ليس هناك أحقر من إحترام مبني علي الخوف -ألبير كامو


كتب تميم البرغوثي عن محنة الأسرى وإضرابهم في فلسطين: (يعلم، حتى الأطفال، أن السجون السياسية لا تهدف إلى حبس المساجين داخلها، بل إلى حبس الطلقاء خارجها. يحبسون من لم يخف، ليخاف من لم يحبسوه.)


إنّ علة الخوف عندنا هي البقاء، نطلقه عندما نواجه أو نشعر بأي تهديد، في بعض الأحيان قد يساعدنا الخوف على البقاء، كالخوف من حيوان مفترس الذي يدفعك للركض هاربًا، أو الخوف من الفشل الذي يدفعك للتحضير والاجتهاد.


لكن متى يكون الخوف تهديدًا حقيقيًا لك؟ ومتى يجعلك كماريونيت يتحكم في حركاتها شخص أو عدة أشخاص مجهولين؟


يكون الخوف كذلك حين يستغل أحدهم ضعفك وخوفك وقلقك على نفسك أو مصيرك أو مستقبلك أو صحتك أو في لحظة من لحظات ضعفك.


كم عدد الأشخاص الذين قابلتهم حتى الآن متخوفون من أخذ لقاح كورونا؟ ظنًا أن هذا اللقاح قد يكون ضارا لهم على المدى القصير أو الطويل؟


كم عدد اللاجئين الذين تم إيصاد الباب أمامهم، فقط لخوف من ادعاءات وأحكام مسبقة تفيد بأن كل لاجئ هو إرهابي، أو هو المتسبب الأول والأخير في أي مصيبة أو أزمة اقتصادية؟ دون إثبات حقيقي أو دراسة حقيقية؟


لكن لماذا يستجيب الناس؟ لماذا يصدق الناس هذه البروباغندا؟ لماذا قد يفلت إنسان يد إنسان آخر ويتركه للموت دون إثبات حقيقي لضرره أو تهديده، الجواب ببساطة هو تجارة الخوف، لا تهم الحقيقة كثيرًا، من يعبأ بحقيقة تأتي محمّلة على ظهر الخوف والقلق والتهديد ؟


الجهل يقود الى الخوف، الخوف يقود الى الكراهية، والكراهية تقود الى العنف هذه هى المعادلة. - ابن رشد


الأمر ليس جديدًا أبدًا فحتى في عام 1520 كان هناك بشر عاقلون يشترون "صكوك الغفران".

مرة أخرى خوفك على نفسك أو على مصيرك أو على ميت تفتقده، قد يقودك لفعل مثل هذه الحماقات، وحتى يومنا الحاضر لا زالت صكوك الغفران وكل طرق الاتجار بالدين مستعملة ومجدية، ربما بمسميات أخرى ولكنها حاضرة في كل زمان ومكان ولكل دين فئة تتاجر به.


ولكن لماذا؟ لماذا نُصرّ دائما على فعل كل هذه الحماقات التي إذا تمعنا فيها لاحقًا وجدنا أن الأطفال أنفسهم سيدركون أنها أكاذيب؟


لأن الخوف وليد الجهل، فإن من يجهل الشيء يخافه، لنكن واقعيين كل أولئك الذين يرتعبون من نظريات المؤامرة سواء كانت على المستوى الديني أو العلمي هم أبعد ما يكونون عن طريق البحث العلمي، أو عن طريق دراسة الأديان، لكن الخوف وادعاء معرفة إجابة كل معضلة وجودية يعطي المرء الطمأنينة، قد يختار أن يخطئ على أن يعترف بجهله.


لأننا نظن أننا غير محاسبين إلا بما نعرف، فلماذا نسأل ونتعمق ونبحث ونركض خلف المتاعب؟


“لو أن المرء ليس مسؤولًا إلا عن الأمور التي يعيها، لكانت الحماقات مبرأة سلفا عن كل إثم. لكن الإنسان ملزم بالمعرفة. الإنسان مسؤول عن جهله. الجهل خطيئة.” - ميلان كونديرا


فالخوف في نهاية الأمر قد يقودك للتصرف بحماقة أو ربما يسير بك نحو الموت، ليس على المرء أن يخاف ولكن عليه بالتأكيد أن يكون يقظًا، فأنت على أي حال لن تخرج من هذه الحياة حياً!


تقوى يوسف

ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات تقوى يوسف

تدوينات ذات صلة