يقولون السعادة هي أن لا تجد وقتًا لتسأل نفسك إن كنت سعيدًا أم لا!

هناك عامل مشترك يجمع بين الشخص الذي يريد ترك التدخين، والأم التي تريد من أبنائها ترك مواقع التواصل الاجتماعي، والرجل الذي يريد الابتعاد عن الشارع ومشاكله، والفتاة التي تريد التوقف عن التعلق السريع بالآخرين، هذا العامل هو الفشل!


تجمعهم الكثير من محاولات التوقف والابتعاد التي ما إن تبدأ حتى تنتهي بالفشل، ثم تكرار هذه المحاولة بشغف وعزيمة أقل في كل مرة!

لماذا؟ الجواب ببساطة الفراغ!

كل شيء نملكه يشغل مكانًا داخلنا، إزالته تعني خلق فراغ داخلنا، لذلك وفي كثير من الحالات تنتهي كل تلك المحاولات بالفشل!


ولكن هل هناك من نجح في الخلاص من عاداته السيئة؟

نعم، نجح أولئك الذين استطاعوا ملئ ذلك الفراغ، أولئك الذي استطاعوا الانشغال!


تحاول الكثير من مدن العالم التي تعاني من الجرائم والشرور شغل أبنائها لحمايتهم من الشارع!

‏ ‏مدينة "تبيتو" في المكسيك مثلًا تملؤها الكثير من الرذائل والكثير من الشرور، ‏حاول الناس في تلك المدينة حماية أطفالهم والهروب بهم من هذه الشرور عن طريق توجيههم للرياضة، وبالتحديد الملاكمة، فاشتهرت تلك المدينة بنمط قتالها الخاص الذي ابتكرته " يُقاتل كمكسيكي "، احدى الفتيات هناك تقول بأنها كانت مدمنة للكحول والمخدرات وتعاني من اضطرابات عاطفية دفعتها لمحاولة الانتحار، ولكن الانخراط في هذه الرياضة حماها، ومكنها من الاهتمام بنفسها وعائلتها!


بدل محاولة الهروب من كل السوء الذي وجدت نفسك عالقًا به، ومن كل العادات السيئة التي أدمنتها، ربما عليك إيجاد شيء للهروب إليه، ربما عليك إيجاد شيء للانشغال به! قد تساعدنا الرياضة أو الكتب أو العمل أو الشغف أو الأفلام على حماية أرواحنا! ليس علينا بالضرورة أن نكون بارعين، أو أن نجني مالًا من تلك الأعمال، بل ربما يتساءل من حولك دائمًا عن سبب تعلقك الغير مبرر بأمور "غير مفيدة" كونها لا تجلب دخلًا أو إنجازًا مرئيًا، كونها تجلب لا شيء، ولكن ذلك اللاشيء قد يكون حياتك وصحتك وسلامتك النفسية، قد لا يجلب شيئًا واضحًا ولكنه بالتأكيد قد حمانا من شر محقق.


هل الانشغال قادر دائمًا على حمايتنا؟

الجواب القصير لا، ليس بالضرورة!


قد يخلق الانشغال عادات سيئة جديدة وإدمانات جديدة، وقد يخلق نمط حياة مليء بالتوتر والقلق، ويضعنا على حافة انهيارات عصبية، فهو ليس رهانًا على أي شيء.

ولكنه يحمل بداخله أملًا بالنجاة، ولكنه يعني فرصة ثانية وهبتها لنا الحياة، يحسن بنا استغلالها وعدم إفسادها لأنها قد تكون الأخيرة!


قد تكون الفضيلة هي أن لا تجد وقتًا لارتكاب الرذيلة، وقد تكون السعادة هي ألا تجد وقتًا لتذكر الذكريات التعيسة، قد يكون الانشغال الدائم سبب نجاتنا من سوء هذا العالم!

تقوى يوسف

ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات تقوى يوسف

تدوينات ذات صلة