بل وزنه من وزن المواقف، فقد ينضج الإنسان في ليلة حملت موقفا جَللا.

علمتني أن الصداقة ولّى زمانها، والبحث عن الصديق في أيامنا هذه شبيه جدا بالبحث عن إبرة في كومة قش، والقشّ في بيت خشبي وبالتالي لا يمكن إحراقه للعثور عليها!

علمتني أن السعادة تنبع من ذواتنا، فمن كان داخله سعيدا سيسعد ولو كان كل ما حوله كئيبا، ومن كان داخله مظلما حزينا سيحزن ولو كان كل ما حوله يشع بالسعادة! والحجر الصحي خير مثال على ذلك: فبعضنا رغم كل الكآبة التي استحوذت عل العالم جعل من حجره الصحي فرصة للتعلم، والاستثمار في بناء الذات وصقلها- وفعلت أنا ذلك-

وعلمتني كذلك أن أنهار في اللحظة التي تستدعي الانهيار، وأن أبكي في اللحظة التي تستدعي ذلك، وأن أصرخ إذا لم أحتمل توائب الدهر، أما أن أتجاوزه مدعية القوة فذلك يولد ضغطا داخليا يؤثر بالسلب على الصحة!

علمتني أن أحبّ الحياة لتحبني، وأن أقبل عليها لتقبل علي، وأن أمنح الأشياء حولي الحبّ تأتيني راغمة.


علّمتني ما لا يمكنني تدوينه في مرة!

زكية أحمد

ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات زكية أحمد

تدوينات ذات صلة