ربما سمعتم عن الشخصية الإنطوائية والحساسة من قبل لكن هل سمعتم عن الشخصية المتعاطفة؟



ربما سمعتم عن الشخصية الإنطوائية والحساسة من قبل لكن هل سمعتم عن الشخصية المتعاطفة؟ أوباللغة الإنجليزية ال empath ؟ إن الشخصية المتعاطفة تُعتبر فى مرحلة أكثر تقدماً قليلاً من الشخصية الحساسة وكلاهما يتشابهان كثيراً فى صفاتهما مع الشخصية الإنطوائية.

أبرز صفات الشخصيات الثلاث:


الشخصية الإنطوائية أو ال introvert:

  • تحصل على طاقتها عن طريق قضاء الوقت بمفردها فى عزلة.
  • تُرهقها التجمعات الكبيرة.
  • لا تُحب التحدث على الهاتف فى مكالمات صوتية أو فيديو وتُفضل التواصل بالكتابة لأنها لا تتطلب رداً فورياً وبهذا تُعطى الشخصية الإنطوائية بعض الوقت لترجمة أفكارها إلى كلمات حيث أن الشخصية الإنطوائية لا تُفكر بإستخدام اللغة بل بإستخدام الأفكار المُجردة.

الشخصية الحساسة أو ال HSP (Highly Sensitive Person):

  • يتأثرون كثيراً بمشاعر الغير ومُعاناتهم.
  • يتأثرون كثيراً بإنتقاد الأخرين لهم.
  • يتأثرون كثيراً بالفن ويستجيبون له بطريقة ربما يعتبرها البعض مُبالغ فيها.
  • حواسهم الخمس تكون قوية جداً.
  • يحتاجون إلى الكثير من الوقت بمفردهم فى عزلة حتى يهدأ جهازهم العصبى من كل ما إستقبله من تحفيز حسى.

الشخصية المتعاطفة أو ال empath :

  • يستطيعون - نسخ- مشاعر الأخرين بل وأفكارهم أيضاً والشعور بها فى أجسادهم كأنها مشاعرهم الشخصية وهذا غالباً يحدث دون وعى منهم، بالذات مع الأشخاص المقربين إليهم كالعائلة والأصدقاء.
  • يشعرون غالباً بالإجهاد الدائم بسبب كثرة المشاعر والأفكار التى تأتى إليهم من حيث لا يعلمون وبالتالى يحتاجون إلى الكثير من الوقت بمفردهم فى عزلة حتى يغلقوا الأبواب أمام هذه الطاقات حتى لا تدخل إليهم فيهدأ جهازهم العصبى قليلاً ويعيدون شحن طاقاتهم.



إذاً، كيف هى الحياة كشخصية إنطوائية وحساسة ومتعاطفة؟

حسناً، على الرغم من أن كل من تلك الشخصيات الثلاث تُعتبر فريدة فى علم النفس، لأنها نادرة بعض الشىء، إلا أنها تأتى برفقة الكثير من الصعاب. فمثلاً عندما يسمع الناس لفظ "إنطوائية" ، يُفكرون دائماً فى شخص منعزل لا يتحدث إلى أحد ولا يفعل شىء سوى الجلوس بمفرده طوال اليوم كل يوم ولكن هذا المفهوم ليس مفهوم الشخصية الإنطوائية على الإطلاق بل هو مفهوم الشخصية الإنعزالية وهى ليست نمط شخصية أصلاً بل مشكلة ما فى شخصية هؤلاء. لكن الإنطوائية الحقيقية هى الحصول على الطاقة وشحنها عن طريق قضاء بعض -وأكرر: بعض- الوقت بمفردها والقيام بالنشاطات الفردية. أيضاً الكثير لا يتفهم علم الطاقة وبالتالى يكون من الصعب عليهم جداً فهم طبيعة الشخصية المتعاطفة وإمتصاصها الدائم للطاقات التى حولها والتى غالباً ما تكون دون وعى منها فتصبح وعاء فارغ لملئه بمشاعر وأفكار ليست ملك الشخص المتعاطف أصلاً!


فى النقاط التالية، أذكر بعض المشاكل التى تواجهنى كشخصية إنطوائية وحساسة ومتعاطفة.


1- شخصيتى المتعاطفة تجعلنى أُهمل إحتياجاتى من أجل الأخرين:

ذكرت من قبل أن من أهم صفات الشخصية المتعاطفة هو أنها -تنسخ- مشاعر الأخرين وتشعر بها كأنها مشاعرها الخاصة وهذا يحدث بالذات مع الأشخاص المقربين كالعائلة والأصدقاء وبسبب ذلك فإننى لا أُحب على الإطلاق أن يغضب أحد منى أو أن يكون غير راضى لأننى أستطيع الشعور بمشاعره نحوى وبالتالى إن إعترضت على شىء ما، سوف أعانى الشعور بمشاعر ذلك الشخص الغير راضية نحوى. ربما تظن أن هذا شىء جيد وهو جيد بالفعل لكن فى بعض المواقف لا يكون كذلك ويكون له ثمن باهظ على نفسيتى أنا فمثلاً بما أن معظم الناس لا تتفهم حاجتى للعزلة، فإنهم قد يعتقدون أنه إن تركتهم وجلست بمفردى لبعض الوقت لتلبية ذلك الإحتياج، فإنه بذلك أنا لا أُحبهم ولا أريد قضاء الوقت معهم، وشخصيتى المتعاطفة لا تتحمل شعورهم بذلك الشعور فبالتالى لا أُلبى إحتياجى هذا للعزلة وأظل أقضى الوقت معهم على حساب نفسى وطاقتى المستنفذة! وإن إستمر ذلك لوقتٍ طويل وتكرر كثيراً، ربما أغضب أو أثور فى وجه أحد بسبب الإجهاد العصبى الذى يترتب على عدم حصولى على العزلة اللازمة للراحة ولشحن طاقتى من جديد .


2- شخصيتى الحساسة والمتعاطفة تجعلنى دائمة الإرهاق:

كما ذكرت فى صفات الشخصية الحساسة أن حواسهم الخمس تكون قوية جداً وهذا لأن جهازهم العصبى شديد اليقظة. وبما أننى أعيش للأسف فى مكان ملىء بالضوضاء السمعية والبصرية فإن جهازى العصبى يستقبل أكثر بكثير من قدرته على التحمل فيؤدى ذلك إلى شعورى بالتعب والإرهاق شبه الدائم والإحتياج إلى النوم الكثير. بالإضافة إلى أن إمتصاص الطاقات من الأخرين فى الشخصية المتعاطفة يؤدى أيضاً إلى الإرهاق لأنه كما قلت، عليّ أن أتعامل وأعالج فى ذهنى مشاعر وأفكار الأخرين بالإضافة إلى مشاعرى وأفكارى الشخصية -وغالباً ما يتم هذا دون وعى منى أصلاً- فلكم أن تتخيلوا كمّ الوقت والطاقة الذى يتطلبه هذا!


3- المجتمع لا يتفهم إحتياجى للعزلة:

بإنتمائى إلى تلك الشخصيات الثلاث، فأنا بحاجة إلى كثير من العزلة خاصة مع عدم قدرتى على العيش فى بيئة هادئة فالصفة المشتركة والأهم بين تلك الشخصيات الثلاث هى حاجتهم جميعاً لكثير من الوقت بمفردهم تماماً حتى يُشحنوا طاقاتهم مجدداً فهى الطريقة الوحيدة لتهدئة الأعصاب. لكن لسبب ما يعتبر المجتمع العزلة إكتئاب وأن الشخص الذى يرغب فى العزلة لبعض الوقت هو شخص حزين أو لدية مشكلة ما أو أنه شخص مكتئب! ليست هذه الحقيقة على الإطلاق فأنا أعشق قضاء الوقت بمفردى فى غرفة مغلقة ومنعزلة عن العالم الخارجى وأكون فى قمة السعادة لأننى عندما أكون وحدى، لا يوجد أحد حولى حتى يُقاطع حبل أفكارى أو تتداخل طاقته مع طاقتى ولا يُشتتنى أحد فأصبح حرةً تماماً ويُحلق عقلى إلى ملكوت أخر حيث كل شىئ ممكن والأفكار وإلإبداعات لا تنضب أبداً:)



فى النهاية أتمنى من الجميع إحترام جميع الشخصيات على إختلافها فنحن، أى الإنطوائيون و الحساسون و المتعاطفون، نشعر بشبه إضطهاد من المجتمع بسبب إنتقاده لنا بل وفى بعض الأحيان عدم قبوله لنا. أنا أعلم أنه ربما تكون طبيعة شخصياتنا غير مفهومة للمجتمع لذلك كَتبت هذا المقال على أمل أن أكون قد وضّحت الصورة عن تلك الشخصيات الثلاث الفريدة وأنه لا يوجد بها عيب على الإطلاق بل إنها فقط مختلفة عن المألوف.


ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات يوستينا واصف

تدوينات ذات صلة