لماذا يخذلنا المشاهير؟ هل كل ما نراه ليس سوى مظاهر خادعة وكاذبة؟
مع مرور الأيام يتساقط العديد والعديد من مشاهير العالم أمامنا، فنعود أدراجنا خائبين باحثين عن نجوم جدد نتابعهم ونسألهم عن آرائهم في الفن والسياسة والعلم والدين والعلاقات، ثم نعود لنصدم وهكذا دواليك...
هل الخلل في هؤلاء المشاهير الذين ظهروا على حقيقتهم فجأة؟ أم الخلل في نظرتنا نحن لمفهوم الشهرة؟ وهل الشهرة نجاح؟ وما تعريف النجاح أصلًا؟
في السطور القادمة سنستعرض العديد من الحكايا عن المشاهير لنحاول فهم النجاح والشهرة أكثر
ستيف جوبز
رجل الأعمال والمخترع والعبقري، وهو المؤسس المشارك لشركة آبل للحواسيب مع ستيف وزنياك، ومطلق ستوديوهات بيكسار للرسوم المتحركة وشركة نيكست للإلكترونيات، لقد غير وبلا جدل مسار العالم الإلكتروني، وهو كما قال عنه بيل جيتس في رسالة كان نصها: (بيل يخبر ستيف بأنه يجب عليه أن يفخر بالإمبراطورية التقنية التي بناها)
من الاقتباسات التي وجدتها لجوبز: (المبالغة في تقدير الناس وإظهار الاحترام لهم ، قد تكون دلالة على الثقة المهزوزة والشخصية الضعيفة)
وهنا علينا التوقف لحظة، لماذا يهتم أي شخص بمعرفة وجهة نظر جوبز بالعلاقات؟ والاستشهاد بها كدليل أو تدعيم للرأي؟ ما الرابط بين كون المرء مخترعًا عبقريًا وكونه خبيرًا للعلاقات؟
حياة ستيف جوبز الإجتماعية لم تكن أفضل ما يمكن، كانت علاقته بزوجته وابنته شديدة السوء، وتذكر ابنته ليزا في كتاب مذكراتها " السمكة الصغيرة" القسوة التي عاشتها بل وعدم اعترافه بها كابنة له، مما جعلها تتساءل مرات ومرات " هل كنت طفلة قبيحة لتلك الدرجة؟" وقالت عنه ابنته ليزا: "هو عظيم لنفسه وظالم لابنته"
هل لعظمة إنجازاته أن تشفع له سوء أبوته؟ هل بإمكان أحد القول إن كان ستيف جوبز جيدًا أم سيئًا؟ من يجرؤ على الجزم؟ لا أحد يعلم ولا يمكن لأحد أن يعلم، بل إنك كلما تعمقت أكثر بحياة جوبز بمعتقداته وبقيمه، بجوانبه الإنسانية تارة، وقسوته تارة أخرى، وكذلك بكل خلافاته وعثراته ستصل بالنهاية إلى كونه مجرد إنسان لا أكثر، ومن نحن لنحاسبه أو نحكم عليه؟
روبن ويليامز
لا يمكن لأحد إنكار كم كان ممثلًا عبقريًا، رسم الضحكة والفرح على وجوه جماهيره، فاز بجائزة الأوسكار لدوره في فيلم "good will hunting"، هل هذه قصة ناجحة كفاية؟
لننظر إذًا للجانب الآخر، على عكس دوره كطبيب نفسي مخلص لذكرى زوجته الميتة منذ سنين في "good will hunting"، لم تكن هذه حقيقة الحياة التي عاشها، كانت لروبن العديد من العلاقات الرومنسية الصاخبة، وبينما كان متزوجًا من الممثلة فاليري فيلاردي كان على علاقة بنساء أخريات، وفي نهاية المطاف تطلق ويليامز وفيلاردي، واجه روبن كذلك الكثير من مشاكل إدمان المخدرات والكحول، أما عن النهاية المأساوية لروبن فحسب الشرطة الأمريكية حاول ويليامز الانتحار أولًا بقطع شريان يده اليسرى عند الرسغ بسكين من طراز صغير يتم وضعه في الجيب عادة، إلا أنه لم يفلح، لذلك لجأ والمعصم ملطخ بدمه إلى شنق نفسه بالحزام، يؤكد العديد بأن الاكنئاب هو الذي أودى به للانتحار!
تتحدث اليوم المواقع الإخبارية عنه بصفته الضاحك البائس، هل يمكننا إنكار الحال البائسة التي عاشها؟ في المقابل من ينكر عظمته ونجاحه؟ ماذا نحكم عليه إذًا؟ لماذا علينا أن نحكم عليه أصلًا؟ روبن ويليامز هو روبن ويليامز بكل فيه وبكل ما له وما عليه.
أخيرًا
من الأشياء العجيبة التي تراها على السوشال ميديا: المراهقون الذين يعظون الناس ويتحدثون عن العلاقات ورأيهم فيها، ومتى يجب أن تتجاوز وتسامح، ومتى عليك الانتقام، وأتساءل دومًا ما حجم الخبرة التي يملكها هؤلاء؟ وما حجم المصيبة التي ستقع فوق رأس من يعمل بنصائحهم؟
والأمر نفسه في القنوات العائلية، التي من المفترض أن تخبرك كيف تكون زوجًا جيدًا، وكيف تكون أبًا رائعًا، ومجرد كتابتك على يوتيوب "We broke up"، ستكتشف النهاية المخيبة للعديد والعديد من العلاقات، التي قد تمتد إلى فضائح ومهاجمات وحروب لا نهاية لها، تنسف البدايات الرومانسية ومسيرة المودة والحب التي من المفترض أنها دامت لسنين!
هذه القصص ليست إلا جزءًا يسيرًا من حقيقة عالمنا، لسبب ما نفترض أن العبقري في مجال ما هو شخص عظيم في كل شيء، تؤخذ حكمة الحياة منه، لكن ما الرابط بين كون المرء مجيدًا للتصوير وإعطائه نصائح عن الزواج؟ ما وجه الربط بين كونك تقنيًا ناجحًا وبين قربك أو بعدك من منظومة الأخلاق؟
ليس عليك التحقيق مع المشاهير، أو محاسبتهم وتأويل أفعالهم ووضعها في ميزان، ولست مدعوًا لمقاطعتهم بالطبع، ولا كذلك لتعظيمهم وتمجيدهم، إن كل ما يمكنك فعله هو معاملتهم كبشر فقط لا أكثر ولا أقل، وقبل عد أخطائهم أو سماع نصائحهم، ربما عليك الالتفات لحياتك ولقائمة مشاكلك الطويلة جدًا ومحاولة التعامل معها، فهناك الكثير من (ربما) عن حياتهم، ولكن (ما لا ريب فيه) أن ما أنت محاسب عليه ومسؤول عنه هو حياتك أنت.
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات