سيختفى كروموسوم «واى» خلال قرابة ٤٫٥ مليون سنة ماقد يعنى اختفاء الذكور من على الأرض
سيختفى كروموسوم «واى» خلال قرابة ٤٫٥ مليون سنة ماقد يعنى اختفاء الذكور من على الأرض!
إذا تتبعنا كروموسوم الذكورة على امتداد التطور البشرى فسنجد أنه يتضاءل بمعدل يثير القلق، ويبدو أنه ينحسر ويقترب من النهاية. فهل سيأتي يوم يختفى فيه كروموسوم الذكورة تماما وينقرض الرجال؟ وماذا سيحل بالجنس البشرى حال حدوث ذلك؟
من المعروف أنه توجد لدى المرأة نسختان متوسطتا الحجم من كروموسوم يدعى «إكس» (X)، وفى المقابل يوجد لدى الرجل كروموسوم «إكس» واحد، وآخر صغير يسمى «واي» (Y)، وأن هذه الكروموسومات هي المسؤولة عن تكوين الجنس فى البشر. ومن المعروف أن الجنين البشرى الحامل لكروموسومى «إكس، وواى» يطور خصيتين تفرزان هرمونات الذكورة وتؤديان لتطور الجنين كذكر عند عمر 12 أسبوعا، وقد تم اكتشاف الجين المحدد للهوية الذكورية فى كروموسوم «واى» عام 1990م.
وأثبت العلماء أن كروموسوم «إكس» الأنثوي يحمل قرابة 1600 جين، بينما لا يحمل كروموسوم «واى» بالكاد إلا بضع عشرات من الجينات، حيث لا تزيد عن 50 جينا فقط، أغلبها غير فاعل، ويتكون الجزء الأكبر منها من نسخ متكررة من حامض نووي «خردة» لا تعرف له فائدة، وأن كروموسوم «واى» بدأ بفقدان هذه الجينات منذ ملايين السنين، ليبقى هذا العدد القليل فقط في تكوين الرجل المعاصر.
تضاؤل الكروموسوم «واى»
سبق للعلماء من قبل إثارة الجدل حول انقراض الرجال نتيجة لعملية تضاؤل الكروموسوم «واى»، فما الذي حل به وجعله أصغر بكثير عن نظيره «إكس» وأفقده هذا العدد الكبير من جيناته؟ يرى العلماء أن كروموسومات تحديد الجنس كانت عبارة عن زوج من الكروموسومات العادية، وهو أمر لا يزال قائما في الطيور والزواحف. ويعنى ذلك أنه عبر الـ 166 مليون سنة الماضية فقد الكروموسوم «واى» البشرى غالبية جيناته الخاصة البالغ عددها 1600، بمعدل 10 جينات كل مليون سنة تقريبا.
وبناء على هذا المعدل، سيختفي كروموسوم «واى» خلال قرابة 4.5 مليون عام. وقد أثار هذا التقدير الذي ورد فى دراسة صغيرة نشرت عام 2002، جدالا كبيرا، وخرجت تقارير وتحقيقات صحفية تبشر بانقراض الرجال. وأعادت دراسة نشرت مؤخرا هذا الأمر للأذهان مرة أخرى بعد أن توقعت العالمة الأسترالية جينى جرايفز انقراض الرجال خلال خمسة ملايين سنة نظرًا للهشاشة المتأصلة فى الكروموسوم «واى» عند الرجال.
وأعلن العلماء أن عدد الرجال فى العالم انخفض خلال المئة سنة الماضية بصورة ملحوظة، ويعتقد العلماء أن سبب هذا التناقص يعود إلى خاصية الكروموسومات«واى» التي تتميز بهشاشتها، وإلى التغيرات الحاصلة فى الوسط المحيط والتى تضعفها وتحطمها، فى حين أن الكروموسومات الأنثوية«إكس»أمنع منها بكثير.
ويرجع العلماء انخفاض عدد الرجال إلى تقلص التيلوميرات الموجودة فى جسم كل إنسان، وهي تركيبات للحمض النووى تتواجد فى أطراف الصبغيات حقيقيات النوى، والتى تمنعها من التحلل واندماج النهايات الصبغية بعضها ببعض. وتضعف التيلوميرات عند الرجل مع مرور الزمن، فى حين أن لدى المرأة مجموعتين من كروموسومات«إكس»، لذلك عند تلف إحداها تحل الثانية محلها فورًا. أما الرجال فليس لديهم مجموعة كروموسومات «احتياطية» مما يسبب انخفاض عددها. وترى حسابات العلماء أن الرجال سينقرضون بعد مضى 5 ملايين سنة.
الدفاع عن شرف الكروموسوم الذكورى «واى»
فى المقابل، أشارت دراسة نشرت فى دورية «نيتشر»، العام الماضي، إلى أن عملية تضاؤل هذا الكروموسوم قد وصلت إلى مرحة الاستقرار. وأظهرت دراسة حديثة أخرى أن الرجل يفقد الكثير من خصائص الجينات الموجودة فى الكروموسوم «واى» بالفعل، لكن ذلك لا يعنى أنه أصبح مهددًا بالانقراض، لأنه يمتلك قدرة تساعده فى الحفاظ على الجينات الرئيسة من أجل البقاء على قيد الحياة، ولا يزال يحافظ على حوالى 19 جينا من الـ500 جين المشتركة بينه وبين الكروموسوم «إكس».
وتعمل مجموعة البحث التابعة للعالم ديفيد بيدج بدأب للدفاع عن شرف كروموسوم «واى»، مشيرة إلى أن الدراسات الحديثة أكدت عدم تعرض الجنس الذكورى للانقراض، وفى الواقع، فقد البشر عددا ضئيلا للغاية من الجينات وأن الكروموسوم الذكورى «واى» قادر على البقاء لغاية 25 مليون سنة مقبلة.
ويؤكد العلماء أنه لا داعى للخوف من فكرة انقراض الرجال، فى ظل التقدم العلمى الذى وصلت إليه البشرية، وأن هناك متسعا من الوقت لتدارك الضعف الذى لحق بالكروموسومات المهددة بالخطر.
وعلى أى حال، فإن خمسة ملايين سنة فترة طويلة جدا فى عمر البشرية، لأن الإنسان العاقل ظهر للوجود منذ أقل من 100 ألف سنة فقط، وأن هناك الكثير من الحماقات التى من المحتمل أن يرتكبها البشر، وتؤدى إلى انقراض البشرية قبل الموعد المفترض أن يتلاشى فيه كروموسوم «واى»!.
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات